
الكاردينال غوجيروتي: المسيحيون في الأرض المقدسة بحاجة إلى مساعدتنا الآن
محرر الأقباط متحدون
الثلاثاء ٢٥ مارس ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
وجه عميد دائرة الكنائس الشرقية، نداءً إلى جميع الكنائس بمناسبة حملة التبرعات ليوم الجمعة العظيمة لدعم الأماكن المقدسة، مؤكدًا أن التضامن وحده لا يكفي، بل إن الحوار هو أمر أساسي أيضًا، مشيرًا إلى أنه "يكون قاسيًا أحيانًا، لكنه ينقذ الأرواح".
وجه الكاردينال كلاوديو غوجيروتي، عميد دائرة الكنائس الشرقية، نداءً إلى جميع الكنائس حول العالم للمساهمة بسخاء في حملة التبرعات للأرض المقدسة، التي تُقام سنويًا خلال يوم الجمعة العظيمة. وأعرب عن قلقه العميق إزاء المأساة التي يتقاسمها المسيحيون في المنطقة مع إخوتهم من الديانات الأخرى. وقال في حديثه لوسائل الإعلام الفاتيكانية: "إن الذين هم هناك يحتاجون إلى مساعدتنا الآن. بالنسبة لمسيحيينا في الأرض المقدسة بشكل عام، ربما تكون هذه الفرصة الأخيرة. إنّ هؤلاء المسيحيون موجودون هناك منذ أيام يسوع، وهم حراس الأماكن المقدسة".
وفي الرسالة التي وجهها إلى الأساقفة، والتي نُشرت في ١٧ آذار مارس بهدف تسليط الضوء على الأهمية الخاصة لحملة التبرعات في هذا الظرف التاريخي، أشار الكاردينال غوجيروتي إلى "البكاء"، و"اليأس"، و"الدمار" الذي شهدته الأرض المقدسة خلال السنوات الأخيرة من العنف والصراع. وأضاف: "لهذا السبب، يتحول نداؤنا من أجل المسيحيين في الأرض المقدسة إلى نداء عام لإيجاد حل سريع وفوري لوضع حدٍ لهذا العار، لهذه الغنيمة التي يتم تقسيمها كما لو كانت ملكية خاصة". إنّ الأرض هي ملك للناس، تابع الكاردينال غوجيروتي يقول وأكد في هذا السياق على الحاجة الملحة لإعادة إحياء حوار حقيقي وأصيل، وقال: "يكون الحوار صعبًا جدًا أحيانًا، لكنه ينقذ الأرواح، والشرط الوحيد للحوار هو احترام الآخر".
لا مجال لسلام مسلح يخدم المصالح الفردية والخاصة، يؤكد الكاردينال غوجيروتي، متأملاً في الأزمات العديدة التي تعصف بالشرق الأوسط. فإلى جانب الوضع في غزة والضفة الغربية، تتكرر الديناميكيات نفسها في سوريا ولبنان، ويمكن توسيع الرؤية لتشمل ما يحدث في أوكرانيا أو في القارتين الإفريقية والآسيوية. وجميع هذه السياقات قد دفعت البابا فرنسيس لكي يرفع صوته بقوة. ويضيف الكاردينال: "إنه أمر مروّع، ولكنه في الوقت عينه مطمئن، مثلما شعرنا بغياب صوت البابا خلال أيام مرضه الأخيرة. وليس فقط فيما يخص الأرض المقدسة، بل في جميع الأماكن التي تشهد القتال والظلم. لقد قال لي كثيرون خلال هذه الفترة: العالم يصمت إذا صمت البابا. هذا هو الصوت الذي يعلو باسم كرامة الإنسان، وعندما يصمت، لا نسمع أي أصوات أخرى".
إن التزام الكنيسة بالدفاع عن قدسية الحياة هو واجب دائم، ولكنه في هذه المرحلة التاريخية قد أصبح أولوية ملحة أكثر من أي وقت مضى. فقد تم "تقليص، أو تأخير، أو تعليق، أو حتى إلغاء" العديد من المشاريع المخصصة للأرض المقدسة، كما ورد في التقرير الموجز الذي نشرته حراسة الأراضي المقدسة، وذلك لأن الصراع فرض تركيز الموارد على الأنشطة التي "تمس مباشرة الأشخاص الأكثر عوزًا". وتابع الكاردينال غوجيروتي يقول: "إنَّ الصور التي تصلنا من الأرض المقدسة تحرمنا النوم، وتخنق أنفاسنا. هذا أمر يتعارض مع أي كرامة إنسانية". وأضاف: "يجب أن نركّز على حملة التبرعات، التي هي مبادرة بابوية منذ أيام البابا بولس السادس، ولهذا السبب طلبت ألا تتعدد حملات جمع التبرعات بشكل يشتت الموارد. هذه المبادرة هي العمود الفقري لجمع المساعدات للأرض المقدسة، ولذلك طلبت في رسالتي أن تكون أولوية رعوية".
هذا ويشير الكاردينال غوجيروتي إلى أنه لا شك في أن أحد الأهداف الرئيسية لحملة التبرعات هو الحفاظ على الأماكن المقدسة، ولكن في الوقت الحالي، الأولوية هي عدم فقدان الجماعات المسيحية. ويؤكد قائلاً: "لا يمكننا أن نخاطر بحدوث شتات كبير للمسيحية، وأن نتخلّى عن الأراضي التي لا تزال تحمل أريج المسيح. هؤلاء الشعوب هم شهادة حية لاستمرارية مع المسيح. نحن لا نرفع صوتنا فقط لأسباب إنسانية، بل لأن هؤلاء الناس هم بالنسبة لنا سرّ حيّ. لكن من الواضح أن صوت الكنيسة يعلو أيضًا دفاعًا عن جميع المضطهدين، والضعفاء، والمعذبين، والمتروكين".
من بين التداعيات السلبية للتوترات التي تعصف بالأرض المقدسة، التأثير الكبير على حركة الحجّاج. فالحجّ ليس مجرد زيارة للأماكن التي وطئتها قدما المسيح، بل هو خبرة روحية عميقة لاستيعاب سرّ تجسد الله بدافع المحبة. واليوم، أصبح للحجّ أيضًا قيمة إضافية: أن يُظهر ويشهد على التضامن مع الذين يتألمون ويتعرضون للظلم. وهذه الحقيقة تزداد أهمية مع اقتراب عيد الفصح في سنة يوبيل الرجاء. ويعرب الكاردينال غوجيروتي عن أسفه لأن العديد من إخوتنا في الكنائس الشرقية هذا العام لن يتمكنوا من القدوم إلى روما للاحتفال باليوبيل، إذ يُجبرون بفعل الحرب أو الفقر على أن يعيشوا هذا "الزمن النبوي" في أوطانهم. ونحن المسيحيون، خلص عميد دائرة الكنائس الشرقية إلى القول، نؤمن بعناد بنبوءة عالم أفضل، ونثق بأنه سيأتي. لكننا أيضًا متأكدون من أن لدينا واجب العمل على تحقيقه منذ الآن، من أجل هزيمة ما نسميه الخطيئة؛ لأن كل ما نشهده اليوم هو خطايا: خطايا اجتماعية، وإنما أيضًا خطايا سياسية.