عماد توماس
بقلم: عماد توماس
رائد من رواد التحليل في مدرسة الكتابة التاريخية، كان مؤرخًا منصفًا، اهتم بالتدقيق، واستخدام الوثائق استخدامًا علميًا واسعًا. وكان يرى أن العملية التاريخية عملية مستمرة وليست ثمة فواصل بين عصر وآخر، فالتاريخ عنده رقائق متراكمة بعضها فوق بعض ولا يمكن وضع حد بين حقبة وأخرى.
* رفضه تصنيف التاريخ:
رفض تصنيف التاريخ على أسس دينية لكنه قال أن الدين عنصر مهم من عناصر صناعة التاريخ وليس التاريخ كله.
كان يعتقد بأن التاريخ لا يكرر نفسه، ودعا إلى عدم التعرض بالحكم على أفعال الحاكم إلا بعد رحيله استنادًا إلى أن الوثائق المهمة لا يكشف عنها إلا بعد مرور خمسين عامًا، وقد شهد الجميع بأنه كان رجلاً وطنيًا مخلصًا لوطنه، حاضرًا في كل فعل يؤكد هذا التوجه.
* تفنيده للمغالطات:
من أوائل من تعرضوا لعوامل نشأة المجتمع المدني في مصر وتطوره بدءًا بتفنيده لدائرة المغالطات التي يسعى من خلالها البعض إلى طمس ذاكرة الأمة والعودة إلى مفردات العصر العثماني عبر الترويج لعدد من الأفكار والمصطلحات ذات الصلة بأنساق قيمية وفكرية عفى عليها الزمن من تشويه لمراحل بعينيها من التاريخ المصري وإدانة مفردات المجتمع المدني إلى حد اتهام العلمانيين بالكفر والإلحاد.
يؤكد يونان لبيب رزق على أن هذه المغالطات تفقد الكثير من أسباب استمرارها مع ذاكرة تاريخية واعية، وهذه المغالطات تشكل ركنًا أساسيًا من أركان المناخ الرديء الذي تعانى منه مصر الآن مما يتطلب بذل محاولة لتحريرها، وهي محاولة تستحق مهما تطلبت من جهد ومهما عرضت القائمين بها من مخاطر!
* ذاكرة مصر:
عمل كأستاذ ورئيس قسم التاريخ الحديث بجامعة عين شمس ورأس مركز الدراسات التاريخية بالأهرام، وعضو المجلس الأعلى للثقافة والمجلس الأعلى للصحافة وهو متخصص في التاريخ المصري المعاصر والتاريخ العربي. أطلقت عليه الصحافة المصرية والمؤرخين أسم "ذاكرة مصر".
* مؤلفاته:
قدم الدكتور يونان لبيب رزق (27 أكتوبر 1933- 15 يناير 2008) للمكتبة العربية العديد من الإسهامات المهمة التي تجاوز الأربعين كتابًا منها:
الحياة الحزبية في مصر في عهد الاحتلال البريطاني في عام 1970، حرية الصحافة في مصر من عام 1778 وحتى عام 1924، الأحزاب المصرية قبل الثورة في عام 1977، الأصول التاريخية ومسألة طابا (دراسة وثائقية) في عام1983.
- طابا قضية العمر في عام 1989، قراءات تاريخية على هامش حرب الخليج في عام 1991.
الأهرام ديوان الحياة المعاصرة، في عام 1995...الخ
فضلاً عن كتاباته الصحفية وبحوثه الأكاديمية ومشاركاته في العمل الوطني التي توجها بعضويته وفد مصر في عودة طابا واثبات حقها التاريخي، وكذلك مشاركته في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991.
* جوائزه:
حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة، في عام 1995، وجائزة مبارك في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة في عام 2004.
خصصت جريدة الأهرام له صفحة أسبوعية بعنوان "الأهرام ديوان الحياة المعاصرة".
* ذكرى الصديق تدوم للأبد:
إذا كانت المدرسة التاريخية العربية فقدت هذا المؤرخ الكبير فإن عزاؤنا هو أنه ترك للأجيال من الكتب والدراسات المفيدة ما تجعلهم يذكرونه ويستحضرون سيرته ومواقفه خاصة، وأنه اكتسب احترام النقاد المصريين الرواد الذين أسهموا إسهامات تأسيسية مهمة في تاريخ الحياة المصرية الحديثة.
وافته المنية في السابعة من صباح الثلاثاء 15 يناير 2008 بعد صراع طويل مع قلبه المريض. وشيعت جنازته من كنيسة السيدة العذراء بمدينة نصر، وأقيم العزاء بالكنيسة نفسها مساء.
لم يستدل الستار بعد عنه، فذكرى الصديق تدوم للأبد...فمازلت مؤلفاته وكتاباته تتحدث... فإن مات يتكلم بعد!!
* هوامش:
• أعلام وشخصيات مصرية، الهيئة العامة للاستعلامات.
• د. يونان لبيب رزق والمزاوجة بين التأريخ والصحافة بقلم: أ. د. إبراهيم خليل.
• مصر المدنية، فصول في النشأة والتطور د.يونان لبيب رزق.
• موسوعة ويكيبديا.
http://www.copts-united.com/article.php?A=7296&I=198