القس. سامي بشاره
بقلم: القس.سامي بشاره
عندما تاتى يا يوم ميلاد الكنيسة: كنيسة العهد الجديد, الكنيسة المنظورة تاتى بروح الحضور والحبور مشبعا برياح التغيير والتطهير فيصفك الانجيلى الطبيب والتلميذ النجيب لوقا قائلا"ولما حضر يوم الخمسين "( اع2 :1 ) فهو يتكلم عن حضور شخص وليس قوة او تاثير. لقد مر خمسون يوما على قيامة الرب يسوع المسيح من بين الاموات وصار باكورة الراقدين التى كان لها عظيم الاثر وبالغ التاثير فى حياة التلاميذ اذ اعادت الحياة اليهم واعادتهم الى الحياة وجعلت حياتهم ذات هدف وقيمة وغاية عظمى يحيون لاجلها, قضاها مع احبائه ليعدهم لحدث جلل وجد هام وهو انسكاب الروح عليهم كما وعدهم من قبل لاعطائهم قوة للشهادة فى اورشاليم وفى كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض (اع 1 : 8 ). فهم على محك مرحلة جديدة ومحط خطوة فريدة فى التاريخ الانسانى اذ ينتظر هولاء الحفنة من التلاميذ امر صياغة واعادة تشكيل الخارطة الدينية فى العالم من الناموسية المميتة والطقسية المقيتة الى الايمان العجيب والحرية الفريدة حرية مجد اولاد الله. فكل فرد يتعرف على المحرر الاعظم شخص المسيح الممسوح من الله ملكا ونبيا وكاهنا الى الابد ياخذ مسحة من القدوس ويتمتع ببركات السماء من فوق وبركات الغمر من تحت ويتقدم الى عرش النعمة بثقة لكى ينال رحمة ويجد نعمة عونا فى حينه(عب 4: 16 ).
لقد اشار الرب يسوع الى اهمية وجود روح الله فى حياته من البدايات المبكرة فى خدمته لقد واجه تجارب ابليس "اما يسوع فرجع من الاردن ممتلئا من الروح القدس وكان يقتاد بالروح فى البرية اربعين يوما يجرب من ابليس(لو4 : 1-2 ). ولقد اعلن فى الهيكل اقرار الايمان الخاص به عندما قال"روح الرب علي لانه مسحنى لابشر المساكين ارسلنى لاشفى منكسرى القلوب لانادى للماسورين بالاطلاق وللعمى بالبصر وارسل المنسحقين فى الحرية واكرز بسنة الرب المقبولة(انجيل لوقا 4 : 18 – 19 ). لقد كان التلاميذ قبل معرفتهم بالسيد المسيح مجرد صيادى سمك بسطاء فقراء من عامة الشعب ولكن معرفتهم ليسوع واختياره لهم جعلهم وصيرهم صيادى ناس اغنياء فى الروح يشار اليهم بالبنان والحكمة ومعرفون لدى الرؤساء ورئيس الكهنة. وكذلك قبل حلول الروح القدس عليهم فقد كانوا خائفين مشتتين حزانى متحيرين اما بعد انسكاب الروح عليهم اصبحوا معا بنفس واحدة واصبحوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات واصبحوا يواظبون فى الهيكل بنفس واحدة وهم يكسرون الخبز فى البيوت كانوا يتناولون الخبز بابتهاج وبساطة قلب وجميع الذين امنوا كانوا معا وكان عندهم كل شىء مستركا. ثم يقف بطرس الخائف الذى انكر سيده امام جارية ليخاطب الرجال اليهود والساكنون فى اورشاليم اجمعون وانضم فى ذلك اليوم نحو ثلاثة الاف نفس.
عجبا لروح الخطابة وقوة الوعظ والشجاعة التى امتلا بها بطرس وسائر التلاميذ نتيجة فعل وعمل سكنى الروح القدس فلم يقف الفعل عند مجرد التاثير ولم يقتصر عمل الروح عند مجرد القوة الاستعراضية بل قوة الشهادة ولهم نعمة لدى جميع الشعب فليس المقصود من الملء هو استخدام واستغلال الروح بل العكس ان يستخدمنى الروح لمذيد من الاعلان والكرازة والشهادة وانكار الذات كما فى حادثة شفاء بطرس للاعرج الجالس على باب الهيكل الجميل باسم يسوع ونفى اى فضل له عندما اكد للجميع "كاننا بقوتنا او تقوانا قد جعلنا هذا يمشى"(اع3: 12 ). ومن ذلك نرى عمل الروح القدس فى حياة وخدمة السيد المسيح كفرد وفى حياة وخدمة التلاميذ كجماعة وايضا فى حياة وخدمة الكنيسة من يهود وامم على نطاق اوسع وادائرة اكبر. فى سفر الكنيسة سفر اعمال الروح القدس فى الرسل نرى اول مجمع لمواجهة لاهوت التهود اى ضرورة ختان من يريد ان ينضم للكنيسة من الامم غير المختونين لايفاء متطلبات الناموس الطقسى وبعد دراسة القضية دراسة منظمة بطريقة اللاهوت المنظم Systematic Theology تحت قيادة وارشاد الروح القدس ايضا وهذان عنصران مهمان لمواجهة اى فكر فهناك الجانب البحثى الكتابى فيجب ان نفكر كتابيا لكى نصنع ونضع ونؤسس حياة كتابية تحقق وصية الانجيل بان نعيش فقط كما يحق لانجيل المسيح اذ لم يمنع ذلك من مشاركة الاملاك والمقتنيات ولم يمنع اختيار سبعة شمامسة للاشراف والتنظيم ولم يمنع ان يتولى ويتخصص بطرس ويوحنا للوعظ والتعليم فبعظة واحدة ربح بطرس ثلاثة الالاف شخص ولكنه بمعجزة ربح شخص واحد اعرج باب الهيكل وهناك دور الروح القدس معلم ومرشد الكنيسة الذى يعلمنا ويذكرنا بكل ما قاله السيد المسيح لنا.
والنتيجة الموضوعية هى الراى الحكيم "لانه راى الروح القدس ونحن"(اع 15 :28 ). وربما يفهم القارى العزيز ان يوم الخمسين يوم لا يمكن ان يتكرر وان ذلك العمل المبدع نادرا ما يحدث وهذا فى رايي تقليل من شخص الروح الغنى والثرى والمستمر وهذا راجع الى نوعية من الثقافة المجتمعية التى تفتخر بالماضى وتزعم انه ليس فى الامكان ابدع مما كان وان الكنيسة الاولى امتلكت فقط عنصر قلما يتكرر وهذا فى رايى اجحاف فى حق وعد الرب يسوع بان يرسل الروح المعزى اى المشجع الذى يمكث معنا الى الابد وانه ان امتلكنا الايمان نمتلك كل شىء بكل غنى للتمتع وان الوعد ان نعمل الاعمال التى عملها السيد المسيح بل واعظم منها فالمشكلة ليست سوى مشكلة ايمان ليس الا. ان الايمان يجعل من الشخص العادى بطلا للايمان وعمل الروح مستمر فى حياة الافراد اذ يجذبهم للمسيح فهو روح الحكمة والاعلان والفهم والمشورة ومستمر فى حياة الكنيسة اذ يقويها ضد ابواب الجحيم وامام كل الة صورت ضدها فهى دائما لا تنجح ولا تنال من قوة وحضور الكنيسة ومستمر فى حياة كل من يقبل المسيح ربا وفاديا. فالعقل المعمد بالروح القدس يخرج من كنزه جددا وعتقاءا والكنيسة المعمدة بروح الرب تضم كل يوم الذين يخلصون.
ويوم دخول المسيح حياة اى انسان يسكنه روح الله القدوس وربما يحزن او ينطفىء ولكنه لا يفارقه او يتركه فعطايا الله بلا ندامة ونحن هيكل الله وروح الله ساكن فينا ولكننا نحتاج الى حياة التوبة وتجديد الذهن باستمرار والامتلاء دائما من روح الله الحى والمحيى. ان روح الله ينادينا كافراد وككنيسة ان ان ندخل الى العمق الى بحر سباحة لا يعبر وان نصعد الى العلية بروح الصلاة وان نكون معا بنفس واحدة وان نتوب عن كل ضعف وان نعتمد على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فنقبل عطية الروح القدس لان الموعد هولنا ولاولادنا ولكل من يدعوه الرب الهنا. فالله يدعوك عزيزى القارىء ان تولد من فوق لتحيا الحياة الفائضة ويدعو الكنيسة ان تحيا فى قيادة الروح القدس لكى تعطى ثمر الروح ويكون لها التاثير فى حياة الناس والمجتمع الذى يحتاج الى حياة قوية ملتزمة وتشهد الشهادة الحقة دون مداهنة او مساومة عن المخلص الحى وروحه المحيى.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=9351&I=248