زهير دعيم
بقلم: زهير دعيم
اليوم سيجتمع في البيت الأبيض للمرة الألف أبناء إبراهيم ، أو بالأحرى أبناء اسحق وإسماعيل، لعلّهم يجدون مخرجًا للأزمة التي تعكّر صفاء العالم منذ سنين كثيرة.
اليوم وفي البيت الأبيض سيجتمع اوباما ونتنياهو وأبو مازن في محاولة جديدة – بل مسرحية جديدة- على أمل أن يجدوا مخرجًا للوضع المتأزّم والسيئ الذي يسود المنطقة ويُهدّد بالانفجار في كلّ لحظة.
اليوم قد تُفتح طاقة للأمل، بل باب وبوابة ، وقد ترقص شعوب المنطقة فرحًا ويذرّون وينثرون حبوب الأرز تيمنًا وابتهاجًا ، فقد انقضى عهد الحروب وولّى ، ونبت غصن السلام وأزهر في أرض السّلام !!!
اعتقدَ الرئيس الأمريكي اوباما أنّ الأمور بسيطة وأنّ حلّ النزاع العربيّ الإسرائيلي في متناول اليد، فقط اضغطْ قليلا وتحلّى بالنوايا الحسنة والكل يسير على ما يرام ، وأغلب الظنّ انه تفاجأ هذا ال- اوباما فوجد الأمور معقّدة أكثر ممّا اعتقد ، بل تأكّد أنَّ الأمر مستحيل او شبه ذلك ، وأن الأطراف غير جاهزة وغير ناضجة الآن ولا غير الآن للتنازلات والتسامح والتخلّي عن ارض الأجداد والجدود والعهود ، وما المستوطنات – التي هي عائق – في نظر العالم ما هي الا جزء من هذه العهود وهؤلاء الجدود.
لن يخرج من هذا الاجتماع دخان ابيض ابدا ، ولن يخرج من الاجتماع القادم الذي سيعقد ولو بعد خمسين سنة ،وستبقى الأمور بين كرٍّ وفرٍّ ، ووعودٍ ومحاولات بائسة ، يائسة . فالعارفون ببواطن الأمر يعرفون أنه لا سلام ولا اتفاق في الأفق القريب او البعيد ، وانما مسرحية هزلية تمتد خيوطها وتتشابك الى عمق الحبكة ، وتلتف حول عنق السلام فتخنقه.
سنتجمع اليوم ، ونجتمع في السنة القادمة ، ونجتمع بعد الانتخابات القادمة ، وبعد بعد القادمة ، وسيبقى الحال على حاله .
متشائم أنا رغم ان طبعي يميل الى التفاؤل ، ولكن في هذه القضية العويصة فالأمر يختلف ، ويختلف كثيرا.
قد يسأل سائل : لماذا هذا التشاؤم وهذه السوداوية ؟!! ألا يمكن ان نقسم هذه البقعة الصغيرة من الأرض بين الشعبين مناصفة او غير مناصفة ؟ ...فأقول لا بالفم الملآن ...في ألاسكا نعم !!!، في أوروبا ألف نعم ، حتى بين الهند والباكستان يجوز ، اما هنا فلا ...وكيف يكون نعم والأمر –كلّ الأمر- يتعلّق بالعقيدة والعقائد ، فاليهودي يؤمن إيمانا مُطلقًا أنّ هذه البلاد هبة من الله له ، بل ميراث أزليّ وعهد سرمديّ ، وأن أورشليم ستبقى ابد الدهر يهودية موّحدة تتنفس التوراة والتلمود ، إلى أن يأتيَ الآتي من العلاء ....وينسى المساكين هؤلاء أن الآتي يتأهّب للقدوم ثانية !!!...وكذا الأمر مع العرب الفلسطينيين المسلمين، فإنهم يؤمنون أنّ هذه البلاد إرث إسلاميّ أعطاها الله لهم لكي ينشروا التوحيد والإسلام بالطريقة التي يعرفون ويحبّون ، وأنّ التفريط بذرّة واحدة منها هو كفر وخيانة عظمى.، وان أنصاف الحلول والقبول بالتنازل هو على مضض ، وحتى يتمكنوا ، فتعود الأرض عربية إسلامية كلها.... وتتكلّم العربية .
عقيدتان تتصارعان والكلّ يقول إنّه الأوْلى والأحق ّوانّ الله .معه!!!
من قال ان قيام دولة فلسطينيّة في الضفة والقطاع والقدس الشرقية يحلّ المشكلة نهائيًا فهو مخطئ وألف مخطئ ....إنّه تخدير وقتيّ ، او حلّ مرحليّ مؤقت لا محوري ولا مفصلي ، إنه يُمهّد الطريق لحرب أخرى لاسترداد حيفا ويافا واللّد ...هذا ان وافقت إسرائيل أصلا ، فلا أراها تتنازل لا عن القدس ولا الخليل ولا أيّة بقعة مهما كانت وعرية من الضفة الغربية.
ومن يقول بقيام دولة فلسطينية على تراب الضفة وغزة والعاصمة القدس وعندها يحلّ السلام ، فإنه يعيش الوهم والسراب ، وانه لم يسأل حماسا ولا هنيه ولا غيرهم.فهنيّة اليوم شوكة في جنب ابو مازن مثلما الأمر مع اليمين الإسرائيلي وشاس وليبرمان ...انهم لا ينظرون الا من خلال منظار العهود .
سيعود الأحباب غدا او بعد غد من واشنطن بخفيْ حُنين ، وسيمضي اوباما وعهده ، ويمضي أبو مازن ونتنياهو وسيبقى الحال على ما هو عليه ، وستبقى القضيّة مُعلّقة ، إلى أن يأتي ذاك المُتأهب القادر أن يحكم الأرض – كلّ الأرض- بسلامه ، فيجلس كلّ واحد تحت تينته بطمأنينة وسلام .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=7733&I=209