بقلم: د.وسيم السيسى
أنقذنى يا آمون من هذه السنة المضطربة، فالشمس لم تعد تسطع كما كانت، وأصبح الشتاء يأتى مكان الصيف، والشهور كلها تتراجع، إلى الوراء!
إنها بردية قديمة.. كتبها أحد الطلبة.. حين كان التقويم فى مصر قمرياً! ولكن مصر اكتشفت... ما غير وجه العالم كله! اكتشفت سبدت أى نجم الشعرى اليمانية.. وكان ذلك ٤٢٤١، قبل الميلاد أى منذ ٦٢٥٠ سنة مضت طبقاً لما أجمعت عليه كل الجمعيات الفلكية فى العالم، تغيرت السنة من قمرية إلى شمسية، بسبب ظهور الشعرى اليمانية قبل شروق شمس ١١ من سبتمبر... أى أن البارحة.. كان عيد رأس سنة مصر الفلكية أى (٦٢٥١ مصرية).
أخذ بهذا التقويم العبرانيون وأصبح ١١ سبتمبر عيداً لرأس السنة العبرية، كما أخذ به الفرس وسموه عيد النيروز، وأخذه المسيحيون فى العصر الرومانى وسموه رأس السنة القبطية.. وهى تسمية خاطئة بالرغم من أن «قبطية» معناها مصرية، والأصح أن تكون التسمية: عيد الشهداء فى رأس السنة المصرية.
إن كل التقاويم تحمل صبغة دينية... إلا التقويم المصرى.. لأنه يعتمد على علم الفلك.. ومن هنا يجب على مصر أن تحتفل ببدء السنة المصرية.. أى ١١ سبتمبر من كل عام.
جعلت مصر توت أو تحوت رب القلم والمعرفة هو أول شهور السنة المصرية، لأن مصر آمنت بالعلم إلى أبعد الحدود، وقالت: العلم هو غاية الإيمان بالله، والجهل هو غاية الكفر به! ألم يقل أمير الشعراء:
لو يرى الله بمصباح ... لما كان إلا العلم جل الله شانا
قسمت مصر السنة إلى ثلاثة فصول:
١- «آخت» أى فصل الفيضان وهو : توت، بابه، هاتور، كيهك.
٢- «برت» أى فصل الشتاء ونقول الآن. الدنيا بردت! وشهور الشتاء: طوبة، أمشير، برمهات، برمودة.
٣- «شمو» أى فصل الصيف، ومنها جاءت «شمو نجم» أى صيف جميل أو شم النسيم، وكانت شهور الصيف: بشنس، بؤونة، أبيب، مسرى، و«مسرى» هى مس رع أى مولد «رع»، ويقال إن مصر سميت من مسرى (العقاد) كان كل شهر ثلاثين يوماً.. فتبقى خمسة أيام.. جعلتها مصر أعياداً:
العيد الأول ٦ سبتمبر لـ«أوزيريس» لزيارة أحبائهم الذين «رحلوا». العيد الثانى لـ«حورس» ٧ سبتمبر للـ«موسيقى والغناء».
العيد الثالث لـ«ست» ٨ سبتمبر.. عيد العصير والنبيذ.
العيد الرابع ٩ سبتمبر لـ«أفريس».. عيد ختان الذكور.
العيد الخامس ١٠ سبتمبر لـ«نفثيس» (نفيسة الآن) ربة الجمال والأناقة.. فكان كرنفال الزهور هو عيدها.
لاحظت مصر أن السنة ٣٦٥ يوماً مازالت غير مضبوطة.. فجاء العالم الفلكى المصرى سوسيجينس، واكتشف أن السنة ٣٦٥ يوماً + ٦ ساعات، فأضاف يوماً كل أربع سنوات (السنة الكبيسة الآن).
ألا تستحق مصر جوائز نوبل كلها على هذا الكشف الفلكى الرائع، ولكن من ذا الذى يعطيها، وقد كانت الدنيا فى سبات عميق داخل الكهوف! إنها مصر التى أعطت العالم كله: الدين والعلم والأخلاق.
من أجمل كلمات الدكتور أحمد زويل عند تسلمه جائزة «نوبل»: إن مصر هى أول من قسم الزمن إلى سنوات، وشهور، وأسابيع، وأيام، وساعات، ودقائق، وثوان، وثوالث، ومصر هى آخر من فتت الزمن إلى «فمتوثانية».
إن كبلر، مكتشف القانون الثالث لحركة الأجرام السماوية، يقول فى كتابه الاعترافات: ليغفر الله لى سرقتى قوانين مصر الفلكية من على التماثيل الذهبية! (أ.د. صلاح عيد).
حقاً.. عظيمة يا مصر.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=7317&I=198