الأقباط متحدون - التنشئة الكهنوتية بين التمييز والتنوع.. رؤية البابا فرنسيس
  • ١٤:٠٤
  • السبت , ٢٥ يناير ٢٠٢٥
English version

التنشئة الكهنوتية بين التمييز والتنوع.. رؤية البابا فرنسيس

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٤٩: ٠٣ م +02:00 EET

السبت ٢٥ يناير ٢٠٢٥

البابا فرنسيس
البابا فرنسيس

البابا فرنسيس يستقبل رؤساء فرنسا'> الإكليريكيات الكبرى في فرنسا

محرر الأقباط متحدون
التمييز واحترام معايير ضرورية ولكن مع تفادي مسيرات تنشئة تؤدي إلى تناسخ بل التركيز على المرافقة الشخصية واحترام التنوع، هذا إلى جانب ضرورة توفير تكوين يؤدي إلى نضج كاهن المستقبل. كان هذا من بين ما تحدث عنه البابا فرنسيس اليوم السبت خلال استقباله رؤساء فرنسا'> الإكليريكيات الكبرى في فرنسا.

استقبل البابا فرنسيس اليوم السبت ٢٥ كانون الثاني يناير رؤساء فرنسا'> الإكليريكيات الكبرى في فرنسا. وفي بداية كلمته إلى ضيوفه أعرب قداسته عن سعادته لاستقبالهم لمناسبة حجهم اليويبيلي هذا الذي سيتأملون خلاله في التنشئة الكهنوتية. وتحدث البابا هنا عن مسيرة تمييز تلعبون فيها دورا أساسيا، قال للحضور مضيفا أنهم يشبهون الكاهن المسن الذي قال لصموئيل الصبي "وإن دعاك أيضا فقل تكلم يا رب، فإن عبدك يسمع".  

وواصل قداسة البابا عائدا إلى كلمات البابا القديس بولس السادس التي تحدث فيها عن إصغاء الإنسان المعاصر بشكل أكبر للشهود أكثر منه للمعلمين، وإن أصغى للمعلمين فذلك لكونهم شهودا. وأكد البابا فرنسيس أن هذا ينطبق على المكونين في الإكليريكيات والتي تكون شهاداتهم المتماشية مع الحياة المسيحية داخل جماعة تربوية أعضاؤها في الإكليريكية هم الأسقف والكهنة والرهبان والمعلمون والعاملون في الإكليريكية. إلا أن هذه الجماعة تتوسع، أضاف الأب الأقدس، حيثما يُرسل الإكليريكي، أي أنها تشمل الرعايا والحركات والعائلات. وتحدث قداسته بالتالي عن تنشئة جماعية موحِّدة تشمل كل أبعاد الشخص وتُوجهه نحو الرسالة.

ولكي تقدم الإكليريكية هذه الشهادة وتصبح مكانا جيدا من أجل نمو كاهن المستقبل يجب أن تكون هناك عناية بجودة وصدق العلاقات الإنسانية التي تعاش في الإكليريكية، وكما في عائلة، في أبوّة وأخوّة. وفقط في مثل هذه الأجواء يمكن أن تنشأ الثقة المتبادلة التي لا غنى عنها من أجل تمييز جيد، قال البابا فرنسيس. وتابع قداسته أن هكذا يمكن للإكليريكي أن يكون ذاته بدون خوف من أن يدان بشكل عشوائي، أن يكون حقيقيا في العلاقة مع الآخرين وأن يتعاون بشكل كامل في مسيرة تكوينه كي يكتشف، بمرافقة المكوِّنين، مشيئة الرب في حياته ويستجيب لها بحرية، قال البابا.

ثم تطرق الأب الأقدس في كلمته إلى تنوع طلاب الإكليريكية، فقد يكونون صغار السن أو لديهم خبرات حياتية طويلة، قد يكون إيمانهم مترسخا منذ فترة أو حديثا، هذا إلى جانب أنهم يأتون من أطر اجتماعية وعائلية وثقافية مختلفة، وفي المقام الأول قد يكونون قد لمسوا الدعوة داخل الحركات الروحية الكثيرة الحاضرة في الكنسية اليوم. تحدث البابا فرنسيس بالتالي عما وصفه بتحدٍ كبير، أي توفير تكوين إنساني وروحي وفكري ورعوي لجماعة بمثل هذا التنوع، وقال لضيوفه إن واجبهم ليس بالسهل وشدد على ضرورة الاهتمام بمسيرة كل طالب ومرافقته بشكل شخصي. أكد البابا من جهة أخرى أهمية أن يقبل فريق التكوين هذا التنوع ويتقبله ويرافقه، ودعا إلى عدم الخوف من التنوع الذي هو بالأحرى عطيةـ وأضاف أن التربية على استقبال الآخر كما هو تُشكل ضمانة في المستقبل لكهنوت أخوي وموحَّد في الأمور الجوهرية.

ومن بين ما سلط عليه البابا فرنسيس الضوء كون هدف الإكليريكات تكوين تلاميذ مرسلين يحبون المعلم، ورعاة يحملون رائحة الخراف يعيشون وسط القطيع لخدمته وكي يحملوا إليه رحمة الله. ويستدعي هذا عددا من المعايير التي لا يمكن التغاضي عنها للسيامة الكهنوتية، إلا أنه لا يجوز للإكليريكية أن تسعى إلى تكوين يعني الاستنساخ بل يجب احترام شخصية كل طالب من أجل التوصل إلى ثمار متعددة المذاقات، وهو ما يحتاج إليه تنوع شعب الله في حد ذاته.

هذا وأراد البابا فرنسيس التشديد في كلمته على ثلاثة من بين الجوانب التي يجب التنبه إليها، فتحدث أولا عن ضرورة أن تتكون لدى المرشح للكهنوت حرية داخلية حقيقية. ودعا قداسته إلى عدم التخوف من هذه الحرية، فالتحديات التي سيواجهها الكاهن في حياته ستستدعي منه أن يكون قادرا، ينيره الإيمان وتحركه المحبة، على أن يحكم ويقرر بعقله هو، وذلك عكس التيار أو مخاطرا في بعض الأحيان بدون التشبث بإجابات مسبَّقة الصنع. وشدد البابا فرنسيس هنا على ضرورة ان ينضج لدى كاهن المستقبل الفكر والقلب واليدان وأن تسير في تناغم هذه اللغات الثلاث، لغة العقل ولغة القلب ولغة الأيادي.

النقطة الثانية التي أراد الأب الأقدس تسليط الضوء على أهميتها هي أن تنضج لدى كاهن المستقبل إنسانية متوازنة وقادرة على إقامة علاقات إنسانية. وأضاف أن على الكاهن أن يوجَّه ليتحلى بالحنان والقرب والشفقة والتي هي صفات الله. وتابع البابا فرنسيس متحدثا عن أشياء محتملة مثل ضعف الشخصية أو الصرامة، وقال إن الكنيسة تتألف أيضا من أعضاء ضعفاء وخطأة يمكنهم دائما الرجاء في تحسن. وعلى رؤساء الإكليريكيات والمكونين بالتالي أن يتحلى تمييزهم في هذا المجال بالحذر والصبر ينيره الرجاء. وتابع الأب الأقدس داعيا إلى عدم الخوف من ضعف الإكليريكيين ومحدودياتهم، وإلى عدم إدانتهم بشكل مبالغ فيه أو بتسرع، بل يجب مرافقتهم بصبر.

أما النقطة الهامة الثالثة التي توقف عندها البابا فرنسيس فهي التوجيه القوي للدعوة الكهنوتية نحو الرسالة، وشدد على الرباط الوثيق بين الكاهن والرسالة. وإن كان الكهنوت يعني تحقيقا شخصيا، قال الأب الأقدس، فإن هذا لا يعني تحقيقا للذات بل لشعب الله كي نجعله يعرف المسيح ويحبه. وأضاف البابا أن نقطة الانطلاق لهذه الدينامية لا يمكن إلا أن تكون محبة أكثر عمقا وشغفا دائما ليسوع، محبة ينميها تكوين جاد للحياة الداخلية ودراسة كلمة الله. وسلط قداسة البابا الضوء على أنه لا يمكن تخيُّل دعوة كهنوتية بدون أبعاد المجانية والخروج عن الذات وتواضع حقيقي. ولكن ليس من النادر أن يفكر البعض خلال المسيرة في خدمة الذات، قال البابا في ختام كلمته، وحذر هنا من إغراء المال وارتقاء المناصب وشدد في المقابل على جمال الفقر وخدمة الآخرين.