
البابا فرنسيس يدعوا لوقف سباق التسلح: لا يحل المشكلات بل يزيدها تعقيداً
محرر الأقباط متحدون
السبت ٨ مارس ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
منذ بداية حبريته، لاثنتي عشرة سنة خلت ولغاية اليوم، ما فتئ البابا فرنسيس يقول لا لسباق التسلح الذي يزدهر وينمو على حساب دمار الشعوب، وقد عبّر عن هذا الموقف جلياً في رسائله العامة وإرشاداته الرسولية وتعاليمه ونداءاته وخطاباته. وقد اقترح الحبر الأعظم في أكثر من مناسبة رصد الأموال المخصصة لشراء الأسلحة من أجل إنشاء صندوق دولي يهدف إلى القضاء على الجوع في العالم وانتقد أكثر من مرة نفاق الدول التي تنظم مؤتمرات للسلام وفي الوقت نفسه تستثمر في الأسلحة.
إن الأسلحة الوحيدة التي دعا البابا إلى استخدامها منذ اللحظة الأولى لاعتلائه السدة البطرسية هي الحوار والتلاقي والصلاة والصوم. وفي الوقت نفسه قال كلمة "لا" لتصنيع الأسلحة والاتجار بها وانتقد سوقها المزدهرة في وقت ترزح فيه شعوب برمتها تحت وطأة الفقر والبؤس والجوع. ومما لا شك فيه أن هذه النداءات تكتسب أهمية كبرى اليوم في ضوء سباق التسلح الذي يشهده العالم، لاسيما القارة الأوروبية التي أعلنت مؤخراً عن رصد مبلغ ثمانمائة مليار يورو لهذه الغاية.
في إرشاده الرسولي "فرح الإنجيل" الصادر عام ٢٠١٤ تطرق البابا إلى الاستهلاكية السائدة في المجتمع وتناول أيضا موضوع سباق التسلح مؤكدا أنه لم يحلّ شيئاً ولن يحلّ شيئاً على الإطلاق، بل يوهم من يبحثون عن السلاح ليشعروا بالأمن، مع أننا نعلم اليوم أن السلاح لا يقدم الحلول بل على العكس يقود دائماً إلى صراعات جديدة. وفي السنة نفسها تحدث فرنسيس عن الحرب العالمية الثالثة المجزأة وكانت كلماته نبوية علماً أنه تفوه بها قبل عقد تقريباً على الغزو الروسي لأوكرانيا وتجدد الحرب في الشرق الأوسط. ولفت إلى وجود أنظمة اقتصادية تصنع الحروب لتبقى على قيد الحياة.
وبعد عشر سنوات لم يغيّر البابا فكره بل على العكس ازداد قناعةً إزاء ما يجري من أحداث على الساحة الدولية وقال العام الماضي إن الأنباء التي نسمعها تحملنا على فقدان ثقتنا بقدرات الكائن البشري، مشيرا إلى أن أحد الخبراء الاقتصاديين قال له إن الاستثمارات المربحة اليوم تتمثل في صناعة السلاح.
وفي رسالته إلى قادة الدول المشاركين في مؤتمر الأطراف بشأن المناخ في دبي عام ٢٠٢٣ سلط البابا الضوء على هدر البشر طاقاتهم من أجل التسلح مذكرا بأن الصراعات لا تحل المشكل بل تساهم في تفاقمها وبأن الأسلحة تقضي على الأرواح وتدمر بيتنا المشترك. وعاد ليقترح أن تُخصص هذه الأموال لإنشاء صندوق عالمي يقضي على الجوع في العالم. وقد جدد البابا هذا الاقتراح لمناسبة السنة اليوبيلية داعياً أيضا إلى العمل على إلغاء عقوبة الإعدام وإعفاء البلدان الفقيرة من ديونها الخارجية وإسكات الأسلحة نهائياً.
وإذا ما نظرنا إلى خطاباته وتعاليمه نجد أن دعوات البابا ونداءاته في هذا المجال لا تُعد ولا تُحصى. ومن بينها ما جاء في رسالته إلى مدينة روما والعالم لمناسبة عيد الفصح عام ٢٠٢٠ فيما كان العالم يواجه جائحة كوفيد، إذ قال البابا إن هذا ليس زمن الاستمرار في صناعة الأسلحة والاتجار بها، وإنفاق أموال ينبغي أن تُخصص لعلاج الأشخاص وإنقاذ الأرواح.
وأثناء مشاركته في قمة مجموعة السبع في إيطاليا، الصيف الماضي، طالب البابا أقوياء الأرض بصب الاهتمام على التنمية وحظر الأسلحة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي. وقد تطرق فرنسيس أيضا إلى هذا الموضوع أيضا خلال زياراته الرسولية العديدة.