أماني موسى
بقلم: أماني موسى
الملاحظ والمتابع لأحوال واقعنا المصري يجد العديد من الكوارث اليومية التي تدعو للدهشة ولكن في مقابلها رد فعل ثابت من عدم المبالاة واللا دهشة التي أصابت المصريين، فعندما سمعنا عن الري للمحاصيل الزراعية بمياه المجاري في أنحاء متفرقة من الجمهورية لم نجد في المقابل أي رد فعل شعبي أو حتى من المسئولين اعتراضًا على ذلك الفعل المشين المهين لآدمية المصري، وكأن هذا الصمت المطبق موافقة ضمنية على مبدأ المجاري واستعدادًا لمزيد من محسنات الطعام الطبيعية ومنكم وإليكم!!!
وكذا حين تنزل بالشارع وتجد أكوام القمامة تحاصرك من كل اتجاه ورائحتها تصل لنغاشيش مناخيرك لتنعشك وتفرفشك وكمان تقرفك. وهنا لا تجد لا مبالاة فقط بل تزيد الطينة بلة بمساهمة كل مصري في تجميل المكان من حوله وتزيينه بشنط القمامة الأسود منها والألوان لتنتشر الريحة كرائحة الورود وكذا إضفاء منظر طبيعي للمكان إلى جانب انتشار الطيور المغردة والمزقزقة من ذباب وناموس والفراشات الزاحفة من نمل وصراصير و.......... !!!
وحين تتمشى خطوتين للأمام بعد التشبع من المناظر الطبيعية لتذهب لفرن عيش بلدي (مخبز بالاتيكيت) تجد صراع الجبابرة بين النساء والرجال وتناطح الرجال برؤوسهم بينما تتناطح السيدات بالألسنة وربنا ما يوريك ولا يسمعك اللي بيتقال، واستمر المشهد قائم حتى بعد استيراد شحنات كبيرة من القمح الفاسد، أيضًا دون مبالاة أو دهشة من المصري أو أي رد فعل!!
بعد أن تشتري خبزك المُطعّم بالرَدة وبعض المخلفات الآدمية والتسليحات الأسمنتية والحديدية تركب المترو أو الأتوبيس لتذهب لشغلك (دة لو لاقي شغل أصلاً) سيكون حظك أسود مثل الرغيف اللي اشتريته من زحام غير عادي ولا مبالاة كل واحد بالآخر، فتجد من يعطس بوجهك في غباء واضح (موصلوش حضرته أن فيه خطر أنفلونزا الخنازير والطيور) ولا تجد أمامك أي حل غير أنك تقول له بامتعاض يرحمكم الله، لأنك لو قلت غير كدة مش هتلحق تروح شغلك يا حلو، وتجد آخر يحاول الالتصاق بالفتيات على طريقة خدلك لحسة أو بركة، والعديد من السلوكيات المشمئزة والأكثر اشمئزاز منها هو اعتياد المصري عليها وكأنها هي السلوكيات الطبيعية وإن فعلت العكس فتبدو أنت وكأنك الغير طبيعي!!
والعديد والعديد من السلوكيات والأحداث التي تعد كارثية ولكن المصري أفندي اعتادها وأصيب بمرض اللا دهشة واللا مبالاة، والغريب فعلاً واللي بيدعو للدهشة أن المصري ساب كل الأحداث المؤسفة اللي حواليه والسلوكيات المزرية من إخوانه المصريين ولكنه اتحرك مسرعًا ومهرولاً ومتخبطًا ليمسك بالفاطرين في نهار رمضان وهذا على اعتبار أنه أعترض وحصل على كل حقوقه وأنهى على كل السلوكيات السيئة من حوله ولم يتبقى إلا إمساك الفاطرين رغم أنه كان أولى بسي المصري أن يمسك بالذين يستوردون له قمح فاسد وأغذية مسرطنة ويروون طعامه بمياه مجاري ويهربون بأمواله للخارج دون رجعة أو عقاب!!!
عجيب شأن المصري والأعجب أنه هو ذاته أصبح محل دهشة وعجب.
عادي في بلادي: الدهشة هي صفة إنسانية تدل على الحياة وعدم الدهشة هي صفة الجماد والغير عاقل، ليتنا نُدهَش ونشفى من مرض اعتياد الأخطاء.
http://www.copts-united.com/article.php?A=7353&I=199