بحضور بطريرك لبنان .. لقاء حول التربية الدامجة – رجاء لتعليم نوعي لجميع أبناء الوطن
محرر الأقباط متحدون
٥٧:
٠٧
م +02:00 EET
الاربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٥
كتب - محرر الاقباط متحدون
عقد مكتب راعوية الأشخاص ذووي الاعاقة التابع للدائرة البطريركية، برعاية وحضور صاحب الغبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك لبنان، لقاء حول التربية الدامجة في قاعة القديس البابا يوحنا بولس الثاني في بكركي، بحضور وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عباس الحلبي، ورؤساء الجامعات والمراكز التربوية، ومديرو المؤسسات التعليمية، وممثلون عن المنظمات والمؤسسات التربوية.
اللقاء استُهلّ بالنشيد الوطني وبكلمة ترحيبية من منسقة مكتب راعوية الأشخاص ذوي إعاقة الاعلامية داليا فريفر، ثم كانت كلمة لوزير التربية والتعليم العالي، جاء فيها: "صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي،
أصحاب السيادة، الآباء الأجلاء، الراهبات الفاضلات، السادة المديرون العامون، السادة رؤساء الجامعات والمراكز التربوية، مديرو المؤسسات التعليمية، ممثلو المنظمات والدول، الخبراء والشركاء في التربية، منسقة مكتب راعوية الأشخاص ذوي الإعاقة، أيها الحضور الكريم ، أود في هذا اليوم المبارك أن أتقدم منكم يا صاحب الغبطة والنيافة ، بتحية من القلب لإحتضانكم ورعايتكم وطننا الحبيب بكل مؤسساته وكينونته وأحلام أبنائه بالسلام والإستقرار، ودفعكم في اتجاه إرساء الإجتماع الوطني على أسس ثابتة ، نتحلّق من خلالها جميعا من دون استثناء حول محور الدولة وجيشها ومؤسساتها ألأمنية ، وهي التي وحدها تحمينا وتدعم تطلعاتنا واحلامنا بالمستقبل ، سيما واننا في مرحلة جديدة وعهد جديد مفعم بالآمال نتيجة انتخاب الرئيس العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية
، وتكليف دولة الرئيس نواف سلام تشكيل الحكومة العتيدة ، والتي نأمل ان تزال من أمامها العوائق لتكرس وقتها وجهدها لإعادة البناء وانطلاق عجلة المؤسسات .
يا صاحب الغبطة والنيافة ، تعلمون اننا في حكومة تنتظر تسليم المهمة لطاقم وزاري جديد ، ونحن في التربية نضع بين أيديدكم أمانة غالية هي إنجازات في الزمن المستحيل ، واثمن هذه الإنجازات هي إنجاز الإطار الوطني لمنهاج التعليم العام ما قبل الجامعي وأوراق السياسات المساندة له ، والجهد الراهن في كتابة مناهج المواد الدراسية ، فأنتم يا صاحب السيادة مؤتمنون على وطن بكل مكوناته ومميزاته ، ونأمل أن يحافظ وزير التربية والتعليم العالي الجديد على هذه الإنجازات ، وان يبني فوقها عمارة تربوية وطنية تليق باحلام اللبنانيين وانتظارات الشباب .
لقد تعاون لإنجاز هذه الورشة جميع مكونات الشعب اللبناني من دون استثناء في القطاعين التربويين الرسمي والخاص والجامعات والمعلمون والأحزاب والأهل، حتى انني أطلقت عليه إسم طائف تربوي، ونأمل بدعمكم وحرصكم على ألا يضيع هذا الجهد، بل أن نراه قيد التطبيق في القريب العاجل مع كل ما يتضمنه من عبور نحو الرقمنة والمقاربة بالكفايات والتقويم بالكفايات، إضافة إلى السلم التعليمي الجديد.
أنتم رعاة دولة دامجة لجميع مكوناتها، واليوم، ومن خلال رعايتكم لمؤتمر راعوية الأشخاص ذوي الإعاقة داخل هذا الصرح العظيم، تتضافر جهود الجميع لنكون مؤسسات تربوية رسمية وخاصة دامجة.
أيها الحضور الكريم،
منذ تسلّمنا مهامنا في وزارة التربية والتعليم العالي، عملنا مع فريق الوزارة ومؤسساتها على تأمين التعليم النوعي لجميع المتعلمين. إن تأمين التعليم للجميع يعني أن لا تكون هناك استثناءات، لأن التعليم هو حق لكل شخص مهما كانت تميّزاته. والتعليم "النوعي" يضاعف مسؤولية جميع التربويين في لبنان، إذ لا يكفي تأمين مؤسسة تربوية لكل متعلّم، بل يجب أن نهتم بنوعية التعليم والتعلّم عبر توفير مناهج، وطرق تدريس، ومدارس، ومعاهد، وجامعات تلائم الاحتياجات التربوية الخاصة.
كثرت الأبحاث التربوية التي تناولت تطوير تعليم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ونعني بذلك الصعوبات التعلمية، والإعاقات بأنواعها كافة، والاحتياجات الصحية أو النفسية الاجتماعية الخاصة الآنية أو الدائمة.
وقد أشارت الأبحاث الحديثة إلى أن التربية الدامجة هي النموذج الأفضل للمتعلم، إذ تساعده على اكتساب الكفايات كافة، وليس فقط الكفايات الأكاديمية، لأن المجتمع بطبيعته دامج، وبالتالي يجب أن تكون التربية دامجة أيضًا.
لأجل ذلك، تعمل وزارة التربية والتعليم العالي منذ أعوام على إيجاد بيئة تعليمية دامجة تضمن حصول جميع المتعلمين في المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة، وخصوصا ذوي الاحتياجات الخاصة، على فرص التعليم العادل والشامل.
وقد سعت الوزارة، في خلال السنوات السبع الأخيرة، بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء، إلى تقديم الدعم اللازم للمتعلمين ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال إطلاق مشروع المدارس الرسمية الدامجة في مختلف المناطق، وتوسيعه تدريجيًا ليشمل حتى الآن 117 مدرسة رسمية بالتنسيق مع منظمة اليونيسف وبدعم من الاتحاد الأوروبي ومن دول عدة مانحة.
وفي عام 2023، أطلقت الوزارة السياسة الوطنية للتربية الدامجة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والتي تشكّل نقطة تحوّل في مجال التربية في لبنان ونقطة انطلاق لضمان حق التعلّم لكل متعلّم مهما اختلفت احتياجاته. وتم تطوير ورقة مساندة للتربية الدامجة بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء الذي استعان بخبراء في هذا المجال. وتشكل هذه الورقة مرجعًا لبناء منهاج مرن ودامج يرتكز على الإطار الوطني اللبناني لمنهاج التعليم العام ما قبل الجامعي، الذي صدر عام 2022.
من جهة أخرى، بادرت الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة إلى إطلاق مشاريع للتربية الدامجة. وسنستمع اليوم إلى قصص نجاح لطلاب أنهوا مشوارهم الجامعي وأبدعوا. كذلك، تستقبل بعض المعاهد الرسمية والخاصة المتعلمين ذوي الاحتياجات الخاصة وتعمل على برامج لدعمهم.
إن التربية الدامجة هي حق من حقوق المتعلمين وليست منة من أحد. وتنص الاتفاقيات الدولية المبنية على مبدأ المساواة واحترام التنوّع على حق جميع أفراد المجتمع في الحصول على التعليم، بمن فيهم الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة. ويعتبر دمج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع عنصرًا ضروريًا لنموّهم الشامل وازدهار المجتمع بأسره.
وانطلاقًا من التزام لبنان بالعديد من الاتفاقيات والإعلانات الدولية التي تؤكد حق الجميع في التعلّم، تعهّدت الحكومة اللبنانية بالعمل على توفير التربية الدامجة والتعليم عالي الجودة لجميع المتعلمين. كما أكّدت التزامها بتعزيز فرص التعلّم المتساوية للجميع، بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة، تماشيًا مع أهداف التنمية المستدامة لعام 2030. وتسعى الوزارة، بالتنسيق مع كل المديريات العامة ومؤسساتها، لتحويل المؤسسات التربوية في لبنان إلى مؤسسات دامجة بحلول عام 2030، وهو ما يتطلّب مواءمة السياسات والممارسات مع مفاهيم التربية الدامجة.
التربية الدامجة، إذًا، أوسع من مجرد طريقة تدريس؛ إنها ثقافة وطن، ولا يمكن تحقيقها إلا من خلال الشراكة. وها نحن اليوم نبدأ لقاء تشاركيًا مع مكتب راعوية الأشخاص ذوي الإعاقة في الدائرة البطريركية في بكركي. وقريبًا، سنعقد لقاء موسّعًا في الوزارة حول التربية الدامجة لإطلاق بعض المصادر التربوية الدامجة التي تم العمل عليها. اسمحوا لي بأن أحيّي مكتب راعوية الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال منسقة المكتب الإعلامية داليا فريفر، التي اختارت أسمى رسالة إنسانية وقررت مساعدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد أنعم الله عليها ببصيرة أبعد من البصر، فنظرت بقلبها وحددت رسالتها الدامجة وأبدعت. كما أتوجه بالشكر للمرشد الأب ميلاد السقيّم، الذي نقدّر جهوده وجهود جميع أفراد المكتب في هذا المجال.
واسمحوا لي كذلك بأن أشكر راعي هذه المبادرة، صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، إذ أن وطننا في حاجة ماسة إلى قبول الاختلاف وعدم تحويله إلى خلاف. وطننا في حاجة إلى بيئة إيجابية مجتمعية ليعود الرجاء، فيعود الأمل بلبنان موحّدًا دامجًا لجميع أبنائه.
شكرًا لغبطتكم، شكرًا للمكتب، شكرًا لفريق عمل بكركي، وفريق عمل الوزارة، وجميع الشركاء الذين أسهموا في إنجاح هذا اللقاء. إنّ التربية الدامجة هي السبيل المرجوّ لتعليم نوعي لجميع أبناء الوطن، فالاختلاف غنى وليس خلافًا...معًا نصل إلى لبناننا الدامج. عشتم وعاش لبنان. ".
كما جرى عرض لوزارة التربية والتعليم العالي حول سياسة التربية الدامجة وخطة العمل، تلتها حلقات نقاش.
ثم كانت كلمة لصاحب الغبطة شكر فيها مكتب الراعوية على تنظيم هذا اللقاء، كما شكر وزير التربية والحضور، وقال صاحب الغبطة: "التربية الدامجة هي باب لمجتمع دامج، فعندما يتخرج من جامعاتنا أشخاص ذووي احتياجات خاصة مميزون، لما لا يتواجدون في وزارة دامجة، أو مجلس نيابي دامج، أنا لا أريد التعميم ولا أتحدث عن كل الأشخاص ذووي الاعاقة، بل عن المميزون والذين يظهرون مهارات. شكرا على حضوركم ومحبتكم التي دفعتكم الى تلبية الدعوة اليوم، فليبارككم الرب".
الكلمات المتعلقة