الأقباط متحدون - الكاردينال كوواكاد: الحوار بين الأديان لبناء السلام بين الشعوب
  • ٢١:٥١
  • الجمعة , ٢٤ يناير ٢٠٢٥
English version

الكاردينال كوواكاد: الحوار بين الأديان لبناء السلام بين الشعوب

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٥٧: ١٢ م +02:00 EET

الجمعة ٢٤ يناير ٢٠٢٥

الكاردينال كوواكاد
الكاردينال كوواكاد

محرر الأقباط متحدون
مقابلة مع الكاردينال الهندي الذي عيّنه البابا فرنسيس عميدًا للدائرة التي تعنى بالأديان غير المسيحية، والذي سيحافظ أيضًا على مسؤولية تنظيم رحلات الأب الأقدس.

"دهشة، وفرح، ورهبة كبيرة بسبب المسؤولية العظيمة لخلافة رجل حكيم وصالح مثل الكاردينال أيّوسو، ورجل ذو إيمان عميق وبناء لا يكلّ للسلام مثل الكاردينال توران". بهذه الكلمات عبّر الكاردينال الهندي جورج يعقوب كوواكاد، المسؤول عن تنظيم الزيارات الرسولية للبابا، عن قبوله قرار البابا فرنسيس بتعيينه عميدًا لدائرة الحوار بين الأديان، وهي الدائرة التي تعمل على تعزيز وتنظيم العلاقات مع أعضاء ومجموعات الأديان غير المسيحية، باستثناء اليهودية التي تقع ضمن اختصاص دائرة تعزيز وحدة المسيحيين. وقد نشرت دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي يوم الجمعة ٢٤ كانون الثاني، بيان تعيينه، مع بقائه في منصبه الحالي. وقد قمنا بالتواصل معه لجمع أولى انطباعاته.

في جوابه على السؤال حول كيف تلقى خبر هذا التعيين قال الكاردينال كوواكاد بامتنان كبير للبابا فرنسيس، الذي خلال أقل من شهرين شملني بشكل غير متوقع في مجمع الكرادلة، وعيّنني رئيس أساقفة، والآن يكلفني بإدارة دائرة كانت حتى وقت قريب تحت قيادة رجل حكيم وصالح مثل الكاردينال ميغيل أنخيل أيّوسو غيكسوت، وقبل ذلك تحت قيادة رجل ذو إيمان عميق وبناء لا يكلّ للسلام مثل الكاردينال توران. وهذا الأمر، أعترف، يسبب لي رهبة كبيرة وشعورًا بعدم الكفاءة. ومع ذلك، أضع ثقتي الكبيرة في صلاة جميع الذين يحلمون بعالم تتعايش فيه الاختلافات الدينية ليس فقط بسلام، بل كعناصر أساسية لبناء السلام بين الشعوب. أثق بإرشاد الأب الأقدس، وكذلك بالمسيرة التي رسموها بحكمة عميقة الذين سبقوني. وأثق أيضًا، وقبل كل شيء، بمساعدة العاملين في الدائرة، الذين التقيت بهم في الساعات القليلة الماضية، وقد استقبلوني بصداقة وجعلوني أشعر وكأنني في بيتي.

تابع الكاردينال كوواكاد مجيبًا على السؤال حول كونه يحمل موضوع التعايش بين الأديان محفورًا في حمضه النووي لولادته في "تشيثيبوزا" في كيرالا في الهند وقال"نعم، ولدت ونشأت في مجتمع متعدد الثقافات والأديان، حيث تُحترم جميع الأديان ويتم ضمان الانسجام بينها. الاختلاف هو غنى! ويطيب لي أن أشير إلى أن الحوار بين الأديان في الهند يرتبط تقليديًا بالحياة الرهبانيّة. ففي عام ١٥٠٠، تبنّى اليسوعي روبيرتو دي نوبيلي عادات وتقاليد الرهبان الهنود، وتعلم اللغات المحلية، وسعى لاستيعاب كل ما يمكن تقديره من هذه التقاليد. محاولة محفوفة بالمخاطر، ولكن كما يعلمنا البابا، فإن الخروج والسير يحملان المخاطرة على الدوام. ومع ذلك، ما أود التأكيد عليه هو هذا الموقف من الانفتاح، والتعاطف، والقرب من التقاليد الأخرى. إنَّ الإيمان المسيحي قادر على الانثقاف: المسيحيون مدعوون لكي يكونوا بذرة أخوَّة للجميع. وهذا لا يعني أن نتخلّى عن هويتنا، بل على العكس، أن نكون مدركين أن الهوية لا ينبغي أبدًا أن تكون سببًا لبناء الجدران أو التمييز، وإنما على الدوام فرصة لبناء الجسور. إنَّ الحوار بين الأديان ليس ببساطة حوارًا بين الأديان، بل بين مؤمنين مدعوين لكي يشهدوا في العالم لجمال الإيمان بالله وممارسة المحبة الأخوية والاحترام.

أضاف الكاردينال كوواكاد مجيبًا على السؤال حول العلاقات مع الإسلام لكون إحدى مهام دائرته هي التعامل مع العالم الإسلامي وقال لقد فتح المجمع الفاتيكاني الثاني فصلًا جديدًا في العلاقات مع الأديان الأخرى، بما في ذلك الإسلام. أود أن أتذكر كلمات وأفعالًا نبوية، مثل تلك التي قام بها القديس بولس السادس عندما زار أوغندا عام ١٩٦٩ وأشاد بأول شهداء مسيحيين أفارقة، مشيرًا أيضًا إلى الشهداء المسلمين الذين واجهوا الاستشهاد تحت حكم زعماء القبائل المحلية. كما أتذكر كلمات القديس يوحنا بولس الثاني الموجهة للشباب المسلمين في الدار البيضاء عام ١٩٨٥، عندما قال: "نحن نؤمن بنفس الإله، الإله الواحد، الإله الحي، الإله الذي يخلق العوالم ويقود مخلوقاته إلى الكمال". وبعد ستة عشر عامًا، دخل البابا نفسه لأول مرة إلى مسجد الأمويين في دمشق خلال زيارته لسوريا. كما لا تزال في الذاكرة صورة البابا بندكتس السادس عشر في صلاته الصامتة داخل المسجد الأزرق في إسطنبول عام ٢٠٠٦. ولا يمكن أن نغفل عن الخطوات العديدة التي قام بها البابا فرنسيس، مثل توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية مع شيخ الأزهر أحمد الطيب في ٤ شباط فبراير ٢٠١٩ في أبو ظبي، والتي تلاها إصدار الرسالة العامة "Fratelli tutti" في العام التالي.  

تابع الكاردينال كوواكاد مجيبًا على السؤال حول كيف أنَّ الأحداث التي ذكرها ترتبط كلها تقريبًا بالزيارات الرسولية للبابوات، الأمر الذي يدفع إلى الربط بين ما يقوله ودوره كمنظم لرحلات البابا فرنسيس وقال هذا صحيح: غالبًا ما تكون زيارات الأب الأقدس ذات طابع بين الأديان، وتتضمن لقاءات مع قادة الديانات الأخرى ولحظات من الأخوّة المعاشة. أتذكر على سبيل المثال الزيارة الأخيرة إلى آسيا وأوقيانيا في أيلول سبتمبر الماضي، عندما بارك البابا "نفق الصداقة" الذي يربط المسجد بكاتدرائية جاكرتا في إندونيسيا، وقد تأثرتُ ببوادر الصداقة من قبل الإمام الأكبر نصر الدين عمر. كذلك بالتعاون مع السفارة البابوية وزملائي في مكتب الزيارات الرسولية التابع لأمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان – الذين أشكرهم على عملهم – قمنا بالإعداد الطويل، وبالتنسيق مع السلطات الإسلامية، لزيارة البابا إلى دبي التي كان من المقرر أن تتم في بداية كانون الأول ديسمبر ٢٠٢٣ بمناسبة مؤتمر Cop28 حول التغير المناخي، لكنها أُلغيت قبل أيام قليلة من الموعد بسبب فترة الاستشفاء التي كان يمر بها البابا. كما أود أن أشير أيضًا إلى الخبرة الجميلة التي عشتها قبل بضعة أشهر في منغوليا، حيث لا تتجاوز نسبة المسيحيين هناك ١٫٣ % من السكان. كما لا يمكنني أن أنسى الزيارات الرسولية إلى كازاخستان والبحرين. إنَّ سياق دائرة الحوار بين الأديان هو بالنسبة لي، جديد تمامًا، لكنني أعتقد أن الخبرة التي اكتسبتها حتى الآن في مكتب الزيارات الرسولية ستكون مفيدة لي وستساعدني في مهامي الجديدة. كما أنني آمل أن تكون خبرتي السابقة في السفارات البابوية في الجزائر وكوريا الجنوبية وإيران مفيدة لي أيضًا: ففي عام ٢٠٢١، لم أكن بعد مسؤولاً عن الرحلات البابوية، لكنني ما زلت أحتفظ بوضوح في ذاكرتي بصور الحوار الذي أجراه الأب الأقدس مع المرجع الأعلى السيد علي السيستاني في النجف، خلال زيارته التاريخية إلى العراق.