تابع "مصريون ضد التمييز الديني" بانزعاج وقلق شديدين الأنباء الواردة عن الاعتداءات التي تعرض لها مواطنون مسيحيون في مدينة ديروط بمحافظة أسيوط في أعقاب اكتشاف علاقة بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة، وما أشيع عن نشر صور غير لائقة للفتاة عبر شاشات المحمول والإنترنت، وتحويل جريمة جنائية إلى صراع طائفي وبعد دراسة الموضوع من جميع جوانبه فقد رصدوا ما يلي:
1-أن الجريمة الأصلية الخاصة بالعلاقة بين الشاب والفتاة وإذاعة صور غير لائقة للفتاة، إنما تدل – إن صحت – على مدى التدهور الخلقي الذي وصل إليه مجتمعنا، ليس فقط بارتكاب جريمة انتهاك الخصوصية وتعمد الإساءة للفتاة وتلويث سمعتها في مجتمع محافظ لا يرحم، ولكن المتهم لم يراعي أيضا اعتبارات الجيرة، ولا الشهامة، ولا النخوة، ولا الأعراف المرعية أسرياً وأخلاقيا.
2-أن قيام أقارب الفتاة بقتل والد الشاب وعمه - رغم عدم ضلوعهما في الجريمة الأصلية - انتقاما لشرفهم وإن كان شائعا في بعض مناطق الصعيد التي تعاني من الفقر والجهل والتخلف، يعد جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد ويعاقب عليها قانون البلاد، كما أنه أمر لا يقره أي دين أو شرع أو فطرة سليمة.
3-أن قيام العشرات من المسلمين بالاعتداء على المسيحيين في المدينة – كنوع من العقاب الجماعي - في أعقاب تجديد النيابة لحبس أربعة من أقارب الفتاة المتهمين بقتل والد الشاب، وقيامهم باستهداف منازل ومتاجر وممتلكات المسيحيين ومقر المطرانية، وإشعال النيران فيها، وتكسيرها ونهبها لا يمكن فهمها بمعزل عن السياسات الحكومية التي أدت إلى الأزمة المجتمعية الشاملة التي نعيشها في مصر، ولا بمنأى عن ممارساتها التي أدت إلى شيوع أجواء الفرقة والتعبئة الطائفية من خلال سطوتها على مناهج وآليات التعليم الرسمي من جهة، وعلى وسائل الإعلام من جهة أخري، ولا بمنأى عن تغاضي الدولة عن الحض على كراهية المسيحيين وإشاعة مناخ هستيري ضدهم بواسطة التيارات السلفية والطائفية عبر خطب الجوامع والكاسيت الديني والتجريح المباشر وغير المباشر للمسيحيين وعقائدهم الدينية، ومكمن الخطر في هذه الأحداث أنها لم ترتكب بواسطة جماعات إرهابية، أو جماعات متطرفة منظمة، ولكنها ارتكبت من قبل مواطنين عاديين وقعوا تحت تأثير شحن منتظم ومتوال.
إن "مصريون ضد التمييز الديني" إذ تعلن بوضوح إدانتها لكل الجرائم التي ارتكبت في ديروط، فإنها تحمل الدولة المسئولية عن تزايد العنف الطائفي بوتائر متسارعة تهدد بتفكيك السبيكة الوطنية، وتطالب بما يلي:
إعادة الاعتبار والهيبة وبحزم لسيادة القانون بقواعده العامة والمجردة والملزمة، بملاحقة المعتدين والقبض على المتهم الهارب وتطبيق القانون على الجميع، وتحذر من الوقوع في مغبة ما يسمي بـ "جلسات الصلح العرفية" سيئة السمعة، التي يجانبها الحق والحياد، والتي تقضي على آخر لمحات الأمل في التمسك بنظام عادل يقوم على سيادة القانون ليبسط العدل ويصرع الظلم وينصف الضحية.
التعامل بجدية مع أمراض العنف المجتمعي، ويأتي علي رأسها العنف الطائفي عبر تشكيل لجنة على أعلى مستوى من أعضاء مجلسي الشعب والشورى، والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية وأساتذة علماء النفس والاجتماع، لدراسة الأسباب الحقيقية للعنف الطائفي وكيفية مواجهته بحسم بحيث يضع مصلحة الوطن فوق المصالح الطائفية الضيقة.
تفعيل النص الدستوري الخاص بالمواطنة من خلال: تنقية القوانين واللوائح والتعليمات القائمة من المواد التي تدعم التمييز على أساس ديني وطائفي، وإصدار القوانين اللازمة لنزع فتيل الاحتكاكات الطائفية وبصفة خاصة "القانون الموحد لتنظيم أعمال بناء وتدعيم دور العبادة" و"قانون تكافؤ الفرص وتجريم كافة أشكال التمييز".
إن "مصريون ضد التمييز الديني"، إذ ترى أن تصريحات السيد محافظ أسيوط تحمل بصيصا من الأمل في إعلاء سيادة القانون ومعاقبة الجناة طبقا للقانون، فإنها تأمل أن تتبع الدولة الأقوال بالأفعال، فالأمر خطير ولا يحتمل الهزل في موقع الجد.
مصريون ضد التمييز الديني
http://www.copts-united.com/article.php?A=9206&I=244