اندرية زكي: الخطاب الدينى يلعب دور محوري فى بناء الإنسان ويجب توظيفه لدعم القيم الإنسانية
نادر شكري
٣٣:
٠٥
م +02:00 EET
الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤
نادر شكري
قال الدكتور اندرية زكى رئيس الطائفة الإنجيلية، أن أهم المؤسسات التي تسهم في عملية بناء الإنسان هي المؤسسة الدينية. والخطاب الديني يلعب دورًا كبيرًا وله تأثير عميق على شخصية الإنسان وبنائه. إذ يلعب الدين دورًا محوريًّا في حياة الناس، وصياغة التفاعل الاجتماعي في الحياة اليومية، ويقف الخطاب الديني وراء كافة التفاعلات اليومية في المجتمع.
وتابع زكى فى كلمته بمؤتمر الإنسان فى الدولة الوطنية الحديثة الذى عقد بأحد فنادق السخنة، بحضور الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف وممثلي من المجتمع المدنى ورجال الدين الاسلامى والمسيحي ومفكرين وإعلاميين ، أنه بناءً على هذه الأهمية يتضح لنا أن أي خطوة في بناء شخصية الإنسان يجب أن تضع في اعتبارها التأثير العميق للخطاب الديني في بناء الشخصية.
وأشار : قبل أن نستفيض في تفاصيل هذه الفكرة لا بد أن نفرق أولًا بين "الدين" و"الخطاب الديني"؛ فالدين منظومة إيمانية جاءت في نصوص مقدسة يؤمن بها الإنسان ويكوِّن من خلالها علاقة مع الخالق، أما الخطاب الديني فهو اجتهادات وتأويلات تحاول تفسير النصوص الدينية؛ وهذه نشاطات فكرية بشرية، خاضعة للمراجعة واختلاف الآراء والرؤى والتوجهات الفكرية، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تكون هذه الاختلافات مدعاة للصراع أو النزاع أو التقليل من شأن الآخر.
وأكد أنه يجدر بنا أيضًا أن نفرق بين دور الدين في المجتمع، وبين تحويل الدين إلى أيديولوجية أو استخدامه سياسيًّا، أو توظيفه بأي شكل من الأشكال وهذا من شأنه أن يبعد الدين عن أهدافه الأساسية السامية، لذا فلكي نصل إلى خطاب ديني يعزز قيمة بناء الإنسان يجب أن يشتمل على عدة مقوِّمات:
1. ترسيخ القيم الأخلاقية والإنسانية
التركيز على القيم التي تحث على الاحترام، التسامح، الرحمة، والعدالة، والتي تُعد أساسًا للتعايش السلمي. كما أن التركيز على التفسير المتعدد للنص يسهم يرسخ للتسامح وقبول الآراء المختلفة، ويبحث عن الأرضية المشتركة بين الأطراف المختلفة، ويعززها، ويتعامل باحترام مع مساحات الاختلاف.
فيستطيع الخطاب الديني -بل ويجب عليه- أن يشكِّل جسرًا بين أفراد المجتمع من خلال التمسك بالقِيَمِ الإنسانية الراقية التي نادت بها الأديان وتعزيز الحوار البنَّاء بين أتباع الأديان والذي من شأنه أن يخلق حالة من السلام والتماسك المجتمعي.
2. تعزيز التفكير النقدي
تشجيع الأفراد على التفاعل مع النص الديني وقراءته بفهم وتحليل، وربط النص الديني بسياقه التاريخي، والعودة به إلى عصرنا الحالي، لقراءته في إطار تحديات واحتياجات عصرنا الراهن. وبالتالي سينتج خطاب ديني متواكب مع التحديات المجتمعية والاحتياجات البشرية المختلفة.
3. تعزيز لغة الحوار
فلكي يستطيع الخطاب الديني أن يدعم الأرضية المشتركة ويحترم مساحات الاختلاف، يجب أن يقوم هذا على ترسيخ لغة الحوار والتأكيد عليها. والحوار هنا ليس حوارًا فقهيًّا- لاهوتيًّا، إنما يمتد إلى حوار الحياة المشتركة والاتحاد سويًّا في مواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع، فالمؤسسات الدينية (الجامع والكنيسة) ليست جزيرة منعزلة عن المجتمع إنما هي جزء منه لا تقدر أن تنفصل عنه. والحوار والتعاون بين المؤسسات الدينية سيكون له دور كبير في تحقيق السلام المجتمعي، على أن تكون ثمار هذا الحوار واضحة لرجل الشارع.
4. تعزيز الانتماء للوطن والشعور بالمسؤولية الاجتماعية
من خلال التأكيد على أهمية الحفاظ على سلامة الوطن وسيادة الوئام والمحبة والتناغم بين أفراد المجتمع، واحترام التنوع الثقافي والديني، وتشجيع الإنسان على الإخلاص في عمله وتقديم أفضل ما لديه لفائدة المجتمع ومصلحته.
5. ربط السلوك الإنساني بالعقيدة
فالهدف من الخطاب الديني ليس تشكيل إنسان يحفظ النص الديني أو لديه معلومات دينية فقط، أو يؤدي طقوس أو فرائض فقط، كل هذه أمور مهمة. لكن يجب على الخطاب الديني أن يحفز الإنسان على تفعيل قوة هذه الممارسات والنصوص الدينية في الحياة اليومية، والتي تتجسد في الأمانة تجاه العمل والمجتمع، والحرص على البيئة باعتبار الإنسان وكيلًا عليها ومسؤولًا عنها أمام الله.
وختم قايلا أؤكد أن الخطاب الديني يستطيع أن يساهم مساهمة فعَّالةً وحقيقية في بناء الإنسان، والتي هي مهمة مقدسة نتكاتف جميعًا لتحقيقها، حتى نستطيع أن نحقق لبلادنا وللمواطن المصري إلى الرفاهة والتقدم وجودة الحياة بما يليق بكرامته الإنسانية.
وشكرًا لحضراتكم جميعًا.
الكلمات المتعلقة