حكمت حنا
• قوانين وزارة الصحة أتاحت لغير المختصين مزاولة تخصصات الطب وفتح الباب للممارسة الطبية بعيدًا عن أعين الرقابة.
• مصر لا يوجد بها قوانين منظمة لعمل الصحة سوى قوانين تعمل منذ 49 عام.
• قانون نقل الأعضاء الجديد لن يمنع المتاجرة بالأعضاء والعمليات الغير مشروعة.
• وزارة الصحة لم تحقق الدور المطلوب منها لأن الجانب التنفيذي أقل من مستوى الرؤية.
• المصحات الحكومية لا تزيد عن كونها محطة لحجز المرضى لوقت وتسريحهم مرة أخرى.
• أمصال أنفلونزا الخنازير المقترحة لن تقضي على المرض وذلك لتمحور وتطور الفيروس.
• والمصل المتوفر بالوزارة لعلاج فيروس الخنازير موجود من أيام عوض تاج الدين.
• حال الصحة بمصر جزر متباعدة، ولا إصلاح لوجود أصحاب الأوضاع الرمادية.
حوار: حكمت حنا – خاص الأقباط متحدون
زيادة الأخطاء الطبية والقوانين القديمة سببها المنظومة الطبية بمصر وعدم إصلاحها.
صدر مؤخرًا كتب جديد بعنوان (الموسوعة الفقهية في قوانين وزارة الصحة المصرية) يعد ثورة على التشريعات الصحية بمصر لانتقاد القوانين التي تسير عليها وزارة الصحة منذ عام 1960 مبينًا سبب فساد منظومة الصحة المصرية وزيادة الأخطاء الطبية بدءًا من قانون الأسنان وتنظم عمل النظارات وممارسة مهنة الطب البشري والتحاليل الطبية وتراخيص المنشآت الطبية لتتعارض هذه المنظومة مع الواقع الحالي لعدم ملائمة القوانين التي تديرها ولذلك التقت "الأقباط متحدون" بـ د. أحمد الزين وكيل وزارة الصحة للعلاج الحر والتراخيص الطبية صاحب الكتاب لكونه الأكثر جرأة في ديوان وزارة الصحة لتفنيد هذه القوانين، وتطرق النقاش لموضوعات الصحة النفسية بمصر، وقانون نقل الأعضاء، وقدرة وزارة الصحة على مواجهة فيروس أنفلونزا الخنازير، وقضايا صحية أخرى ناقشناها معه في هذا الحوار.........
* أصدرت كتاب جديد يتطرق لقوانين وزارة الصحة التي وصفتها بأنها غير ملائمة مع الوضع الحالي لمنظومة الصحة بمصر، لماذا هذا الكتاب في الوقت الحالي؟
لابد أن نعرف إن معظم القوانين المنظمة لمزاولة المهن الطبية والطبية المساعدة صدرت منذ أكثر من ستين عامًا وأن هذه القوانين تنظم عمل المنشات الطبية في وقت لم يكن المناخ العام مختلف تمامًا عن الوضع الحالي، فجميع المعطيات التي صدرت القوانين من أجلها قد اختلفت من ناحية عدد السكان الذي كان وقتها 20 مليون نسمة وكان عدد الأطباء يعد يتراوح من بين 300 إلى 400 طبيب أما الآن فعددهم 30 ألف طبيب، وكان معظمهم من الأجانب المقيمين بمصر ولم يكن هناك قيود على الدخول والخدمة أما الآن فعدد الأطباء زاد وحدثت زيادة في الكوادر البشرية وأصبح العالم يتجه لأن يبقى وحدة واحدة فلابد من أن تكون هناك قوانين تتناسب مع موجات التقدم في السنوات القادمة.
* أهم هذه القوانين ومدى نقاط الضعف بها؟
هناك عشر قوانين اكتشفت عدم ملائمتها للوضع الحالي، فقانون التحاليل الطبية بسببه أقام الخريجين العديد من الدعاوى القضائية ضد حاتم الجبلي لأن هذا القانون أجاز عمل الأطباء البيطريين وخريجي العلوم قسم كيمياء وخريجي الزراعة والصيدلة بمزاولة مهنة التحاليل الطبية وترخيص معامل للتشخيص الطبي المعملي! أما الآن فإزداد عدد الأطباء وتم منع تلك الفئات من المزاولة بحيث أنه اقتصر على الأطباء البشريين وبالتالي يتم رفض منحهم تراخيص ويتحججون بهذا القانون.
والقانون الخاص بتنظيم عمل محال النظارات الطبية صدر في زمن الجمهورية العربية المتحدة واعتبر مصر هي الإقليم الجنوبي وسوريا الإقليم الشمالي وأجاز للمصريين والسوريين العمل، وهذا القانون لم يتغير من وقتها حتى الآن والعقوبات المنصوص عليها به يتم الدفع بها لأنه يصرح للسوري بهذا العمل على أن يكون بالمصري أو بالليرة السورية، ونحن نرى إن جميع الأوضاع التي صدر فيها القانون قد اختفت تمامًا من الخريطة فلا جمهورية عربية ولا إقليم شمالي ومازال القانون موجود رمزًا لخدمة الوحدة العربية المتحدة.
وعن الكارثة التي تضمنها قانون التوليد فقد أباح للمولدة ومساعدتها والقابلة ممارسة الولادة في حين إن قانون تنظيم مزاولة مهنة المنشآت الطبية الخاصة منع استشاري النساء والولادة والإخصائي من إجراء عمليات التوليد داخل العيادات المرخصة فكيف يمكن لمساعدة مولدة إجراء ولادة بمنزل ومنع أستاذ نساء وتوليد أن يُجري العملية في عيادته المجهزة؟ وأجاز القانون أنه في حالة التعثر يجوز للمساعدة الاتصال بطبيب لمساعدتها في إعطاء المحاليل والأدوية.
وعندما نتحدث عن قانون الأسنان ستجدي أنه القانون الوحيد الذي ينص على أن يعمل بتلك المهنة الأطباء البشريين على الرغم من عدم دراسته ودرايته بالأسنان وعدم حصوله على التدريب بالعملي في سنة الامتياز، ونفس الأمر في قانون تنظيم عمل معامل الأسنان الذي منع خريجي معاهد صناعة الأسنان من ترخيص معامل خاصة بهم إلا إذ قدم استقالته من الحكومة بمبرر أن يكون في نفس النشاط وحتى لا يتأثر العمل العام بالخاص وكانت النتيجة لجوء الفنين لطرق التحايل فقاموا بمزاولة المهنة في مساكنهم الخاصة محولين هذه المساكن لبؤر لانتشار الأمراض بعيدًا عن أعين الرقابة.
وقانون العلاج الطبيعي الذي لم يوصف مهنة العلاج الطبيعي أو ذكر تخصصها فلا يوجد بمصر علاج طبيعي بالمعنى الواضح.
كذلك الحال في قانون تنظيم عمل المنشآت الطبية والمراكز الطبية المتخصصة الذي أباح ترخيص المستشفيات في العمارات السكنية وهذا مخالف لتكدس المستشفيات بالمرضى مما يؤثر على سكان العقار، وإجراءات مكافحة العدوى التي غالبًا ما تكون مهملة خاصة بمراكز الفيروسات مما تشكل خطر على السكان المفروض وجودها في مبنى طبي مخصص للأغراض الطبية.
* وماذا عن ممارسة الطب البشري من سلبيات في إطار القانون القديم؟
أباح قانون الطب البشري للحاصل على بكالوريوس الطب البشري من جامعة خارج مصر الحصول على ترخيص مزاولة مهنة إذا كان حاصلاً على الثانوية العامة قسم ثاني ولم يذكر ما هو قسم أول وقسم ثاني، لكن بالترجيح العقلي يُفهَم إن قسم أول مقصود به علمي وقسم ثاني للأدبي وفوجئ أتى إلينا شخص من روسيا بكالوريوس طب اتضح أنه ثانوية عامة قسم أدبي الذي يعتبر قسم ثاني حسب ما ذكر القانون، وكانت النتيجة أنه أقام علينا دعوى قضائية بحجة هذا القانون البالي حتى قانون التدليك فتح الباب لمزاولة الطب بطرق غير متخصصة لغير أصحاب المهنة حتى تدرج المدلك إلى أخصائي ثم إلى طبيب ليفتح الباب لغير المتخصصين ومنها انحدار مستوى الخدمات الصحية.
وعندنا قانون تنظيم معامل التحاليل الذي أوضح عدم وجود أكثر من معملين للتحليل فنجد اليوم معامل كثيرة لأكثر من فرع مثل "ساريدار" ومعامل "مؤمنة كامل" و"البرج" دلالة على عدم مناسبة القانون للوضع الحالي فلابد من تغييره لكثرة المعامل لزيادة عدد السكان.
* لماذا هذا الكتاب في تلك الفترة خاصة إن تلك القوانين منذ ستين عامًا؟
كتاب الموسوعة الفقهية في قوانين وزارة الصحة المصرية هو رؤية شخصية بين القوانين المنظمة للشارع الطبي بين الواقع المؤلم والمفترض الضائع.
وقد بدأت التفكير في تلك القوانين التي لاحظت أنها غير مناسبة تمامًا للواقع الذي نعيشه وتجعل البعض يتحايل عليها طالما كانت غير مناسبة لتحقيق أغراض طبية بطرق غير مشروعة، والفكرة تحديد بدأت منذ عام 2005 عندما نادى د. حاتم الجبلي بضرورة تطوير الأداء فلاحظت وجود عيوب في تشريعات في قوانين الصحة المصرية مع دخول مصر لمرحلة العولمة التي لا تتناسب معها تلك التشريعات.
* رأيك في المنظومة الصحية المصرية مع تدني مستوى الخدمات الطبية وضعف الأداء المهني للأطباء؟
لابد من تعديل هذه المنظومة فقد تسببت قوانين وزارة الصحة الغير مناسبة في زيادة الأخطاء الطبية والعقوبات لا تناسب الأفعال التي تكون جسيمة.
* هل تعتقد إن هذا الكتاب سيُحدّث تأثير أم أنه مجرد حبر على ورق؟
هذا الكتاب ناقوس خطر وتنبيه للتغيير والتعديل والتطوير ومعظم القائمين على وزارة الصحة يرحبون بفكرته لأنهم يريدوا أن تنصلح أحوال منظومة الصحة، وسوف يغير –الكتاب- الأوضاع المتردية مع التخصصات والمساعدات والخبرة الأجنبية.
* لماذا لم تفكر الوزارة من قبل في ذلك التغيير؟ ألم تكن تعرف عدم ملائمة تلك القوانين مع الظروف الحالية؟
هذا العمل غير مسبوق في تاريخ وزارة الصحة المصرية وحاليًا يتم تشكيل فريق عمل من وزارة الصحة والتنمية الإدارية للنظر في القرارات الوزارية والقوانين وتم إطلاق مشروع تحت اسم (إرادة) للتغيير.
* لماذا تصر وزارة الصحة على الاستمرار في فساد الأوضاع الصحية ولا تتحرك إلا عندما ينادي أح بالتغيير؟
لأن الأوضاع الرمادية تناسب الكثير.
* رأيك في حال الصحة بمصر؟
جزر متباعدة ولا تعليق.
* وصحة المواطن المصري عند وزارة الصحة، أين هو من اهتماماتها؟
صحة المواطن أمامها أكثر من اختيار من أول المجاني إلى العلاج الاستثماري والفندقي، واعتقد إن اهتمام وزارة الصحة لابد وأن يكون بعد اهتمام الشخص بنفسه والمواطن المصري لا يهتم بصحته فتجدي غالبية المصريين يبتاعوا العسلية (والكيك المكشوف) بالميادين العامة في "أحمد حلمي" و"عبود" فلابد من توعية المواطن والتي أدى ضعفها إلى انتشار الأمراض و95% من الأمراض يمكن تجنبها عن طريق الإرشادات الصحية الشخصية.
* هل مصر لديها الإمكانيات التي يمكن من خلالها مواجهة أنفلونزا الخنازير؟
أنفلونزا الخنازير مرض ضعيف سهل الانتشار وأيضًا القضاء عليه، ممكن في بدايته ووعي المواطن المصري بالمرض جعله يبلغ عن نفسه بمجرد ظهور أعراض بسيطة حتى إذا عطس يبلغ عن نفسه للاطمئنان.
* هل تتوقع أن تكون حالات الوفاة كثيرة خاصة مع اقتراب موسم الشتاء؟
ممكن تجدي حالة وفاة واحدة بين كل 40 حالة، وقد اتخذنا احتياطاتنا للمواجهة من خلال تعقيم الأتوبيسات بالكلور وزيادة عدد المراوح، ووزارة النقل وضعت خطة لتعقيم وسائل النقل ثلاثة مرات في اليوم وإذا اكتشفنا ثلاثة حالات في المدارس سيتم إغلاقها ويتم العمل بنظام الدوائر التلفزيونية.
* هل تستطيع وزارة الصحة المصرية توفير أمصال تكفي لمرض الأنفلونزا؟
هناك 50 ألف جرعة الشهر القادم ستتوافر لدينا وتكتمل في يناير 2010 وستصل لـ 5 مليون جرعة للوقاية، وهذه الكمية لن تُجدي لأن الفيروس يتمحور باستمرار والمصل الموجود حاليًا (تامي فلو) والمعمول به من أيام د. عوض تاج الدين لأنفلونزا الطيور. والمصل الموجود بالصيدليات للأنفلونزا العادية التي يتوهم المواطن أنها لأنفلونزا الخنازير.
* هل يمكن القضاء على فيروس أنفلونزا الخنازير بمصر؟
لا يمكن القضاء عليه.
* وأنت تشغل منصب وكيل لوزارة الصحة هل أنت مؤمن بدور هذه الوزارة؟
ليس سيئ ولكن نسعى للتطوير وسيصبح وضعنا أفضل إذا وجّهنا اهتمامنا للسياحة العلاجية.
* لكن السياحة العلاجية في مصر ليس لها أثر؟
الإعلام له دور كبير، فقد شوّه صورة الأطباء والمنشآت الطبية ولا يولي اهتمام للسياحة العلاجية في سفاجا وعين حلوان ورمال البحر. ولا داعي لأن يقول حمدي السيد نقيب الأطباء وعلى الملأ إن مرتب الطبيب لا يساوي (ثمن غيارات داخلية).
* وزارة الصحة هل حققت الدور المطلوب منها؟
لم تحقق الدور المطلوب منها على أكمل وجه لأن الجانب التنفيذي أقل من مستوى الرؤية.
* قانون نقل الأعضاء الجديد قنن دور نقابة الأطباء لتصبح تحت سيادة وزارة الصحة، فهل النقابة كانت وراء انتشار ظاهرة المتاجرة بالأعضاء؟
هناك فرق بين قانون نقل الأعضاء وإجراء عمليات بطرق غير مشروعة، فقانون زراعة الأعضاء لا يضيف شيء للعمليات التي تجري بطريقة غير مشروعة أو سماسرة أو في الخفاء لأن القانون كان موجود في صورة تعليمات وقرارات وزارية يُضرب بها عرض الحائط وتم اللجوء للأبواب الخلفية لعمل نقل الأعضاء.
ولدينا مسوغات أخرى لإجراء العمليات في الخفاء في غير حدود القانون، منها: احتياج المتبرع للفلوس، وسوء الحالة الاقتصادية، وطبيب غير مؤهل لم يمارس هذا العمل بالقدر الكافي الذي يعطيه الخبرة الكافية، فيبعد عن عيون الرقابة ويذهب لمستشفيات تلجأ لهذا النوع من الجراحات وغرضها الكسب المادي.
* معنى ذلك إن القانون الجديد لن يقنن عمليات المتاجرة بالأعضاء؟
صدور هذا القانون لا يقنن عمليات المتاجرة بل يروج لها، فيجب أن يكون هناك تواصل بين الاستشاريين والأخصائيين وذات الخبرة ومعرفة الوزارة بالمستشفى التي يجري بها المتبرع العملية وتحاليل خاصة به وبالمريض وأحيانًا المستشفى تبلغنا بإجراء العملية ويذهب طبيب مختص من الوزارة للمتابعة وتحدث عشرات العمليات المخالفة بمستشفيات مجاورة.
* هل يوجد اهتمام بالصحة النفسية بمصر؟
المصحات الحكومية لا تزيد عن كونها محطات لحجز المرضى لوقت وتسريحهم مرة أخرى، فلكي تتطور نحتاج لكوادر بشرية مؤهلة وتمريض متخصص في النفسية وميزانية ولا يوجد الثلاثة وهي أقل من المستوى المطلوب.
http://www.copts-united.com/article.php?A=7311&I=198