المستشار نجيب وهبه
بقلم: المستشار نجيب وهبه
إن مَن يبحث في تراث العصر الجاهلي في شبه الجزيرة العربية يرى ما قد سببته إباحة تعدد الزوجات من مشاكل كانت سببًا كافيًا في تقييد الزواج بواحدة، بعدما اكتشفوا ما يجره ذلك من مصائب بحق مجتمعهم بشكل عام والمرأة والأسرة بشكل خاص.
استجاب مجتمع العصر الجاهلي لدعوة الرسل وآمنوا أن الله من البدء خلقهم ذكرًا وأنثى والذي جمعه الله لا يفرقه إنسان، وأطاعوا صوت الله القائل "أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها.. كذلك يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم".
وجاء المجتمع الجديد بعاصفة صخرية وهد ما شيده رسل المسيح من جمال وبهاء للمرأة. وألبس المرأة اللباس الذي يريده وحدد لها الدور الذي يرتئيه، وفرض عليها عزلة ما بعدها عزلة بحجة حمايتها وصون عرضها.
لا أبالغ إذا قلت إن المجتمع الجديد حرم المرأة من أبسط حقوقها وأفرغها من قيمتها الإنسانية وحوّلها إلى كائن ناقص تابع، كما تجاهل إن كل امرأة تحلم بإنشاء مملكتها الخاصة بها وحدها. فهل يمكن تحقيق ذلك الحلم الوردي الجميل في ظل رخصة تعدد الزوجات؟
دعونا نتخيل إن امرأة في بيتها ترعى أولادها تفاجأ بزوجها يجلب لها شريكة بدون سبب، تخيلوا ما هو حال تلك الزوجة المسكينة؟ ثم هل يمكن لمجتمع مزواج همه حشد الزوجات والقيام بكل ما يترتب على ذلك من رعايتهن وحل مشاكلهن أن يتقدم ويزدهر؟
في العصر الجاهلي أتتهم بشارة رسل المسيح فتقيدوا بواحدة وأمروا بمعاملتها بالمعروف إلا أن المجتمع الجديد زيف الحقائق، كلامهم من الناحية الغوية صحيح لكن من الناحية الدينية لا قيمة له. فأين الحقوق مع الأمر بحق هجر المرأة في المضاجع والضرب وكأنها ليست من صنف البشر، فأين الحقوق والمساواة؟ لقد تبجح المتبجحون الكاذبون المنافقون وصرخوا بأعلى أصواتهم أنهم هم الأمناء على مصالح المرأة وهم الذين منحوها الاعتبار والاحترام، أما غيرهم فهم منبع الذل والهوان للمرأة، الذين عملوا على انحطاطها وسلب شرفها. لقد كذبوا الكذبة ثم صدقوها.
أحاط المجتمع الجديد المرأة بأسوار عالية بداعي المحافظة عليها. وهنا أود أن أسأل: إذا لم تحافظ المرأة على شرفها بنفسها فهل تعتقد أن هذه التحصينات الشرعية ستمنع المرأة من عمل المحرمات إن أرادت أن تعملها؟
لا يزال عدد غير قليل من هذا المجتمع المتأخر حضاريا يعارض خروج المرأة من بيتها بدعوى المحافظة علي أنوثتها وشرفها، ويتجاهل هؤلاء تلك الملايين من النساء البدويات في شبه الجزيرة العربية في القرون الأولى بعد الميلاد اللاتي يخرجن كل يوم للعمل. ربما أعتقد هؤلاء الرجال أنهن دون شرف أو أنوثة وإلا كيف تفسر صمتهم إزاء خروجهن؟
هذا هو فكرهم الذي يتباهون به إنهم يفعلون ذلك في غياب الحقيقة التي حجبوها عن العامة وقد وضعوا رؤوسهم في الرمال كما النعامة حياءً وخزيًا مما أوصلوا المرأة في المجتمع الجديد إليه من ظلم وقهر وتعسف.
لقد حاولنا أن ننقل بعض من صور الحقيقة القائمة للمرأة التي واجهت الهرطقات والبدع في المجتمع الجديد الذي شوّه جمال ما وصل إليه العصر الجاهلي وجعل من المرأة عنصرًا ثانويًا وقزمًا محتقرًا وهد كيان جمال مجتمع العصر الجاهلي وقام وغرد وهلل بأن مكانة المرأة ما بعدها مكانه وأن مجتمعهم هو المشرع العادل لحقوق وواجبات المرأة وقاضيًا شرعيًا ما بعده قضاه يطلق من يريد ويزوج من يريد، ثم بدأ علماؤهم وفقهاؤهم يتحدثون عن حقوق المرأة
ألم تقارنوا وضع المرأة عندكم بمثيلتها النصرانية؟
نقترح عليكم لعل هذا يكون لكم عونًا في بلوغكم الرشد حتى تصلوا إلى الحقيقة التي نعلم أنها مرة المذاق بالنسبة إليكم، لكن ما العمل؟ حاولوا تذوقوها ولو مؤقتًا.. ألا كفاكم متاجرة بعقول الناس؟
http://www.copts-united.com/article.php?A=7928&I=214