مايكل فارس
• د. ناجي فوزي: كل قوانين ودساتير مصر لايوجد بها مايسمي "ديار المسلمين".
• علي ياسين: جهاد ضد من؟ وهل لو اعتدت علينا إيران سنتركها لأنها مسلمة؟.
• سيتفاجأ الجميع عندما يعرفون ان مهدي عاكف من "الخوارج"!
• كمال غبريال: رجال الدين لا يوجد في عقولهم إلا التراث الذي لا علاقة له بعصرنا الآن.
• محمد البدري: كلمة جهاد بها روح تآمر ضد غير المسلمين.
• كل البلاد المسلمة استباحت مصر باسم الإسلام منذ عمرو بن العاص حتى سليم الأول.
تحقيق: مايكل فارس - خاص الأقباط متحدون
أصدرت دار الإفتاء فتوى غريبة على موقعها الإلكتروني وهي "أن الجهاد فريضة لا يملك منعها أو تعطيلها أحد، والدفاع عن ديار المسلمين في مواجهة الأعداء فرض عين على أبناء البلد الذي يتعرض للاعتداء وفرض كفاية على غيرهم، لكن قتل السياح والمسافرين غير المسلمين الذين دخلوا بلاد الإسلام بأمان حرام.
وأفتت بعدم جواز «العمليات الانتحارية» التي تتسبب في قتل المسلمين أكثر مما تصيب من غير المسلمين، وقالت إنها «غير جائزة بأي حال من الأحوال لما تتسبب فيه هلاك للمسلمين وجر الوبال عليهم دون الانتصار على العدو».
ومفهوم الجهاد هو مصطلح إسلامي نبيل وله مفهومه الواسع في الإسلام، فهو يطلق على مجاهدة النفس والهوى والشيطان وعلى قتال العدو الذي يُراد به دفع العدوان وردع الطغيان.
وأكدت أن الجهاد قد يصير فسادًا في الأرض وغدرًا وخيانة إذا حاد عن الضوابط الشرعية، ولم تطبق فيه الأركان والشروط والقيود التي وضعها علماء الشريعة وخرج عن أن يكون جهادًا مشروعًا، وأشارت إلى أن الجهاد له شروطه التى لا يصح بدونها.
وهنا يظهر تساؤل هام.. هل نحن نعيش في عصر المواطنة بين المسلمين والمسيحيين؟ وإن كانت الإجابة نعم فكيف تطلق دار الإفتاء على مصر (ديار الإسلام)؟ هل مصر الآن ديار إسلام؟ وكيف ترى أن الوقوف ضد العدوان هو "جهاد"؟ هل معني ذلك أن المسيحيين لا يجب عليهم صد العداون لأن المسيحية لا تعرف معنى الجهاد؟ وهل معني ذلك أن يتحول صد العدوان عن مصر إلى واجب ديني وليس وطني؟
لذا كان لنا هذا التحقيق للوقوف على هذه المصطلحات التي تُستخدم حتى عام 2009 في دار الإفتاء ومطابقتها على أرض الواقع..
بداية أكد دكتور ناجي فوزي "أستاذ النقد السينمائي بأكاديمية الفنون ومخرج ومصور سينمائي": هل نحن في دولة دينية أم مدنية؟ فإن كنا في دولة مدنية إذًا لا مجال لمثل هذة الفتوى، وإن كانت مصر دولة دينية فالفتوى بالنسبة للدولة التي يدين أهلها بالإسلام صحيحة وتسري عليهم فقط. ولكن المشكلة أن المسئولين عن مصر يتعاملون مع مصر كدولة شبه دينية وينكرون ذلك في نفس الوقت، ومن هنا نلجأ للمصطلح الذي قدمه المفكر المصري جلال أمين وهو (الدولة الرخوة)، وهي الدولة التي تسن القوانين ولا تنفذها وهو ما حدث، ففي تعديلات الدستور نصت المادة الأولى على "المواطنة" ونص المادة الثانية "الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية مصدر التشريع" فما هذا التناقض!
وأضاف: إننا كمصريين ليبراليين أو علمانيين نضطر اضطرارًا إلى التوفيق بين هاتين المادتين المتناقضتين، ولكن الحكومة أو الأغلبية لا مصلحة لها في تعديل هذا التناقض لأن تعديلاتها تكون لصالح رأس الحكم ودائمًا مصحوبة بتنازلات للأغلبية، بدليل أن السادات عندما أراد تعديل الدستور عام 1980 ليغير فترة حكم الرئيس من مدتين فقط إلى مدد أخرى قام بتغيير نص المادة الثانية، فبدلاً من "الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع" جعلها "المصدر الرئيسي للتشريع".
وأضاف: إن المرحلة التي تمر بها مصر حاليًا مرحلة خطيرة جدًا الكل يلعب بالنار حتى الأساقفة؛ فتجد أسقف يهادن السلطة على حساب المسيحيين وتشغل الناس عن القضية الأساسية وهي حق الأقلية وتشغلها بمشاكل طائفية أخرى.
وفي سياق متصل أكد أنه لا معنى للكلمة التي قالتها الفتوى "ديار الإسلام" لأن مصر هي مصر، وإذا نظرنا إلى دستور مصر والقوانين المصرية كلها وكل من شرع القوانين المصرية لن نجد فيها كلمة "ديار إسلام"، كما أن الفتوى صنفت أعداء الإسلام في مصر وهذا خطأ فادح لأن الذي يصنف الأعداء هو جهاز الحكم بناء على القانون المصري وليس دار الإفتاء ولكن دار الإفتاء تخاطب بسطاء الناس.
واستنكر لفظ "الجهاد فرض عين على أبناء البلد" لأن في حال دخول مصر في حرب سيشترك فيها الكل، وأنا كمواطن أتعامل مع القانون لا الفتوى، فالدولة هي دولة القانون التي تنظم العلاقة بين المواطن والحاكم وليس المواطن والله.
وأكد علي ياسين "المفكر الليبرالي" أن دساتير مصر ليبرالية منذ 1923 وكانت بها الشريعة الإسلامية ولكن كانت في مواد متأخرة ولم تكن المادة الثانية؛ ولكن المشرع أثناء وضعها في المادة الثانية كما نعلم جميعًا وُضعت لمحاباة التيارات الإسلامية وبسطاء الناس، ولكن على أرض الواقع فإن النظام المصري مدني سواء في القوانين أو التعامل مع العالم الخارجي في الاتفاقيات الدولية وغيرها، إذًا ما الداعي لوجود دار إفتاء أساسًا؟ فهي موضوعة لتعطيل العقل، فمثلاً أفتى مفتي سابق أن الرجل عندما يقبّل (يبوس) زوجتة في النهار هذا لا يفسد الصيام في رمضان؛ والآن عندما يسألون المفتي رأيه في قتل السائح يقول حرام ما دام لا عداء بيننا، إذًا ماعلاقة ذلك بالجهاد وكونه فرض عين أم لا؟
وأكد أنه دارس للتاريخ جيدًا.. وشدد على أن هذه الفتاوى لم تظهر إلا في عهد المماليك لأنهم أول من أصدروا فتاوى بهذا الشكل للحصول على أموال، والذي لا يجاهد يدفع أموال مقابل عدم جهاده.. حيث يقولوا للشعب نريد أموالاً لمحاربة الفرنجة أو محاربة أعداء المسلمين حتى لو كانوا مسلمين مثلما حاربوا الأتراك.
وأكد أن "حد الردة" نفسه لم يظهر إلا في عهد المماليك بالرغم أنهم أبعد ما يكون عن الدين فهم مجموعة "شواذ" ومنحرفين أخلاقيًا ودينيًا.. ولم يوجد حد ردة ظهر منذ عهد عمرو بن العاص حتى عهد العباسيين فلم يظهر حد الردة إلا بعد العصر الأيوبي، وحروب أبي بكر ضد المرتدين (كما يُقال) كانت حروب ضد مسلمين لأنهم لم يدفعوا الزكاة (وهؤلاء لم يغيروا دينهم) وقال قولته الشهيرة لعمر بن الخطاب الذي قال له "أنت تحارب قومًا يقولوا لا إلله إلا الله وأن محمد رسول الله" فرد عليه قوله الشهير "والله لو يمنعوني عقالاً (خيط) كانوا يمنحونه لرسول الله لحاربتهم عليه". لأنه كان يؤسس دولة إسلامية ولم يحاربهم بسبب الارتداد عن الدين الإسلامي بل عن الزكاة.
واستطرد مؤكدًا أن هذه الفتوى "الجهاد فرض عين" في عصرنا الحالي غير صالحة للاستعمال بل هي ضد حقوق الإنسان.
وتساءل جهاد ضد من؟ فلو اعتدت علينا العراق أو السعودية أو إيران أو حماس في فلسطين على حدود مصر وأردوا احتلال مصر.. ماذا سنفعل كمصريين؟ هل سنقول نحن مسلمون وسنترك الأقباط وحدهم يدافعوا عن الأرض المصرية؟ أم سنحاربهم معًا مسلمين ومسيحيين؟ فلتفتي لنا في هذه المسألة؟
وأكد أن دار الإفتاء تنتهج نهج مهدي عاكف مرشد الإخوان الذي قال "طظ في مصر والمصريين" والذي يريد أن يكون الإمام من إندونيسيا وهذا خطأ في السنّة، لأن في الفكر السنّي يجب أن يكون الإمام من قريش وهذا يفضح عاكف ليؤكد أنه من الأباضية الخوارج في عمان الذين يقولون بأن الإمام يكون من أي مكان.
وأضاف أنه في عصرنا الحالي -عصر القراءة والكتابة والإنترنت وقوانين- يجب إلغاء دار الإفتاء، فما الداعي أن نسألها ماذا نفعل فهذا مظلة على العقل الإنساني، وتساءل قائلاً هناك أكثر من تفسير للقرآن لماذ تفسير دار الإفتاء هوالصحيح فقط؟
وأضاف الأستاذ كمال غبريال "الكاتب الليبرالي" أن رجال الدين أغلبهم مغازل للعقل ومناحزين بتفكيرهم لقرون ماضية لا علاقة لها بما نعيشه حاليًا، وهذا الكلام لا يعتد به إطلاقًا لأن الدفاع عن البلاد لا يسأل فيه المفتي إنما رجال السياسة والحكومة والقانون المصري، ولكن إعطاء اعتبار بما يقوله المفتي في مسألة الدفاع عن البلاد هذه نكسة ورِدّة فكرية لأن ليس في ذهن رجل الدين إلا التراث الديني القديم الذي لا علاقة له بعصرنا، فالجهاد مفهوم ديني قديم مررعليه 14 قرن ونحن لسنا في عصر الجهاد ولا نقيم على أراضي مسلمين، فالأوطان اليوم هي ليست أوطان ديانات إنما أوطان شعوب، ومصر ليست أرض مسلمين أو أمريكا دولة مسيحيين، فالدول الآن دول مواطنة.
ولكن المشكلة في الشعوب التي تعطي لكلام رجال الدين في الأمور التي لا علاقة لها بهم قيمة، فليقولوا مايشاءون إذًا ولندر لهم ظهورنا إلا في حال سؤالهم عن العبادات فقط. أما مسائل الحياة والحرب والسلم والشرب والأكل والاقتصاد والسياسة فقوانين الدولة هي التي تحددها وطالما نسألهم فيما لا يخصهم، فعلينا أن نسمع العجائب مثل الجهاد وبول الإبل وبول الرسول والتبرك بجثث الأموات وذلك لأننا أدرنا ظهورنا للعلم.
وأضاف محمد البدري "الكاتب والمفكر الليبرالي" أن هذه الفتوى تثير أكثر من إشكالية، أولها كلمة "الجهاد" بها روح تآمر لأن هذا المصطلح عندما وُجد عند العرب والمسلمين كانت تعني أنه لا بد من العداون على الآخر لأنه غير مؤمن ولا بد من فرض ديني عليه، ولكنهم عندما يأتون إلى البلاد التي عرفت معنى كلمة وطن منذ آلاف السنين مثل مصر غيّروا المعنى ليكون "الدفاع"، لكن فقهاء الإسلام الحاليين المتأثرين بالوهابية يقولون أنه فرض عين على كل المسلمين لمحاربة من يمنع المسلم من دعوة الإسلام.
وأضاف أن الإشكالية الثانية أننا أصبحنا شعوب متخلفة بحكم العروبة، حيث تغلغلت لدينا الثقافة العربية وهي ثقافة تجهيل لأنها نابعة من الجاهلية العربية وبالتالي ليس لدينا المقدرة على نقد كل ما يُقال لنا.. فمثلاً لدينا وطن ثابت ومستقر ثم لا نعطيه اعتبار كوطن، وجعلت الإسلام وطن ومستعد أن يتم احتلالك من آخرين مسلمين دون اعتبار لوطنك. فللأسف الشديد تاريخ مصر مع الإسلام هو تاريخ إعادة غزوها عشرات المرات باسم الإسلام، بمعنى عمرو بن العاص غزاها وكل من جاء بعده جاء باسم الإسلام؛ إذًا الأوطان التي تعرف الوطن والمواطنة مستباحة من الإسلام دائمًا التاريخ يعلمها لنا، بدليل سليم الأول (العثماني) كان مسلم والمماليك والفاطميين والأيوبيين والعباسيين و.....، فالمماليك الذين حكموا مصر مسلمين فلماذا جاءت الجيوش العثمانية بقياده سليم الأول (أو النطع كما اطلقت عليه)؟ فللأسف طالما أنك اعتنقت الإسلام فأصبحت مُستباح بما هو كل مسلم؛ فالإسلام رسّخ قيمة سلبية لأنه يستبيح كل البلاد الأخرى بحجة أنها بلاد غير مؤمنة وكذلك يستبيح كل المسلمين بفرض أنه الحارس على الإسلام، وبالتالي فحالة الحرب الدائمة هي "الجهاد" أما ما يزعمونه أنة سائح أو غير سائح فهي حجج لبقاء حالة الحرب قائمة.
وأضاف ان كلمة "ديار الإسلام "ضد المواطنة في المادة الأولى من الدستور لأن مصر ليست ديار إسلام وبلد مسيحيين ومسلمين. ولكن للأسف حتى هذه المادى وُضعت لتجميل وجه مصر أمام العالم ولكن لم يتم اتخاذ أي شيء يثبت أنها موجودة، فهل تم إقرار قانون دور العبادة الموحد أو قانون للمتحولين دينيًا أو حرية اختيار الدين؟. فما هي الإجراءات التي اتخذتها الدولة كي تثبت كلمة المواطنة الموجودة بالدستور؟
واستاء من موقف دار الإفتاء ووزير الصحة الذان ينتظران مصل أنفلونزا الخنازير حتى يقررروا الحج أم لا، أي ينتظروا جهد الغرب حتى يحجوا، فلماذا لا يملأون أكواب من بول الإبل ليشفوا أنفسهم؟ فلماذا تستحل الآخر في منتجه العلمي ثم تشتمه كما كان يفعل الشعراوي يذهب للغرب يتعالج عندهم ثم يأتي مصر ويشتمهم، فللأسف هم شعوب جاحدة لا تعرف معنى شكر الآخر ولكنه يحمد الله عندما يقتل ويسبي ويستحل الآخر.
http://www.copts-united.com/article.php?A=8438&I=227