فضائيات تبذر الفتنة في بر مصر

محمد زيان

- الشيخ عمر الديب: الإثارة والهجوم على العقائد مرفوضة.. وبعض الفضائيات تثير الفتن.
- د. أحمد كريمة: أرفض التحريض الذي تمارسه بعض القنوات لأنه لا يحقق الاستقرار.
- د. صفوت عبد الغني: خطورة هذه القنوات في تأثيرها على الشباب.
- د. ليلى عبد المجيد: تبث السموم.. تدعو للتطرف.. لا بد من الرقابة عليها.
تحقيق: محمد زيان – خاص الأقباط متحدون

انتشرت في الآونة الأخيرة الحملات التحريضية على شاشات الفضائيات الدينية التي تبث بعض البرامج تنتقد الأديان وتسيء إلى معتنقيها، وتغالي في استخدام مصطلحات التكفير على يد مجموعة من الدعاة الجدد الذين ملأوا هذه القنوات يبثون حملات الكراهية بسبب أو بدون لاعبين على العاطفة الدينية للمواطن المصري، في محاولة لتثويره ودفعه إلى ارتكاب مجازر بحق مواطنين مثله لهم كامل حقوق المواطنة في المجتمع، سألنا الخبراء والمتخصصين عن الفضائيات التي تثير الفتن وتبذر الضغينة والأحقاد بين أهل مصر، عن خطورتها وآثارها، ومن المسئول عن انتشارها، وكيفية مواجهة هذه الحملات التي من الممكن أن تحول المجتمع إلى مقتلة.
قناة أزهري كانت المحطة الأخيرة في هذا القطار المتعجرف والتي هاجمت البهائيين وحرضت ضدهم، وكانت سابقتها قناة الناس والفجر وأبو إسلام أحمد عبد الله وغيرهم من الفضائيات التي تثير القلاقل بين المواطنين وتبذر الفتنة في بر مصر.

إثارة
الشيخ عمر الديبيرفض الشيخ عمر الديب "وكيل الأزهر" الإثارة الإعلامية التي تقوم بها بعض القنوات الفضائية التي ترفع شعار الدين وتنتقد الآخرين في أديانهم، وتحرض على الكراهية المتبادلة بين أهل الأديان وتناقش قضايا تهدد الأمن والاستقرار في المجتمعات الآمنة، مشيرًا إلى أن الهجوم على أهل العقائد الأخرى بدعوى أنها من الإسلام قول يناقض الواقع، لأن الإسلام لا يمس العقائد الآخر بسوء ولا مكروه ولا يتهجم على معتقداتهم ولا يجرح خصوصياتهم ولا يناقش أمور من شأنها سبهم وازدراءهم، ولكن لأن هذه النوعية من القنوات الفضائية دأبت على اختراق الأعراف والتقاليد واستغلال الوازع الديني وبث بذور الفتنة واستغلال المناخ المتوتر بين المسلمين والأقباط في مصر للعب بهذا الاتجاه وكسب مساحات متطرفة من أوقات المشاهدين تكون النتيجة معها في النهاية هي الاضطرابات المتكررة وحوادث الفتنة الطائفية.
ويذهب الشيخ الديب إلى أن الفضائيات الدينية التي تثير المشاكل والمواقف المتوترة بين المسلمين والأقباط تحمل أجندة خارجية، هدفها القضاء على الوحدة الوطنية في مصر، وإحداث اقتتال بين المسلمين والأقباط في مصر، وممارسة الدور التحريضي لإحداث حالة من الهياج وعدم الاستقرار في المجتمع.

الدكتور أحمد كريمة تحريضي
أما الدكتور أحمد كريمة "أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر" فيرفض الدور التحريضي الذي تقوم به القنوات الفضائية لتهديد استقرار الوطن، مشيرًا إلى أن هذه القنوات تبث برامج لمشايخ ليسو على المستوى العلمي المناسب للحديث في العقائد والأديان، مستنكرًا الحملات التحريضية التي يقوم بها بعض المشايخ ممن لهم آراء خارجة على تعاليم الإسلام وصريح الدين، حيث يهدف الدين إلى وضع مجموعة من القواعد التي تحدد العلاقات بين أهل الأديان المختلفة، ومن ثم فإن الالتزام بها يكون هو الأساس.
ويؤكد كريمة أن هناك مغالاة من جانب بعض الشيوخ في تناول مسائل معينة وجوهرية وهو الخطر الذي يحدق بالمجتمع، مطالبًا بضرورة الحد من هذه الظاهرة وضرورة أن يكون المتحدث على قدر عالِ من العلوم، لأن الحديث في وسائل الإعلام أمر خطير يساهم في تشكيل الرأي العام بسهولة تجاه الأحداث.
ويحذر كريمة من انتشار القنوات الفضائية التي تبث إعلامًا غير مسئول وتتناول قضايا طائقية تثير الكراهية وتعمل على زيادة الفجوات بين الأديان وتفرق بين أبناء الوطن الواحد.

خطورة
الدكتور صفوت عبد الغنيالدكتور صفوت عبد الغني "أستاذ الرأي العام والإعلام بأكاديمية أخبار اليوم" يؤكد على خطورة الدور الذي تقوم به القنوات الفضائية التي تفتح المجال أمام مجموعة من الشيوخ ليبثوا سمومهم في المجتمع، وخطورة الدور الذي تقوم به هذه المنابر الإعلامية –على حد وصفه– من تدمير لقيم التسامح وحب الآخر المتأصلة في الشعب المصري منذ مئات السنوات.
ويشدد الدكتور عبد الغني على أهمية قيام الرقابة على الإعلام بدور قوي وحاسم في سبيل منع هذه المحطات من بذر الفتنة في المجتمع المصري وإحداث شقاق بين أبنائه من خلال إثارة النعرات الطائفية.
ويحذر عبد الغني من المادة الإعلامية التي تقدمها هذه القنوات من منطلق الدين، مشيرًا إلى أن الدين عبارة عن بث لقيم الأخلاق والمودة والتسامح بين المختلفين، مؤكدًا أن الدور الذى تقوم به هذه القنوات بدعم من بعض التيارات المتشددة في المجتمع لا بد وأن يُقابل بتيار العقلاء والمستنيرين وفتح المجال أمامهم للوقوف في وجه هذا النوع من الإعلام الذي يرغب في خراب المجتمع.
وينتقد عبد الغني الأداء الذي تقوم به هذه الفضائيات من تقديم مشايخ يحملون فكرًا أسودًا -على حد وصفه- لا يهدف إلا إلى التكفير والتخوين ورمي المختلفين معهم بالكفر والخيانة وغيرها من الأوصاف والتهم التي اعتادوا عيها.

 الدكتورة ليلى عبد المجيدسموم
وتحذر الدكتورة ليلى عبد المجيد "عميدة كلية الإعلام" من خطوة هذه الفضائيات التي تبث السموم في المجتمع وتدعو إلى التطرف والتشدد، مؤكدة خلو المادة الإعلامية التي تقدمها من مادة هادفة لتقويم المجتمع وتوجيهه إلى الفكر المتشدد عن طريق المشايخ المتشددين والذين لديهم أفكار متحجرة منذ آلاف السنوات.
وتؤكد عبد المجيد أن الأساس في الرسالة الإعلامية هو الهدف، مشيرة
إلى أن هذه القنوات تخصصت في الهجوم على أديان وأشخاص ومعتقدات، وأن هذه الحالة الإعلامية مؤشر خطير بحسبها على تدهور الرسالة الإعلامية للتحول إلى مادة دينية صِرف تركز على التدمير وليس التسامح وتدعو إلى التشدد وليس اللين وتهدف إلى ضرب المجتمع وليس استقراره.
وتحذر عبد المجيد من خطورة المادة الإعلامية المُقدمة في هذه الفضائيات على الشباب بوصفهم القطاع العريض المتلقي والمقصود بهذا النوع من الإعلام الديني واستغلال العاطفة الدينية في بث أفكار خاطئة في المجتمع، وبالتالي فإن هذا ينعكس على التعاطي والتصرف مع الأحداث الناتجة في المجتمع التي يرى الفرد فيها أن الفتوى التي بثتها هذه القناة أو تلك هي أقرب الطرق لتلبية احتياجاته.