الأقباط متحدون - استعادة الهوية المصرية.. بين التاريخ المُغيَّب وسُبل النهضة
  • ٠٧:٤٠
  • الخميس , ٢٣ يناير ٢٠٢٥
English version

استعادة الهوية المصرية.. بين التاريخ المُغيَّب وسُبل النهضة

شريف منصور

مع رئيس التحرير

١٣: ٠٦ م +02:00 EET

الخميس ٢٣ يناير ٢٠٢٥

شريف منصور
شريف منصور

شريف منصور
عندما يكتب الغزاة العرب المنتصرون التاريخ، فإن السرد يصبح أداة لإضفاء الشرعية على وجودهم ومحو هويات الشعوب المغلوبة. في كثير من الأحيان، يتم تصوير الغزو على أنه تحرير، وتُعاد صياغة القيم الثقافية والدينية والاجتماعية بما يتماشى مع رؤية المنتصر. في حالة مصر، يُعد الغزو العربي الإسلامي أبرز مثال على هذا النمط، حيث تم طمس الهوية الفرعونية القبطية لصالح سردية جديدة مجدّت الغزاة وشوهت إرث البلاد الحضاري.

واليوم، تُعاني مصر من غياب واضح للوعي بهويتها الحقيقية، التي تمتد لآلاف السنين قبل الغزو العربي . السرد السائد يضع الهوية العربية الإسلامية في المقدمة، بينما يتم تهميش الجذور الفرعونية والقبطية التي كانت وما زالت تشكل الروح الأصلية للمجتمع المصري. السؤال الآن: كيف يمكن للمصريين مواجهة هذا السرد المفروض واستعادة وعيهم التاريخي الحقيقي؟

استراتيجية استعادة الوعي التاريخي
استعادة الهوية المصرية تتطلب خطة شاملة تتناول الجوانب الثقافية، التعليمية، والسياسية. فيما يلي مجموعة من الخطوات العملية لتحقيق هذا الهدف:

 1. إصلاح التعليم
البداية يجب أن تكون من التعليم، حيث يمكن إعادة تقديم التاريخ المصري بمراحله كافة في المناهج الدراسية. يجب التركيز على الحضارات الفرعونية والقبطية باعتبارها الركائز الأساسية للهوية المصرية. يتم ذلك عبر تقديم محتوى يعكس الواقع التاريخي بإنصاف، بعيدًا عن التهميش أو التشويه الإسلامي . وإخراج الأزهر و اتباعة من التحكم في التعليم .

 2. إحياء الثقافة القبطية الفرعونية
من الضروري الترويج للإرث الثقافي والروحي لمصر القديمة القبطية، من خلال وسائل الإعلام، الفنون، والمهرجانات الثقافية. يمكن أيضًا تشجيع دراسة اللغة القبطية وإعادة استخدامها في الطقوس المسيحية وغيرها من المجالات الثقافية.

 3. مراجعة السرديات التاريخية
يجب فتح المجال للبحث الأكاديمي الحر لتفنيد الروايات التاريخية التي كُتبت بيد الغزاة العرب أو وفق مصالحهم. هذا يتطلب دعمًا للمؤرخين والباحثين الوطنيين الذين يعملون على إعادة تقديم الروايات الأصيلة التي تعكس الحقائق التاريخية لمصر.

 4. حتمية فصل الدين عن الدولة
لان الهيمنة الدينية على مؤسسات الدولة، خاصة التعليم والسياسة، تعيق أي محاولة لاستعادة الهوية. فصل الدين عن الدولة ضرورة لتوفير مساحة تُتيح للمصريين تشكيل هويتهم بحرية دون وصاية دينية.

 5. الإعلام ودوره التوعوي
الإعلام يمكن أن يكون أداة قوية في تشكيل الوعي. إنتاج أفلام ومسلسلات تاريخية تسلط الضوء على الهوية المصرية ما قبل الغزو، إلى جانب الحملات الإعلامية للتعريف بالحضارة الفرعونية والقبطية، يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في استعادة هذا الوعي.

 6. بناء هوية مستقبلية جامعة
استعادة الهوية لا تعني فقط العودة إلى الماضي، بل استخدامها كمنطلق لبناء هوية مستقبلية تستند إلى جذور مصرية أصيلة. هذه الهوية يجب أن تكون قادرة على استيعاب التنوع الثقافي دون الخضوع لهيمنة عقيدة او  ثقافة أو هوية مفروضة.

الخلاصة
استعادة الهوية المصرية ليست مجرد استرجاع لحضارة عظيمة تم طمسها، بل هي ضرورة لازمة لبناء مستقبل أقوى وأكثر تماسكًا دون عنصرية دينية . الهوية الحقيقية هي أساس النهضة، ولن تستطيع او تتمكن مصر من تحقيق التقدم المنشود إلا عندما تستعيد وعيها بتاريخها وحضارتها التي شكّلت جوهرها لآلاف السنين. تحجيم دور الأزهر و الاوقاف لانهم يدمرون الحاضر و بالتاكيد المستقبل .