
النائب الرسولي في حلب يعلق على الاشتباكات التى أسفرت عن مقتل أكثر من ١٣٠٠ شخص بينهم نساء وأطفال
محرر الأقباط متحدون
الثلاثاء ١١ مارس ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
يتحدث النائب الرسولي في حلب عن الاشتباكات التي وقعت خلال الأيام الأخيرة بين "القوات الحكومية" الحالية وبين العلويين، ومعظمهم من أنصار النظام السابق، في المناطق الساحلية من البلاد. وأوضح أنه عندما يحدث تغيير في القيادة "بشكل مفاجئ، يلزم وقت لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والعسكري". ووفقًا للتقارير، فقد أسفرت أعمال العنف حتى الآن عن مقتل أكثر من ١٣٠٠ شخص، من بينهم نساء وأطفال.
ما الذي يحدث في سوريا؟ هل تدفع الاشتباكات المسلحة الأخيرة البلاد مرة أخرى نحو حرب أهلية؟ هل النظام الجديد بقيادة أحمد الشرع يخون وعوده بإعادة التوحيد الوطني والتسامح مع الأقليات؟ هذه الأسئلة طرحها الإعلام الفاتيكاني على المطران حنا جلُّوف، النائب الرسولي في حلب. قال المطران جلُّوف: "من خلال المعلومات التي تمكنا من جمعها عبر المؤمنين لدينا ومن خلال الرواية الرسمية للسلطات الحكومية، يبدو أن ميليشيات بقيت موالية للرئيس المخلوع بشار الأسد حاولت القيام بانتفاضة مسلحة للإطاحة بالنظام الحالي، ولكن تم قمع هذه المحاولة بشدة من قبل القوات الموالية للحكومة". وأضاف أن "المعلومات الأولية تشير إلى أن هذه العملية قد تم التخطيط لها مسبقًا خلال اجتماع ضم مسؤولين علويين سابقين في حكومة الأسد، إضافة إلى عناصر من حزب الله في سوريا وميليشيات شيعية موالية لإيران". وأشار إلى أن نطاق هذه الاشتباكات كان محدودًا بالمناطق الساحلية على البحر المتوسط، حيث بدأت في جبلة وامتدت عبر محافظة اللاذقية، وصولًا إلى أطراف مدينة حمص الداخلية. وخلال الهجوم الأول، قُتل نحو عشرين جنديًا من الحكومة الجديدة، وسقط عدد مماثل في هجوم آخر استهدف نقطة تفتيش حكومية. وردًا على ذلك، شنت القوات الحكومية هجومًا مضادًا أسفر عن مقتل المئات. وأوضح المطران جلُّوف بأسف: "للأسف، هناك أيضًا بعض الضحايا من المسيحيين، لكنهم قُتلوا عن طريق الصدفة، وليس لأنهم مسيحيون".
تابع النائب الرسولي في حلب مجيبًا على السؤال حول إنّ كان هذا مؤشر على عودة الحرب الأهلية بعد ثلاثة أشهر فقط وقال لا أعتقد ذلك، لعدة أسباب. أولًا، هذه الأحداث وقعت في مناطق محدودة ولم تنتشر في باقي أنحاء البلاد، فالوضع في حلب ودمشق هادئ تمامًا. ثانيًا، عندما يحدث تغيير في النظام بشكل مفاجئ كما حدث في ٨ كانون الأول ديسمبر الماضي، وخاصة في بلد مزقته سنوات من الحرب الأهلية، فإن تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والعسكري يحتاج إلى وقت، وقد تحدث خلال هذه الفترة بعض التوترات. كما أن هناك مصالح شخصية وعشائرية متضررة تسعى للانتقام. ثالثًا، عندما نتحدث عن "القوات الحكومية"، يجب أن ندرك أننا لا نتحدث عن جيش نظامي منظم، لأن الجيش السابق انهار كالجليد تحت أشعة الشمس، بل عن مجموعات مسلحة تقودها هيئة تحرير الشام. وبما أن هذه المجموعات لا تتبع قيادة موحدة، فمن الممكن أن يتصرف بعضها بعنف مفرط ضد المتمردين.
أضاف النائب الرسولي في حلب مجيبًا على السؤال حول إن كان هذا الأمر يتعارض مع دعوات القيادة الجديدة إلى المصالحة الوطنية وقال أعتقد أن التصريحات الصادرة عن الرئيس المؤقت الشرع في هذه الساعات تدل على الحذر والمسؤولية. فمن ناحية، أكد أن مواجهة أي مقاومة عدائية من أنصار النظام السابق كانت متوقعة، ويجب التصدي لها بحزم. ومن ناحية أخرى، شدد على أنه لا يوجد خيار لسوريا سوى المصالحة الوطنية، من خلال التعايش بين جميع المكونات العرقية والدينية في البلاد.
تابع النائب الرسولي في حلب مجيبًا على السؤال حول ما يحدث على الحدود بين سوريا وإسرائيل وقال تواصل إسرائيل احتلال أراضٍ سورية خارج الحدود القديمة لمرتفعات الجولان، ويبدو أن هذا الاحتلال لا يحمل طابعًا مؤقتًا. وتبرر إسرائيل عملياتها العسكرية الأخيرة على أنها إجراءات دفاعية ودعمًا للسكان الدروز، الذين تعرضوا لأعمال عنف من قبل ميليشيات إسلامية مستقلة في السويداء وجرمانا، أحد ضواحي دمشق، وهو ما لم تتمكن الحكومة في دمشق من منعه. ولكن لا يزال من غير الواضح ما هي النوايا الحقيقية لإسرائيل، تمامًا كما لم تتضح بعد نوايا القوى الدولية الأخرى التي لها مصالح في هذه المنطقة مثل روسيا، الولايات المتحدة وتركيا. نأمل ألا يكون هناك مزيد من التدخلات الأجنبية التي تؤجج الانقسامات الداخلية، لأن سوريا لن تكون موحدة إلا إذا كانت مستقلة.
وخلص المطران حنا جلُّوف، النائب الرسولي في حلب حديثه مجيبًا على السؤال حول دور المسيحيين في هذا السياق المضطرب وقال نحن نحافظ على إيماننا بالوعود التي قدمها الرئيس الشرع باحترام جميع الأقليات وضمان مشاركتها في الحياة الوطنية، سواء كانت أقليات دينية أو عرقية. لكننا ننتظر أن نرى إجراءات ملموسة من الحكومة الجديدة في هذا الاتجاه. في الواقع، نحن لا نريد أن نُعتبر مجرد "أقلية"، بل نريد أن نكون مواطنين كاملي الحقوق والواجبات في سوريا الجديدة. لقد شاركتُ مع أساقفة الطوائف المسيحية الأخرى في المؤتمر الذي تم تنظيمه لصياغة الدستور الجديد، وقدمنا اقتراحاتنا التي تتمحور حول السلام والوحدة والاستقلال والتعددية الدينية، وقد تم توثيقها واعتمادها. ونأمل أن تتمكن أيضًا الجماعة الدولية من الإسهام في بناء السلام في سوريا.