
تأملات السفير البابوي في كييف: ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا
محرر الأقباط متحدون
الثلاثاء ٢٥ فبراير ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
صادفت يوم أمس الاثنين الذكرى السنوية الثالثة لاندلاع الحرب في أوكرانيا وللمناسبة كتب السفير البابوي في كييف المطران فيسفالدالس كولبوكاس مقالاً – نشرته وسائل الإعلام الفاتيكانية – تضمن تأملاته حول السنوات الثلاث الماضية، مشددا على ضرورة قيام تعبئة جماعية للضمائر من أجل استئصال العوامل المسببة لهذه الحرب. وكتب أيضا أنه على الرغم من معاناتهم وآلامهم يعرب الأوكرانيون عن قربهم من البابا فرنسيس، كما يرفعون الصلوات من أجل شفائه العاجل.
كتب سيادته أن أوكرانيا دخلت عامها الرابع من الحرب الواسعة النطاق التي تتعرض لها، وسلط الضوء في هذا السياق على أهمية الصلاة، خصوصا خلال الاحتفال بالسنة المقدسة، حيث تكثّف الكنيسة صلواتها. وشجع جميع المؤمنين حول العالم على الصلاة على نية السلام في أوكرانيا.
بعدها تطرق السفير البابوي في كييف إلى المعاناة الكبيرة التي يعيشها الأسرى الأوكرانيون القابعون في السجون الروسية، ومن بينهم أشخاص مدنيون يتعرضون لسوء المعاملة ويُحرمون من النوم، كشكل من أشكال التعذيب. وطلب من المؤمنين أيضا أن يرفعوا الصلوات على نية هؤلاء الأشخاص الذين تُقدر أعدادهم بالآلاف، كي يمنحهم الرب الرجاء، وهو موضوع شاء البابا فرنسيس أن تُكرس له هذه السنة اليوبيلية. واعتبر أن الصلاة تكتسب أهمية كبرى خصوصا فيما يتعلق بالمشاكل التي لا توجد حلول لها من وجهة النظر البشرية.
هذا ثم شاء سيادته أن يتوقف عند أربعة أحداث هامة خلال السنة الماضية من الحرب الروسية على أوكرانيا، ولفت إلى الإفراج عن كاهنين من كنيسة الروم الكاثوليك في الثامن والعشرين من حزيران يونيو، بعد أن قبعا في السجن طيلة عام ونصف العام، وتمكنا من الحفاظ على إيمانهما على الرغم من المعاناة التي عاشاها خلال فترة الاعتقال. أما الحدث الثاني والمفرح أيضا، تمثل في زيارة أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بارولين إلى أوكرانيا في شهر تموز يوليو الفائت. وكانت زيارة مطبوعة بالصلاة. وقد اكتسبت أهمية كبرى اللقاءات بين الضيف الفاتيكاني والسلطات الأوكرانية، وشكلت الزيارة مناسبة للتأمل والحوار، وجاء حضور نيافته كتعبير عن قرب البابا من الأوكرانيين.
أما الحدث الثالث فكان اللقاء الافتراضي الذي جمع حوالي مائتي شاب كاثوليكي أوكراني مع البابا فرنسيس، في الأول من شباط فبراير الماضي. وشكل اللقاء مناسبة لتعزيز الرجاء في القلوب. وقد تمكن هؤلاء الشبان من رؤية البابا والتحدث معه، وشعروا فعلا بقربه منهم. وقد عبّر العديد من رعاة الكنيسة عن امتنانهم للحبر الأعظم على هذه المبادرة.
هذا وأوضح السفير البابوي في كييف أنه تلقى – خلال الأيام الماضية – العديد من رسائل التضامن التي بعث بها مؤمنون كاثوليك وغير كاثوليك، عبروا من خلالها عن قلقهم على صحة البابا، وهذا ما فعله أيضا العديد من المسؤولين الرسميين. واللافت أن الأوكرانيين يريدون الاطمئنان على صحة الحبر الأعظم على الرغم من المعاناة التي يعيشونها، مع ارتفاع أعداد الضحايا بشكل كبير وفقاً لمعطيات منظمة الأمم المتحدة.
فيما يتعلق بالحدث الرابع والأخير، شاء السفير البابوي في أوكرانيا أن يتوقف عند التظاهرة من أجل السلام في البلاد والتي نُظمت في العاصمة كييف يومي الحادي عشر والثاني عشر من تموز يوليو، من قبل الحركة الأوروبية للعمل غير العنيف، والتي تضم شخصيات من منظمات كاثوليكية إيطالية وغير إيطالية، الساعية إلى تفادي اندلاع الحروب قبل فوات الأوان وتحسيس الرأي العام على المخاطر التي تترتب عليها.
تابع المطران كولبوكاس تأملاته مشيرا إلى أن الحرب الدائرة في أوكرانيا لا تعني أوكرانيا وحسب، كما اعتقد البعض في بداية الصراع، إذ إنها بدأت تنعكس على العديد من البلدان أخرى. وأضاف أن حرباً من هذا النوع تحاكي البشرية كلها، خصوصا وأن الحرب العدوانية على أوكرانيا، تشكل تعدياً على حياة البشر، ولا تهدد السلام في أوكرانيا وحسب، بل تتعارض مع القانون الإنساني الدولي، وتهدد بالتالي الجميع. من هذا المنطلق اعتبر سيادته أنه لا بد من توعية المجتمعات على مخاطر الحروب وعلى أهمية السلام، لأن هذه القضايا لا تعني السياسيين وحسب إنما تعني كل فرد منا، ولكل واحد منا مسؤوليات لا بد أن يتحملها.
بعدها أكد الدبلوماسي الفاتيكاني أن النقاط الأربع التي تحدث عنها تكتسب أهمية كبرى بالنسبة لأوكرانيا، وللجماعة الكاثوليكية بنوع خاص، ذلك بالإضافة طبعاً إلى الهبة المميّزة التي يتضمنها هذا العام ألا وهي سنة الرجاء اليوبيلية. في الختام لفت سيادته إلى الأوضاع التي يعيشها المقاتلون على الجبهات الذين لم يرحبوا في بادئ الأمر بحضور المرشدين العسكريين بينهم، لكن سرعان ما تغيّرات نظرتهم وقد ارتفعت بشكل ملحوظ الاعترافات والصلوات التي رسخت الرجاء في قلوب العسكريين، وهذا الرجاء ليس رجاء بشرياً إنما هو رجاء يأتي من عند الله. وأكد السفير البابوي كولبوكاس أن أوكرانيا تحتاج اليوم إلى الرجاء الذي لا يخيّب، وثمة حاجة أيضا للنمو روحياً وللشهادة للرجاء وللمساعدة الروحية والسيكولوجية والإنسانية.