صبحي فؤاد
بقلم: صبحي فؤاد
أدان القاضى ريتشارد جولدستون الذي ترأس اللجنة التابعة للأمم المتحدة التي حققت في ممارسات الجيش الإسرائيلي أثناء العمليات العسكرية ضد قطاع غزة في شهري ديسمبر ويناير الماضيين كلاً من إسرائيل وحماس، واتهمهما بارتكاب ممارسات أو أفعال ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب وربما جرائم ضد الإنسانية.
وطالب التقرير مجلس الأمن بمطالبة إسرائيل بإجراء تحقيق موسع بشان الجرائم التي أُرتكبت، وأيضًا إخضاع حماس لنفس الإجراء لإطلاق عناصرها الصواريخ من قطاع غزة على المدن والقرى الإسرائيلية القريبة من الحدود.
والقاضي جولدستون بالمناسبة يهودي من جنوب إفريقيا، ورغم كونه يهوديًا إلا أنه لم يكن مجاملاً لإسرائيل أو متعاطفًا معها، بل على العكس كان قاسيًا في نقده متحاملاً عليها أكثر من تحامله على قيادات حماس التي كانت هي في الأساس السبب فى قيام هذه المعارك البشعة والمسئولة عن موت أكثر من ألف فلسطيني وجرح ألوف آخرين بالإضافة إلى مقتل عشرات من الإسرائيليين.
وبطبيعة الحال كنا نأمل ألا توجه إسرائيل -أثناء رد فعلها الغاضب ضد الصواريخ التي كانت تُطلق عليها من القطاع- طلقة أو رصاصة واحدة ضد المدنيين، وكنا نتمنى لو ركزت عملياتها وجهودها وغضبها وهجومها ضد قيادات حماس وحدهم، إلا أن هذا الأمر لم يكن من السهل أو الإمكان لتواجد المدنيين في كل مكان نظرًا لصغر مساحة القطاع.
ومنذ انتهاء العمليات العسكرية في شهر يناير الماضي بين إسرائيل وحماس، قامت إسرائيل بعمل عشرات التحقيقات مع عدد من القيادات والجنود الذين شاركوا في هذه المعارك للتأكد من عدم ارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، بينما لم تعلن حماس ولو مرة واحدة عن تحقيق أجرته مع أحد عناصرها الذين كانوا يطلقون صواريخ القسّام ضد المدنيين الإسرائيليين!!
لقد اقتصر للأسف الشديد تحقيق القاضي جولدستون على المعارك التي جرت بين الطرفين في شهري ديسمبر ويناير الماضيين، وكان من الواجب والمصداقية أن يمتد تحقيقة لكى يشمل جرائم حكومة حماس الإسلامية المُقالة (التي اغتصبت الحكم من السلطة الفلسطنية الشرعية مثل اللصوص) ضد رجال فتح والسلطة في غزة، إن ما فعلته وارتكبته قيادات حماس في غزة بعد الحرب وأثنائها في حق المؤيدين والمتعاطفين مع الرئيس الفلسطيني الشرعي والمعارضين لهم يعد بلا شك جرائم ضد الإنسانية كان يجب أن يتضمنها التقريرالذي قُدم إلى الأمم المتحدة حتى لا يبدو متحيزًا لطرف على حساب الطرف الآخر.
لا شك أن ما فعلته قيادات حكومة حماس المُقالة مع الشعب الفلسطيني في غزة يحتاج لعشرات القضاة والمحقيقين الدوليين للتحقيق في شأنة ومحاسبة المتسببين والمسئولين عنه، وقد كانت آخر جرائم حماس في قطاع غزة تلك التي حدثت منذ أسابيع قليلة في مدينة رفح عندما رفض الشيخ المتشدد عبد الطيف موسى إخضاع جامعة "مسجد ابن تيمية" الذي كان شيده منذ عام ونصف لسيطرة رجال حماس، وإزاء إصرار الشيخ عدم التنازل والتسليم لمطالب رجال حماس قاموا بقصف المسجد الذي كان يتواجد داخله العشرات بالرشاشات والصواريخ والقنابل، مما أدى إلى مقتل ما يقرب من 30 فرد، وبعدها قاموا بتفجير منزل الشيخ عبد الطيف موسى وهدمه على من كان بداخله!! ولو كانت هذة الجريمة البشعة ارتكبت بيد غير مسلمة لكانت الدنيا هاجت وماجت وربما كنا رأينا بلايين المسلمين في كل أنحاء المعمورة يخرجون في مظاهرات صاخبة هادرة غاضبة تطالب بالإنتقام وأخذ الثأر لتدمير المسجد وقتل من كان يحتمى بداخله من المسلمين.
والمدهش في الأمر أن حماس وجدت من تدافع عن جريمتها البشعة من العرب والمسلمين، وكانت كما عودتنا جماعة إخوان الخراب في مصر هم أكثر المدافعين عن حماس وجرائمها، لدرجة أنهم فسروا لنا قصف مسجد مدينة رفح بالصواريخ وقتل من كان يحتمى بداخله بأنه كان ضروريًا من أجل محاربة الإرهاب!!!
إن الحل الوحيد لكى تكفر قيادات قيادات وعناصر حماس عن جرائمها وذنوبها ضد الشعب الفلسطيني في القطاع هو التخلي عن سيطرتها لغزة وإعادة السلطة للرئيس الشرعي محمود عباس، وتعضيد الرجل ودعم جهوده من أجل الوصول إلى سلام حقيقي عادل دائم بين الفلسطينيين والاسرائيليين، عدا ذلك فإنني أعتقد أنه سوف ينتهي بهم المطاف لكي يَلقوا نفس مصير الطالبان في أفغانستان.
صبحى فؤاد
استراليا
sobhy@iprimus.com.au
http://www.copts-united.com/article.php?A=7577&I=204