الأقباط متحدون - مطران طنطا للروم: السحابة التي أخذت يسوع عن عيون التلاميذ رمز لحضور الله الآب.. الاشتراك في الصعود يتحقق بنكران الذات ومحبة الله والناس
  • ١٧:٠٧
  • السبت , ١٥ يونيو ٢٠٢٤
English version

مطران طنطا للروم: السحابة التي أخذت يسوع عن عيون التلاميذ رمز لحضور الله الآب.. الاشتراك في الصعود يتحقق بنكران الذات ومحبة الله والناس

محرر الأقباط متحدون

طوائف مسيحية

٠٤: ٠٣ م +03:00 EEST

السبت ١٥ يونيو ٢٠٢٤

المتروبوليت نقولا انطونيو
المتروبوليت نقولا انطونيو

كتب - محرر الاقباط متحدون
وجه المتروبوليت نقولا انطونيو مطران إرموبوليس (طنطا) وتوابعها للروم الارثوذكس، رسالة لشعب الكنيسة بعنوان "خميس صعود الرب"، وجاء بنصها :

تحتفل الكنيسة بعيد الصعود بعد أربعين يومًا من عيد القيامة وقبل عشرة أيام من عيد العنصرة ولهذا يرتبط عيد الصعود ارتباطًا وثيقا بعيد القيامة وبعيد حلول الروح القدس على التلاميذ "العنصرة"، ويشكل نقطة ابتداء زمن الكنيسة. تاليا، هو عيدُ الكنيسة لكونه باكورة صعودها هي إلى السماء. هذا ما بيّنه القديس يوحنا الذهبي الفم بقوله: «لقد دخلت إنسانية الجميع نهائيا في ناسوت المسيح في الصعود السماوي، وقد تحققت أبديتنا من دون رجعة… وأصبح منذئذ موطننا في السموات ».

إن صعود يسوع ودخوله في مجد الأب يتحدث عنهما لوقا في موضعين مختلفين: في الفصل الأخير من إنجيله (لوقا 24:50-53)، وفي الفصل الأول من سفر أعمال الرسل (أعمال 3:1-10).

صعود يسوع يأتي بعد أربعين يومًا من القيامة كما يخبرنا لوقا في أعمال الرسل. أن قيامة يسوع وصعوده إلى السماء هما حدث واحد وما الأربعين يوما التي كان يسوع يظهر فيها لتلاميذه هي لكي يهيئهم لنوع جديد من حضوره بينهم، العدد أربعين في الكتاب المقدس هو عدد رمزي يدل على مدة طويلة تمهد لحدث عظيم، إنها الفترة الأولى من حياة الكنيسة التي عمق فيها الرسل إيمانهم بقيامة يسوع المسيح وإدراكهم للرسالة التي أوكلها إليهم.

السحابة التي أخذت يسوع عن عيون التلاميذ هي رمز لحضور الله الآب. فالله لا يمكن أن يرى بأعين الجسد، لذلك يرمز إليه دومًا في الكتاب المقدس بالسحابة. فدخول يسوع بالجسد الإنساني في السحابة يعني دخوله في مجد الله الآب، أي في مجد لاهوته.

أمّا "السماء" التي ارتفع إليها الرب يسوع فليست الفضاء الخارجي الذي يحيط بالأرض، بل تشير إلى الله الأب. كما أن عن أنه "جلس عن يمين الآب" لا يقصد به يمينًا مكانيّة، بل يعني مجد لاهوته وكرامته اللذين يقيم فيهما ابن الله قبل الدهور، بصفته إلهًا، مساويًا للآب في الجوهر، ثم بصفته قد تجسد، هو يجلس بالجسد (عن يمين الآب). أشار إليه الرسول بولس عندما كتب: "اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ اَلَّذِي صَعِدَ أَيْضاً فَوْقَ جَمِيعِ اَلسَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ اَلْكُلَّ" (أفسس 4: 10).

فصعود يسوع الإلهي ليس صعودًا مكانيًا يؤكد على رحيل الرب يجعله بعيد عنا - ولو كان هذا ظاهره- إنما على العكس صعوده إلى السماء هو حضور قوة وفعالية، إنه حضور مكثف، حضور من نوع آخر إنه حضور روحي. فالروح آت والرب باق معنا كما قال لتلاميذه: "وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ" (متى 20:28)، ولكن بروحه القدوس.، إلا أننا لا يمكننا رؤيته بعد الآن إلا بمظاهر الروح القدس. وهذا ما يجعلنا أن نفرح لأنه هنا على الأرض معنا ولم يتركنا أبدا فهو حاضر في كل مكان، في قلوبنا وفي الصلاة وفي العمل وفي الانسان.

إن صعود يسوع المسيح لا يعني أنه لم يكن في حضن الآب لحظة ما أو انفصل عن الآب وقتا ما، بل هو إعلان بدء ملكوته الخلاصي. فبصعود الرب يسوع المسيح بدأ تأليهنا نحن، أي طريق الاشتراك في الحياة الإلهية. لذا من أراد الاشتراك في الصعود وجب عليه أن يسلك طريق نكران الذات في اتجاه مُحب إلى الله والناس، أي أن ينسلخ بجهاد عن التمتع الأناني بخيرات الدنيا، كي يتجه، مع المسيح وبمؤازرة نعمته، إلى فوق، أي إلى تلك الشركة مع الله التي أُعدّت لنا، عيد صعود مبارك للجميع.