بعد وقف الحرب.. بيروت تبحث عن حياة وسط الركام
أخبار عالمية | سكاي نيوز عربية
الاربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤
شهدت بيروت أوقاتا صعبة ومؤلمة خلال أشهر الصراع مع إسرائيل التي عصفت بلبنان، لكنها عادت الأربعاء لمحاولة لملمة جراحها والنهوض من تحت رماد الحرب بعد بدء سريان وقف إطلاق النار.
ومع توقف صوت المدافع والغارات، استفاقت العاصمة اللبنانية على محاولة استعادة حياتها، إلا أن آثار الحرب ما زالت حاضرة في شوارعها وعلى وجوه سكانها.
تحول المشهد تدريجيا من حطام ودمار إلى حركة نشطة للاستفاقة في شوارع المدينة، التي كانت ساحات للمعارك والنزوح بعد الإنذارات الإسرائيلية السريعة التي باغتت السكان في بيوتهم وحولت أيامهم إلى جحيم.
ومع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، سرعان ما بدأت بيروت تشهد جهودا حثيثة لإعادة بناء ما تهدم واستعادة الحياة.
يقول زياد الداعوق، وهو صاحب متجر في المدينة: "بيروت، التي عاشت العديد من الحروب والنزاعات على مر التاريخ، تعود اليوم لتثبت أنها مدينة الحياة. وقف إطلاق النار ليس النهاية، بل بداية جديدة لرحلة طويلة نحو التعافي".
وتابع الداعوق في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "رغم أن الطريق ما زال مليئا بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية، فإن إرادة البيروتيين تظل الأقوى، وهم يرفعون شعار (لن ننهزم)".
أما رشا، الموظفة في شركة خاصة صاحبة الـ 35 عاما، فتقول: استفقنا على مشهد مختلف تماما عن اليوم السابق".
وأضافت لموقع "سكاي نيوز عربية": "رغم أن أصوات القصف توقفت فإن آثار الدمار في كل مكان. كان الأمر أشبه بحلم ثقيل استيقظنا منه. أول ما فعلته كان الاتصال بعائلتي وأصدقائي لأتأكد أنهم بخير، ثم خرجت لتفقد الحي. شعور متناقض بين الحزن على ما حدث والأمل بأننا تجاوزنا الأسوأ".
الأمل في الغد
ويقول الكاتب والمحلل السياسي منير الحافي إن بيروت "عاشت ليلة مهولة (ليل الثلاثاء) قُصِفت فيها معظم مناطقها، مما تسبب بسقوط شهداء وجرحى، وأرعب سكانها ومنعهم من النوم، حتى تأكدوا من وقف إطلاق النار عند الرابعة فجرا" بالتوقيت المحلي.
وتحدث الحافي لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا: "الضربات الإسرائيلية المجنونة التي سبقت تنفيذ وقف إطلاق النار كانت بمثابة حفلة إجرام وداعية للبنانيين عموما وأهالي العاصمة خصوصا، كي لا ينسوا الليلة التي سبقت وقف إطلاق النار. عشنا في بيروت ساعات صعبة، ولم يستطع الكثير منا الرجوع إلى بيته بسبب زحمة السيارات الخانقة".
نتنياهو يدافع عن وقف إطلاق النار.. ويهدد بالرد
وتابع: "حصلت ضربات إسرائيلية في مناطق لم يتم تحذيرها من قبل "أفيخاي" (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي)".
وأضاف الحافي: "نتمنى أن تكون هذه آخر الحروب في لبنان، وأن نستغل فترة الستين يوما (التي ينفذ فيها الاتفاق) لانتخاب رئيس للجمهورية يكون مقدمة لعهد جديد حقيقي. كما نرجو أن يتم وقف عملية القتل المستمرة بحق أهل غزة في وقت ليس ببعيد".
بحث عن الحياة
أما الكاتب والمحلل السياسي يوسف دياب، فيقول: "بيروت قبل وقف إطلاق النار كانت في حالة فوضى غير محتملة، فيها كل شيء إلا القانون، بدءا من أزمة السير حتى مضايقة السكان لدى دخولهم إلى بيوتهم".
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية": "لو طالت هذه الحالة كانت ستسبب حتما بمشاكل أكبر للعاصمة. قبل وقف إطلاق النار صار الخوف يعتمر كل سكان العاصمة، خصوصا بعد أن صارت الاستهدافات مفاجئة، ودبت حالة من الرعب بين السكان".
إسرائيل قصفت مئات الأهداف في اليوم الأخير قبل التهدئة
إسرائيل كثفت من قصفها على أحياء في داخل بيروت
ويختتم دياب قائلا: "استفاقت بيروت اليوم على وقف إطلاق النار وتنفست الصعداء. بدأت قوافل عودة بعض النازحين إلى مناطقهم وهذا أمر إيجابي يعبر عن تعلق اللبناني بأرضه ودليل على المواطنة الصحيحة. لا شك سينعكس ذلك على العاصمة من أجل إعادة منع المخالفات وتنظيم الطرق. نتمنى من العائدين ومن بقي في بيروت إحسان الضيافة".
طي صفحة الحرب
وتقول رئيسة جمعية السيدات القياديات في بيروت مديحة رسلان: "عشنا أوقاتا صعبة. نعاني منذ سنة من حرب لم نقررها، بل أدخلنا فيها عنوة".
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أوضحت رسلان: "استفقنا على أمل بولادة لبنان جديد"، مشيرة إلى احتضان أهل بيروت للنازحين رغم جراحهم "وبقلب كبير".
وتابعت: "استفقنا على أمل إعادة لبنان القوي بجيشه، ولبنان الجيل الجديد الذي يلبي طموحات اللبنانيين. كفانا ظلما، وكفانا أن نكون ساحة للصراعات. نريد لبنان أولا وأخيرا. ستعود بيروت ست الدنيا وقلبها مفتوح للأصدقاء من العرب والغرب. وبدءا من هذه اللحظة، سنعمل لعودة الفرحة لأعيادنا وأسواقنا التجارية".