![](http://www.copts-united.com/uploads/3445/50_20180807153533.gif)
البابا فرنسيس يوجه رسالة إلى الأساقفة الأمريكيين ويؤكد أن عمليات ترحيل المهاجرين تنال من الكرامة البشرية
محرر الأقباط متحدون
الاربعاء ١٢ فبراير ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
بعث البابا فرنسيس برسالة إلى أساقفة الولايات المتحدة الذين يواجهون أزمة بسبب برنامج الترحيل الجماعي للمهاجرين واللاجئين غير الشرعيين الذي شاءه الرئيس دونالد ترامب، وكتب أن دولة القانون الحقيقية تُقاس من خلال المعاملة الكريمة التي يستحقها كل كائن بشري، لاسيما الأشخاص الفقراء والمهمشين. كما شدد الحبر الأعظم على ضرورة تعزيز سياسة تنظم الهجرة القانونية، مشجعا الكاثوليك بنوع خاص على عدم الاستسلام لسرديات تمارس التمييز وتولد الألم.
مخططات الرئيس الأمريكي ترامب لقيت معارضة من قبل الأساقفة، وقد أعلن رئيس أساقفة شيكاغو، الكاردينال كوبيش، وقبل أداء ترامب اليمين الدستورية، معارضته لعمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين، في وقت أكد فيه أسقف أبرشية إيل بازو بتكساس المطران سيتز عدم التسامح مع أي شكل من أشكال الظلم، وبعدها شجب مجلس الأساقفة هذه الخطة التي أعلن عنها الرئيس ترامب، بشأن ترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين وجعل الحدود مع المكسيك منطقة عسكرية.
شاء البابا، من خلال رسالته إلى الأساقفة الأمريكيين، أن يسلط الضوء على الأزمة الراهنة في الولايات المتحدة بسبب المباشرة في برنامج ترحيل المهاجرين جماعياً غداة تنصيب الرئيس ترامب في البيت الأبيض. أكد فرنسيس أنه تابع عن كثب تطورات الأزمة، وشاء أن يعبر أيضا عن قربه من الأساقفة المحليين خلال المرحلة الحساسة التي تعيشها البلاد، كما أراد أيضاً أن يندد بالممارسات التي تنال من الكرامة البشرية، لافتا إلى أن ما يُبنى على أساس القوة، لا على حقيقة المساواة في الكرامة البشرية، يبدأ بشكل يسيء وينتهي بشكل سيء أيضا، كما كتب البابا فرنسيس.
بعدها لفت الحبر الأعظم إلى أن ترحيل الأشخاص – الذين، وفي حالات كثيرة، تركوا أرضهم لأسباب مرتبطة بالفقر المدقع، وانعدام الأمن والاستغلال والاضطهاد وتدهور البيئة – يجرح كرامة العديد من الرجال والنساء، وعائلات بأسرها، ويضعهم في حالة من الهشاشة. وقد صدرت رسالة البابا يوم الثلاثاء باللغتين الإنجليزية والإسبانية، بعد أسبوعين ونيف على وضع البيت الأبيض منشوراً على إيكس، يُظهر صوراً لعشرة مهاجرين تقريباً مكبلي الأيدي ويسيرون نحو طائرة عسكرية تُعيدهم إلى بلدانهم.
وأكدت الوثيقة البابوية أن الضمير المستقيم لا يمكن ألا ينتقد ما يجري وألا يعبر عن رفضه لكل إجراء من شأنه أن يعتبر الأوضاع غير الشرعية لبعض المهاجرين بمثابة جرائم. ولفت فرنسيس إلى حق الدولة في الدفاع عن نفسها، وضمان أمن سكانها وحمايتهم من الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم عنيفة أو خطيرة، خلال تواجدهم في هذا البلد أو قبل مجيئهم إليه. مع ذلك، اعتبر البابا أن عمليات الترحيل الجماعي تنال من الكرامة البشرية، هذه الكرامة التي منحها الله للإنسان، وهو الإله القريب منا، والذي تجسد وأصبح مهاجراً ولاجئا. وذكّر هنا فرنسيس بسلفه البابا بيوس الثاني عشر الذي وضع دستوراً رسولياً بشأن الاعتناء بالمهاجرين، وهذه الوثيقة كانت وما تزال تعبر عن فكر الكنيسة الكاثوليكية فيما يتعلق بالهجرات.
هذا ثم ذكّر الحبر الأعظم في رسالته إلى أساقفة الولايات المتحدة بأن عائلة الناصرة، أي يسوع ويوسف ومريم، اختبروا التهجير إلى مصر، وحلوا فيها لاجئين هرباً من غضب ملك شرير، وهم يشكلون مثالاً ونموذجاً وتعزية للمهاجرين والحجاج من جميع الأعمار ومن جميع البلدان، وبالنسبة للاجئين أيضا، مهما كانت ظروفهم، والذين هربوا من الاضطهاد ومن العوز، وأُجبروا على ترك أوطانهم وبيوتهم وعائلاتهم وأحبائهم ليعيشوا في أرض غريبة.
تابع البابا رسالته مشددا على أن دولة القانون تُقاس من خلال تطبيقها للكرامة التي يستحقها جميع الأشخاص، لاسيما أولئك الفقراء والمهمشين، وأضاف أن الخير العام الحقيقي يُعزز عندما يقوم المجتمع والحكومة، بإبداع وباحترام لحقوق الجميع، باستضافة وحماية وتعزيز ودمج الأشخاص الأكثر هشاشة وضعفاً. واعتبر أن الأمر لا يمنع نضوج سياسة تنظم الهجرة القانونية والشرعية، شرط ألا تقدّم هذه السياسة امتيازات للبعض وتتطلب تضحية من الآخرين.
بعدها ذكّر البابا الأساقفة الأمريكيين بأن الرب يسوع يربينا على الاعتراف دائماً بكرامة كل إنسان، دون استثناء أحد. ومن هذا المنطلق إنه يدعو جميع المؤمنين المسيحيين والرجال ذوي الإرادة الصالحة إلى النظر لشرعية القوانين والسياسات العامة في ضوء كرامة الشخص وحقوقه الأساسية، لا بالعكس. وأضاف فرنسيس أن الكائن البشري ليس مجرد فرد وحسب، إنه شخص لديه كرامة، ومن خلال العلاقة مع الآخرين، لاسيما مع الفقراء، يتمكن شيئاً فشيئاً من جعل هويته ودعوته تنضجان.
كما دعا الحبر الأعظم إلى توجيه الأنظار نحو مثل السامري الصالح في الإنجيل، والتأمل في المحبة التي تبني أخوّة منفتحة على الجميع دون استثناء أي أحد. واعتبر فرنسيس أن الاهتمام بالهوية الشخصية أو الجماعية أو الوطنية، بعيداً عن هذه الاعتبارات، يقود بسهولة إلى معيار أيديولوجي يشوّه الحياة الاجتماعية ويفرض رغبة القوي كمعيار للحقيقة.
هذا ثم عبر البابا عن قربه من الأساقفة الأمريكيين، مشيداً بالجهود الثمينة التي يقومون بها تجاه المهاجرين واللاجئين ودفاعاً عن حقوق الإنسان. وكتب أن الله سيكافئهم على عملهم من أجل حماية أشخاص يُعتبرون أقل شأناً من غيرهم، أو أقلّ إنسانية. وطلب من المؤمنين ألا يستسلموا لسرديات ترتكز إلى التمييز وتلحق الألم بالمهاجرين، مذكراً بأننا جميعنا مدعوون إلى عيش الأخوة والتضامن، وإلى بناء جسور تقرّبنا من بعضنا البعض، وإلى تفادي جدران العداوة، كما لا بد أن نتعلّم كيف نهب حياتنا للآخرين، تماماً كما فعل يسوع من أجل خلاص الجميع.
في ختام رسالته إلى أساقفة الولايات المتحدة، شاء فرنسيس أن يوجّه صلاة إلى عذراء غوادالوبيه، شفيعة المكسيك، كي تحمي الأشخاص والعائلات العائشين في الخوف والألم بسبب الهجرات أو عمليات الترحيل. وطلب الحبر الأعظم من العذراء أيضا أن تساعد الكل على القيام بخطوة إلى الأمام من أجل بناء مجتمع أكثر أخوة واشتمالا، وأكثر احتراماً لكرامة الجميع.