فيولا فهمي
بقلم: فيولا فهمي
"لو لقيتوا حد أصغر مني ترشحوه لانتخابات الرئاسة يكون أحسن" توقفت كثيرًا أمام هذا التصريح الذي نُشر بإحدى الصحف الخاصة أمس، على لسان الدكتور محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، والذى قاله ردًا على الراغبين في ترشيحه للانتخابات الرئاسية القادمة من مختلف القوى السياسية!
فالرجل بالرغم من الخبرات الدولية المتميزة والسمعة الأكاديمية الجيدة والمؤهلات البحثية الرائعة والفوز بثقة قطاع واسع من المثقفين والسياسيين في المجتمع، إلا أنه يفضل أن يختار هؤلاء الذين وضعوا ثقتهم في شخصه مرشح أصغر منه سنًا، بالرغم أن البرادعي من مواليد 1942 ومنذ أيام قليلة أتم عامه الـ 67 –والذي يُعتبر بالنسبة لأعمار حكام ورؤساء الدول العربية ما زال صبيًا– إلا أنه يفضل أن يرشح لمنصب رئيس الجمهورية بكل ما يحمله هذا المنصب من رفعة وحيثية سياسية "حد أصغر منه"!
لم يقل البرادعي أن سنوات الخبرة كنز لا يفنى ولا يجب أن أحرم المصريين من درره الثمينة، أو أن الترشيح لهذا المنصب مكأفاة على شيب الرأس الذي أشعلته سنوات العمر التي أفنيتها في سبيل الوطن، أو أن الخبرات الدولية والعلاقات الدبلوماسية والثقافة القانونية تؤهلني بجدارة لاعتلاء أرفع مناصب الدولة، بل قال ببساطته المعهودة "لو لقيتوا حد أصغر مني رشحوه.. يكون أحسن"، تلك العبارة البلاغية توضح الفرق الشاسع بين "سلطة العقل" التي يتمتع بها البرادعي وأمثاله من شرفاء هذا الوطن والتي تطمح للتحرر والتغيير والتجديد، و"عقلية السلطة" التي لا تؤمن بعقيدة الديمقراطية وتعتقد أن الثبات والجمود وتضييق الخناق على الأجيال الجديدة حلالاً ومعروفًا يُثاب عليه يوم الحشر العظيم، وأن قيم مثل تداول السلطة والتعددية السياسية منكرًا وفجورًا سياسيًا!
عبارة البرادعي البسيطة التي استوقفتني طويلاً سوف تكون عبرة لمن يرفض أن يعتبر، ودرسًا لمن بلغوا من العمر عتيًا دون أن يتحركوا من على كراسيهم ويسمحوا لنا بفرصة رؤية وجوه جديدة، وكأن مناصبهم كُتبت على أسمائهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها!
http://www.copts-united.com/article.php?A=7982&I=215