الأقباط متحدون - قيامة السيد المسيح وشم النسيم!!
  • ٢٣:٤٦
  • الخميس , ١٧ ابريل ٢٠٢٥
English version

قيامة السيد المسيح وشم النسيم!!

مقالات مختارة | القس رفعت فكرى سعيد

٢٥: ١٢ م +03:00 EEST

الخميس ١٧ ابريل ٢٠٢٥

القس رفعت فكرى سعيد
القس رفعت فكرى سعيد

 القس رفعت فكرى سعيد

يحتفل المسيحيون معا فى كل العالم بشرقه وغربه هذا العام يوم ٢٠ أبريل بعيد القيامة المجيد. ويحتفل المصريون على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم يوم ٢١ أبريل بيوم شم النسيم ويتساءل الكثيرون: لماذا يأتى يوم شم النسيم يوم الإثنين الذى يلى يوم أحد الاحتفال بعيد القيامة؟.

 

أولًا: عيد شمّ النسيم هو عيد مصرى قديم، من حوالى ٢٧٠٠ قبل الميلاد، أى أنه عيد عمره أكتر من ٤٧٠٠ سنة. وكان أجدادنا المصريون يحتفلون به مع مطلع فصل الربيع.

 

وكلمة «شم النسيم» swm `nnicim هى كلمة قبطية (مصرية)، ولا تعنى «استنشاق الهواء الجميل»، بل تعنى: «بستان الزروع».. «شوم» swm تعنى «بستان»، و«نيسيم» nicim تعنى «الزروع».. وحرف «إن» بينهما للربط مثل of فى الإنجليزية.. فتصير الكلمة «شوم إن نسيم» بمعنى «بستان الزروع».. وقد تطوَّر نطق الكلمة مع الزمن فصارت «شم النسيم» التى يظن الكثيرون أنها كلمة عربية، مع أنها فى الأصل قبطية (مصرية).

 

ثانيًا: بعد انتشار المسيحية فى مصر حتى غطتها بالكامل فى القرن الرابع، واجه المصريون مشكلة فى الاحتفال بهذا العيد (شم النسيم)، إذ إنه كان يقع دائمًا داخل موسم الصوم الكبير المقدس الذى يسبق عيد القيامة المجيد.. وفترة الصوم Fasting تتميَّز بالنُسك الشديد والاختلاء والعبادة العميقة، مع الامتناع طبعًا عن جميع الأطعمة التى من أصل حيوانى.. فكانت هناك صعوبة خلال فترة الصوم فى الاحتفال بعيد الربيع، بما فيه من انطلاق ومرح وأفراح ومأكولات.. لذلك رأى المصريون المسيحيون وقتها تأجيل الاحتفال بعيد الربيع (شم النسيم) إلى ما بعد فترة الصوم، واتفقوا على الاحتفال به فى اليوم التالى لعيد القيامة المجيد، والذى يأتى دائمًا يوم أحد، فيكون عيد شم النسيم يوم الإثنين التالى له. ولهذا ارتبط دائما يوم شم النسيم بعيد القيامة.

 

وتأتى قيامة السيد المسيح لتؤكد لنا أن هناك دواء رغم الداء وأن هناك رجاء رغم الوباء، وأن هناك حياة بعد الموت وأن الغلبة فى النهاية هى للحياة وللخير وللنور وللسلام.

 

ومن يتأمل فى حياة السيد المسيح وتعاليمه وموته وقيامته يدرك أنه كان شخصًا ثوريًا فى كل حياته فهو ثار على الظلم والفساد وثار على استغلال الإنسان لأخيه إنسان باسم الدين وثار ثورة عارمة على العبادة الشكلية والتدين المزيف، ودعا السيد المسيح إلى حياة الحرية من قيود الجهل والتعصب والمرض ولأجل هذا قاومه الأعداء ورجال الدين الأصوليون المتزمتون فصلبوه وقتلوه.

 

لقد مات السيد المسيح ولم يكن من المنطقى أن يستمر ميّتا وهو الذى قال عن نفسه أنا هو القيامة والحياة، فهل يمكن لقبضة الموت أن تمسك بمن قال عن نفسه أنا هو الحياة؟ وهل يمكن لظلمة القبر أن تحجب من قال عن نفسه أنا هو نور العالم؟ لقد قام المسيح وبقيامته انتصر الحق على الباطل والخير على الشر والحب على الكراهية والسلام على الخصام.

 

وقيامة السيد المسيح هى دعوة للتحرير فهو الذى قال (إن حرركم المسيح فبالحقيقة تكونون أحرارًا)، إنه جاء ليحرر الإنسان من خطاياه ومن تعصبه وجهله وعنصريته وكراهيته ورفضه لأخيه فى الإنسانية وإذا كانت قيامة المسيح لتحريرنا وخلاصنا من الشرور والخطايا والآثام، لذا فليس من المنطقى أن يحتفل الكثيرون بقيامته وهم لا يزالون موتى فى قبور الخطايا والآثام، إن القيامة تتطلب توبة حقيقية وتقوى غير مظهرية.

 

وقيامة السيد المسيح هى دعوة لنا لأن ننهض من قبور الكسل والتراخى لنقوم ونعمل معًا بجد واجتهاد من أجل بناء بلدنا الحبيب مصر، نتمنى أن تقوم مصر وتنهض وتصبح دولة قويةً ومتحضرةً ومواكبةً لقيم الحداثة والرقى والتقدم، فبدون قيامة من قبور الكسل والتراخى لا يمكن أن تكون مصر «أد الدنيا» كما نتمنى لها أن تكون.

 

وقيامة السيد المسيح هى دعوة لنا لأن ننهض ونقوم من قبور التعصب والظلامية، فما يحدث من عنف وذبح وإرهاب وإراقة دماء يؤكد أن هناك فريقًًا من البشر سيطر التعصب الأعمى على عقولهم وتمكن من قلوبهم ومن ثم فهم رفضوا كل آخر مغاير لهم سواء فى الدين أو العقيدة أو المذهب أو الجنس، ومن المؤسف أن هذا الفريق الداعى للظلامية توغل فى معظم المؤسسات والنقابات المختلفة، ألا يؤكد هذا أننا فى حاجة ماسة وملحة إلى تحرير العقول والأذهان من الفكر الظلامى الرجعى المتخلف، فكر البداوة، فكر القرون الوسطى ومحاكم التفتيش.

نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع