
رئيس الأساقفة كاتشا: البابا فرنسيس جمع العالم حول قضايا العدالة والسلام
محرر الأقباط متحدون
الجمعة ٢ مايو ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
في مقابلة مع موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني قال مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، رئيس الأساقفة غابريلي كاتشا إن البابا فرنسيس غيّر حياته، مشيرا إلى أن "فرح الإنجيل" تبقى "الوثيقة العظمى" لحبرية برغوليو، خصوصا بالنسبة للأشخاص الذين يجوبون العالم، لكونها تؤثر على حياة مختلف الكنائس.
بعد المداخلة التي ألقاها أمام المشاركين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الثلاثاء، إحياء لذكرى البابا فرنسيس، شاء الدبلوماسي الفاتيكاني أن يتحدث لموقعنا عن غياب البابا فرنسيس، وتأثيره على العالم، لافتا إلى أن دول العالم والمنظمات الدولية عبرت عن قربها من الكنيسة الكاثوليكية في أوقات الحداد هذه. وأكد أن البابا برغوليو تمكن من تحقيق توافق كبير من حوله، كمدافع عن الخير العام، خصوصا وأنه سلط الضوء على تحديات طارئة تواجهها الجماعة الدولية، وتتطلب حلولا عالمية.
بعدها توقف سيادته عند اللقاء الذي عُقد يوم الثلاثاء في مقر المنظمة الأممية في نيويورك وقال إن الدول كافة عبرت عن قربها من الكنيسة مقدمة التعازي برحيل البابا فرنسيس، ومنها من شاركت في القداس الذي احتُفل به في كاتدرائية نيويورك عن راحة نفس البابا وأخرى وقّعت كتاب التعازي أو شاركت في لقاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وأكد أن ممثلي الدول، أظهروا أن تعاليم البابا لم تصل إلى أصقاع الأرض كافة وحسب، بل تمكنت من ملامسة حياة كل شخص في هذا العالم، الذي هو بمثابة عائلة بشرية واحدة تبكي على فقدان فرد من أفرادها. وقال كاتشا إن هذا هو الانطباع الذي كوّنه حيال ردود الفعل الدولية، مضيفا أن البابا تمكن من بناء توافق عالمي من حوله على الرغم من اتخاذه مواقف واضحة، لا لبس فيها، بشأن قضايا العدالة والمساواة والإنسانية، حاثاً الجماعة الدولية على العمل من أجل الخير العام.
هذا ثم سُئل الدبلوماسي الفاتيكاني عن الخطاب الشهير الذي ألقاه البابا الراحل أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ٢٠١٥، وسلط فيه الضوء على مسؤوليات الدول في الحفاظ على البيت المشترك وتبني منظومة اقتصادية عادلة، محذرا من الاستعمار الأيديولوجي، وقال سيادته إنه في أعقاب هذا الخطاب نما الوعي لدى الجميع، ليس لدى الأقوياء وحسب. وهذا ما تبين – على سبيل المثال – في المبادرات العالمية التي أُطلقت دفاعاً عن البيئة، مثل مؤتمر الأطراف للأمم المتحدة بدءاً من مؤتمر باريس. وقد نما لدى الرأي العام العالمي وعي حيال بعض القيم. وقد ساهم في ذلك نشر العديد من الوثائق التي كتبها البابا الراحل، لاسيما الرسالتين العامتين "كن مسبحا" وFratelli Tutti، ما أدى إلى نشأة ذهنية مشتركة بغية مواجهة التحديات التي تتطلب حلولا عالمية.
وروى كاتشا أنه سُر كثيرا بالاستماع إلى خطابات رئيس الجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة وممثلين عن المجموعات الإقليمية، هذا فضلا عن وجود العديد من البلدان الصغيرة التي عبرت عن قربها من البابا فرنسيس. وأضاف سيادته أنه من خلال الإصغاء إلى كل هذه الكلمات ندرك أن البابا فرنسيس نجح في جعل المصلحة العامة تتفوق على المصالح الأحادية، على الرغم من أن النداءات الداعية إلى السلام وإلى حماية البيئة لم تجد آذاناً صاغية. لكن مع ذلك، قال كاتشا، قدم البابا مساراً يمكن أن يتّبعه من يريدون السير في هذا الاتجاه.
تابع مراقب الكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة حديثه لموقعنا مذكرا بأن الأمم المتحدة تبقى المؤسسة الوحيدة التي تضم مائة وثلاثة وتسعين بلدا، حيث يمكن أن يلتقي ممثلون عن دول العالم، ويتحاورون ويتطرقون إلى التحديات المشتركة، التي يعجز أي بلد عن مواجهتها لوحده. وأضاف أن الأمم المتحدة هي أيضاً مدرسة سلام، مشيرا إلى أن كل المؤسسات يمكن أن تتحسن، لا بل يجب أن تتأقلم مع الأوضاع الراهنة، لكن الأمم المتحدة تبقى منظمة فريدة من نوعها في العالم، ولا يوجد لها أي مثيل سوى على الصعيد الإقليمي بالإضافة إلى مجموعات صغيرة، كمجموعة السبع أو العشرين.
بعدها انتقل الدبلوماسي الفاتيكاني إلى الحديث عن المنصب الذي يشغله الكرسي الرسولي ضمن المنظمة الأممية وقال إنه على الرغم من كون الكرسي الرسولي مراقب ومرافق، ولا يتمتع بالتالي بالأدوات التي تملكها باقي الدول، يبقى صوته مسموعاً ويحظى بالتقدير، لأنه من الواضح أن هذا الصوت يصب في صالح الجميع، لا في صالح فئة أو مجموعة معينة. وهذا ما ولّد تثمينا كبيرا لدى الدول، بالإضافة إلى علاقات الصداقة المخلصة التي تربط الكرسي الرسولي بكثير من الدول.
في معرض حديثه عن أبرز التحديات التي تنتظر الكنيسة في المرحلة المقبلة، وفي طليعتها تعزيز الكرامة البشرية، العدالة الاجتماعية وحماية الخليقة والسلام، قال رئيس الأساقفة كاتشا إن الكنيسة الكاثوليكية اتخذت خيارات عملاقة، كالمجمع الفاتيكاني الثاني على سبيل المثال، الذي رسم الخطوط التوجيهية الكبرى، وعمل كل حبر أعظم على تطبيقها تماشياً مع تطورات الأوضاع التي لا يمكن التنبؤ بها. لكن الكنيسة تسير في الاتجاه نفسه الذي حدده المجمع الفاتيكاني الثاني.