هي في نظرهم... المرأة الزانية!!!

هيام فـــاروق

بقلم: هيام فاروق
هي سيدة جميلة في أوائل الأربعينات من عمرها، تعمل في شركة كبيرة، تمتلك كل مقوّمات الحياة، أعرفها معرفة سطحية عن طريق صديقة لي، فوجئت بعد ذلك بطلبها مقابلتي.. قلت في نفسي لماذا تريد أن تقابلني؟! فالمرة التي رأيتها فيها كانت مرحة ومبتسمة ومتفائلة، ولم أعرف عنها شيء... تقابلت معها في الميعاد المحدد في منزل صديقتي وجرى الحديث بيننا عن مشاكل الأبناء، وبعد فترة صمت بدأت هذه السيدة الجميلة الكلام لكي تُخرج ما في نفسها من كبت على حسب قولها.

قالت... تزوجته وأنا في العشرين من عمري، كان يكبرني بعشر سنوات، كنت في السنة النهائية من دراستي الجامعية، بهرتني وسامته، وافتخرت بوظيفته، وشدني كلامه الجميل، وجذبني إليه اهتمامه الكبير لي.. صحيح لم أصل إلى مرحلة الحب الحقيقي نحوه، ولا كنت أتلهف عليه اللهفة التي كنت أسمعها من صديقاتي أو حتى مثل التي أشاهدها في مسلسلات التليفزيون، بل كانت المشاعر بيني وبينه ما هى إلا مشاعر اثنين سوف يشاركان بعضهما البعض رحلة الحياة.

تزوجنا... ومن أول يوم إنكشفت حقيقته.. جرس التليفون لم ينقطع عن الرنين المستمر، كانت أغلب المكالمات من سيدات، أوهمت نفسي أن هذه المكالمات والتي كانت تصحبها ضحكات مملوءة بالإيحاء حول "ليلة الزفاف" ما إلاّ وداعاً لحياة العزوبية، لكن توهمي هذا كان وهماً... كان خطأي هو السكوت وعدم أخذ موقف الرفض من أول مكالمة جاءت له في أول يوم زواجنا..
تمادى في هذا الموضوع، وبدأ يأتي بأصحابه رجالاً وسيدات إلي منزلنا كزيارات عادية، ضغطت على نفسي وتحملت هذه المهانات حتى انفجرت فيه ذات ليلة بعد خروجهم وأظهرت له أنني مستاءة من هذا الوضع، وبناء عليه بدأ يقضي أغلب الأيام والليالي خارج المنزل حتى الصباح ويذهب إلي عمله من "برة برة".. وفي بعض الأحيان يقضي الأيام خارج المنزل بحجة أنه مسافر إلي فرع الشركة بالإسكندرية، وفي إحدى مرات غيابه إندهشت وصُدمت عندما قرأت خبراً في الجريدة أنه تم القبض على سيدة تدير شقتها للدعارة ولعب القمار، وكانت سبب دهشتي وحزني هو أن أحد الذين تم القبض عليهم هو زوجي..!!
إنتهزت هذه الفرصة ورفعت قضية طلاق، وحصلت على الطلاق الكنسي والمدني بعد كفاح 4 سنوات، وأنا لا أنكر مجهودات الكنيسة في هذا الموضوع، فقد سمحت لي بالطلاق بعد انتهائي من القضايا الكيدية التي أقامها ضدي وضد التشكك في شرفي لكي يفوز بالشقة.

قضيت أيامي بعد ذلك مع والدتي وأختي التي تصغرتي بثلاث سنوات، كل الأقارب والأصدقاء كانوا متعاطفين معي أثناء إجراءات القضية.. لكن الحال تغيّر، بدأوا يبتعدون عني وعن والدتي، أصبحنا في نظرهم عائلة منحرفة، جعلوا مني زانية ولست مُطلقة لسوء أخلاقيات الزوج، تحولت من المظلومة إلي الظالمة.
يقولون لي أنني أكيد كنت السبب في أن أجعله ينحرف!! أكيد لاحظ عليّ شيء شاذ جعله يبتعد عني ويندمج مع أصدقائه من أول يوم زواجنا.. أصبحت مُتهمة "بقدرة قادر".. حتى عائلة خطيب أختي أجبروه على فك الخطوبة.. أصبحت والدتي تشحذ الزيارات من أخواتها.. أعمامي وعماتي جعلوا أبنائهم يقللون من زياراتهم لنا.
تقدم لي عرسان، وعندما يعرفون أنني مُطلقة يأخذون بعضهم "وهات يا فكيك"... غلبت على هذه الصديقة الجديدة الدموع حتي جعلتها تصمت وتتوقف فليس هناك ما يُقال بعد هذا السرد المُحزن.!!

هي مشكلة فعلاً تقابل الكثيرات من المطلقات المسيحيات فكلمة مطلقة في المجتمع الشرقي "عورة" ولا سيما إذا كانت مسيحية، ففي متى 5 : 31 – 32 يقول الرب [وقيل من طلق إمرأته فليعطها كتاب طلاق، وأما أنا فأقول لكم أن من طلق إمرأته إلا ّ لعلة الزنى يجعلها تزني، ومن يتزوج مُطلقة فإنه يزني]، والمشكلة أن أغلب المجتمع يرى أن الآيات السابقة مرتبطة بالمرأة، تحت بند أن المرأة عليها أن تتحمل أخطاء زوجها حتى النهاية، أما الرجل فله الحق فوراً في طلب التطليق، وقد لاحظت فعلاً أننا كمسيحيين نتجه إلى صفات المجتمع الذكوري، تاركين شعور وإحساسات المرأة وكأنها خُلقت فقط لحياة الرجل، متجاهلين أن كلام الرب يسوع كان موجهاً للرجل والمرأة..

وتُكمل صديقتنا حديثها, وتقول: أنا حاولت أن أقوّمه وأن أجعله يحيد عن هذا الطريق لكنني كنت أفشل، هو لم يستخدم معي العنف الجسدي، بل كان يستخدم العنف النفسي كإمرأة، لم يهتم أو يعي أن كل ما يفعله هو إهانة في حق المرأة، هذه النقطة كانت غائبة عنه تماماً.

استمعت إليها بكل انتباه ولم أجد علة أحاول أن أعاتبها لكي لا تطلب الطلاق, فوجدت نفسي أتحسر على الثقافة الدخيلة والتي بدأت تدخل حياتنا المسيحية.

بادرتها بالقول ليس لديّ حل لك أيتها الأخت الحبيبة إلا أن تُسَلّمي نفسك بين يدي إلهنا.
هيام

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع