هل نحتاج لقانون لمعاقبه مثيري البلبلة ومروجى الشائعات؟

محمد زيان

* أحمد جبيلي: مشروع مشبوه يذكرنا بالقانون 93.
* وائل الإبراشي: الحكومة تريد الرجوع بالحريات للخلف.. والقوانين الموجودة تكفي.
* مصطفى بكري: محاولة لإسكات الصحفيين.. هناك أشياء أولى بإصدار تشريعات.
* نجيب جبرائيل: الاتجاه الحقوقي يضمن عدم الإساءة للآخرين.. وكفانا تعويق للحريات.
تحقيق: محمد زيان – خاص الأقباط متحدون

أعلن الدكتور مفيد شهاب "وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية" عن نية الحكومة إصدار قانون جديد لردع من أسماهم مروجي الأخبار المثيرة للبلبلة والذعر، وكشف شهاب عن مشروع قانون تعده وزارة العدل حاليًا لهذا الأمر خصيصًا، مشيرًا إلى أن هذا القانون سوف يقلل من نشر الأخبار التي تمس سمعة الشرفاء في المجتمع والتي تأتي بين الحين والآخر.
كلام شهاب حرّك المياة الراكدة في أوساط الإعلاميين والحقوقيين ورجال الفكر والكلمة، بما اعتبروه خروجًا عن تقاليد الحرية في الرأي والفكر والكلمة ويمثل تصعيدًا خطيرًا ضد منظومة الحريات وانتهاك صارخ من الحكومة لمواد حرية الرأي والفكر والتعبير التي عبرت عنها القوانين المحلية والمواثيق الدولية.

مشبوه
جبيلي أحمد جبيلي "رئيس حزب الشعب ورئيس تحرير جريدة شعب مصر"
يؤكد أن مشروع القانون الذي قال به الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية يبدو من ظاهره أنه محاولة من الحكومة لتكميم أفواه الصحفيين وأصحاب الرأي والفكر، مشيرًا إلى أن هذه المحاولة تذكر الجميع بالقانون رقم 93 الذي حاولت الحكومة من خلاله تركيع الصحفيين ولي عنقهم وتعويق الدور الذي تقوم به الأقلام الشريفة في كشف الفساد المستشري في قطاعات عديدة من الدولة.
ويذهب الجبيلي إلى أن هذا القانون الذي أكد الوزير أنه يجري تصنيعه الآن في وزارة العدل مرفوض جملة وتفصيلاً لأنه يمثل محاولة جديدة من محاولات الحكومة استئناس الصحافة وجلدها بدعوى وجود قوانين، وأن الاتجاه نحو إقرار قوانين بهذه الكيفية من شأنه تعطيل منظومة الحريات والإصلاح السياسي الذي تقوده الدولة في المرحلة الحالية ويعطل محاولات التقدم.
وطالب جبيلي جموع الصحفيين وأصحاب الأقلام بإعلان رفضهم القاطع لهذا المشروع المشبوه –على حد قوله– لما يمثله من إجحاف بحقوق أصحاب الرأي الآخر المخالف وتدمير لمنظومة الحريات في مصر.

الإبراشيانتقاص
ويرفض الإعلامي "وائل الإبراشي"
أية مشاريع قوانين من شأنها الانتقاص من حرية العمل الصحفي وتعويق فهم الحقيقة والوقوف عليها، مشددًا على أن خروج قانون لقمع الصحفيين تحت أي دعوة وأية تسمية إنما هو أمر في غاية الخظورة يجب أن يحظى باهتمام العاملين في حقل الحريات والداعمين لها ولا بد من أن يقابله الإعلاميون وأصحاب الرأي برفض قاطع.
ويحذر الإبراشي من المحاولات المستمرة لتكميم أفواه الصحفيين على خلفية ذيوع بعض الأخبار أو نشرها في الصحف والمجلات، مؤكدًا على ضرورة تطبيق القانون الموجود للتعامل مع الخروقات في هذا المجال وأن القوانين الموجودة كفيلة بضمان العقاب المناسب هنا.
ويشير الإبراشي إلى أن هناك قوانين كثيرة تطبق على الصحفيين والإعلاميين وأنه ليست هناك حاجة ماسة لخروج قانون من هذا النوع، بما يقطع أن هناك عقاب قانوني للأخبار التي لا تمس الشرف وتخرج عن التقاليد العامة وتمس بصورة أو بأخرى حقوق الآخرين ومنها قانون العقوبات والصحافة في المواد المتخصصة.

إسكات
بكري ويصف مصطفى بكري "رئيس تحرير جريدة الأسبوع"
اتجاه الحكومة المصرية لإقرار مشروع قانون جديد لعقاب من تسول له نفسه أخبارًا مثيرة للبلبلة والذعر –كما جاء في كلام شهاب– على أنها محاولة جديدة لإسكات صوت الصحفيين عن كشف الفساد المستشري في المجتمع ومحاولة أيضًا للردة للخلف بالمنظومة الإعلامية بعد الازدهار والتقدم الحادث في مجال النشر.
ويذهب بكري إلى أنه اعترض في مجلس الشعب على هذا القانون المزمع عرضه على المجالس التشريعية لأنه سالب للحريات ويمثل صفعة على جبين الحريات.
ويوجه بكري الحكومة إلى ضرورة استغلال الماكينة التشريعية في إصدار تشريعات هامة ومفيدة لحركة المجتمع وتحقق التقدم والتنمية وعدم إهدار قيمة العمل البرلماني في التفرغ لعمل تشريعات تضييقية على الحريات وتنتقص من سمعة الدولة.
ويوضح بكري أن هناك قوانين تحاسب المخالفين لقواعد المسموح بها في النشر مثل قانون العقوبات وقانون الصحافة، والتي تضمن عقاب وردع كل من يخالف التقاليد والأعراف المتبعة في النشر وتعاقب كل من ينشر أخبارًا من شأنها الخروج على المنظومة المتعارف عليها في حقوق النشر أو تضر بالأمن القومي المصري، والدليل على ذلك أنه قد تم تطبيق القانون على الصحف التي خالفت هذه الأعراف ونشرت أخبارًا اعتبرتها الحكومة خارجة عن الآداب العامة وتثير البلبلة وهو خير دليل يقدح بعدم حاجتنا إلى قانون جديد.

جبرائيل تكفل
ويؤكد الدكتور نجيب جبرائيل "رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان"
على أن الاتجاه الحقوقي في العالم يجمع بين كفالة الحريات الشخصية وعدم التعرض بالإساءة للآخرين واحترام خصوصياتهم، بمعنى أنه رغم إقرار كافة الحقوق الواردة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان مثل ميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية فإن ذلك لا بد وأن يقابله مسئولية اجتماعية حتى لا تحدث فوضى في المجتمع.
ويشدد جبرائيل على أن إقرار منظومة الحريات لا يعني بالضرورة نشر أخبار تسيء للأفراد أو المجتمعات وتنتهك خصوصياتها أو تزدريهم في حياتهم الشخصية أو معتقداتهم، وبالمثل فإن هذا أيضًا لا يعني أن تتجه الحكومة للتضييق على الحريات بزعم أن هناك خرقًا للقواعد المنظمة لحرية المجتمع، حيث قدمت هذه الدساتير سواء كانت محلية أو دولية حلولاً جذرية وكاملة للخروقات التي تحدث في مجال الإعلام والنشر، ويبقى هنا المعيار والمحدد هو القاعدة ومجموع الآليات المقررة للعقاب القانونى في مجتمع من المجتمعات.
ويشير جبرائيل إلى أن اتجاه الحكومة لإقرار قانون يجرم نشر أخبار بعينها من الممكن أن يساهم في زيادة معدلات الفساد في المجتمع، لأن هناك فئات خاصة تحزم حولها شبهات كثيرة ولديها الكثير من المخالفات وبالتالي فإن مجرد الإشارة إلى هذه الأمور سوف تقابل بمزيد من التعنت والمصادرة.
ويرفض جبرائيل محاولات الحكومة المستمرة في تكميم الرأي الآخر الذي ربما يكون الحقيقة وتكون مصادرته وعقابه هي الخطأ الكبير الذي ترتكبه الحكومة، مشيرًا إلى أن مشروع قانون الحكومة المُشار اليه والذي تعده الآن وزارة العدل إنما يمثل تصعيدًا خطيرًا ضد الحريات في مصر.