مايكل فارس
تقرير: مايكل فارس - خاص الاقباط متحدون
تداعيات الأزمة المالية العالمية على الغذاء في مصر
الفقر في مصر صناعة بشرية نجمت عن فشل سياسات التنمية التي كانت متبعة منذ منتصف القرن العشرين وأدت في النهاية إلى نتائج كارثية في مجال الفقر والإفقار، حيث يوجد 20.5 مليون فقير مصري ضمن فئة الفقر المدقع إقل من دولار في اليوم، و35.8 مليوناًَ يقل دخلهم اليومي عن دولارين، وفي حين يستحوذ 20% من سكان مصر على 43.6% من الدخل الوطني، لا يحصل أفقر 20 % على أكثر من 8.6% من الدخل الوطني، هذا ما أكده تقرير مركز الأرض الأخير حول أثر الأزمة المالية العالمية على مصر.
ويؤكد مركز الأرض لحقوق الإنسان من خلال تقريره على أن العالم يواجه تحديات كثيرة في مجال الغذاء العالمي، أبرزها إرتفاع أسعار الغذاء، وتغير المناخ وما يترتب عليه من آثار سلبية إقتصادية وإجتماعية وبيئية، وزيادة خطر نقص الغذاء بسبب إنتاج الطاقة الحيوية على حساب الغذاء.
ولفت التقرير الإنتباه إلى أن أزمة الغذاء العالمي كشفت عن أهمية "الإكتفاء الذاتي الغذائي" بالنسبة للدول النامية ومنها مصر، إذ أن كثير منها كانت قد تجاهلت الإستثمار في مجال الزراعة بسبب أسعار الغذاء العالمية المنخفضة خلال الأعوام ال 25 الماضية، لكن مع إستمرار إنخفاض خصوبة الأراضي، والتغير المناخي، وشح المياه اللازمة للزراعة إنخفضت منتجات المحاصيل الزراعية بشكل مستمر، ومن جانب آخر، إرتفعت الواردات الزراعية في الدول النامية بسبب زيادة عدد سكانها والطلب المتزايد عليها، ما أدى إلى زيادة الواردات الزراعية وفقد "السيادة الغذائية" على نحو مستمر.
وشدد التقرير على أن القطاع الزراعي يعد من القطاعات الرئيسية في الإقتصاد المصري بإعتباره قطاعاً مسئولاً عن تحقيق الأمن الغذائي، ومصدراً رئيسياً لتوفير مدخلات القطاعات الإنتاجية والخدمية الأخرى، بالإضافة إلى دور الصادرات الزراعية في تحسين ميزان المدفوعات، كما أنه يستوعب حوالي 34% من الأيدي العاملة.
وحذر التقرير من أن الأزمة الغذائية في مصر قد تطورت تبعاً لمعدلات نمو الإنتاج والطلب الإستهلاكي على المنتجات الغذائية، وأصبح هناك شبه إجماع على أنها قد وصلت إلى حد حرج يتجلى في تنامي الإعتماد على المصادر الخارجية لإطعام المواطنين، وتدهور نصيب الفرد من الناتج الزراعي، وتراجع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح التقرير أن القطاع الزراعي المصري مطالب خلال السنوات المقبلة بتحمل تبعات قد تكون فوق طاقته نظراًَ لسنوات الإهمال التي مر بها، والتي جعلت من مصر دولة مستوردة لغذائها.
وعدد التقرير تحذير خبراء الإقتصاد الزراعي من تداعيات تأثير الأزمة المالية العالمية على القطاع الزراعي، مما يهدد عمليات التنمية الزراعية المصرية، وينعكس على برامج التنمية الأخرى، ويتوقع الخبراء أيضاًَ وفق ما جاء بالتقرير أن تؤثر الأزمة على برامج وخطط تشجيع المزارعين على زراعة المحاصيل الإستراتيجية ومنها القمح والذرة وعباد الشمس، ما يؤدي إلى الإعتماد على الإستيراد من الخارج مرة أخرى، وتراجع سياسات الإقتراب من الإكتفاء الذاتي من هذه المحاصيل، وأيضاً تراجع معدلات النمو في الزراعة المصرية.
ويرى التقرير أن هناك خطر يهدد محاولات تحقيق الإكتفاء الذاتي من القمح المصري في أعقاب الأزمة المالية والإقتصادية العالمية التي أدت لإنخفاض أسعار الحبوب الغذائية في السوق العالمي, وجميع المؤشرات تشير إلى إبتعاد المزارعين عن زراعة القمح خلال الموسم الزراعي الحالي وإتجاههم لزراعة البرسيم بدلاً منه مما ينبئ بكارثة غذائية.
ويتوقع التقرير أن تبتعد الإستثمارات عن قطاع الزراعة في ظل الوضع الحالي مما يترتب عليه إنخفاض فرص العمالة في هذا القطاع، ودخول فئات جديدة خاصة من المجتمع الريفي تحت خط الفقر، بالإضافة لحدوث هجرة محتملة من أبناء الريف خاصة في الوجه القبلي، وظهور نمط الإنجاب التعويضي بشكل كبير بسبب تزايد الفقر.
ويبين التقرير في قسمه الختامي ضرورة دعم المزارعين وتطوير الزراعة المصرية وتبني سياسات زراعية تنموية بديلة ومتكاملة من شأنها توفير الغذاء الأمن والحياة الكريمة للمصريين عبر نظم إجتماعية وإقتصادية وسياسية تكفل للمزارعين حقهم في تشكيل جمعياتهم دون وصاية أجهزة الدولة وإعادة أموال الجمعيات الزراعية التي إستولى عليها بنك التنمية كي تتمكن من القيام بدورها في التنمية الزراعية وتحسين أوضاع الريف وتجاوز الأزمة الإقتصادية وذلك لضمان نهضة بلادنا والمساهمة في غد أكثر عدلاًَ وإنسانية يكفل العدل الإجتماعي والحقوق الإنسانية لكل المصريين.
http://www.copts-united.com/article.php?A=921&I=28