الأقباط متحدون - البابا لاوُن يلتقي أعضاء المؤسسة الحبرية السنة المائة : لدينا عنصرا أساسيا لبناء ثقافة اللقاء من خلال الحوار والصداقة الاجتماعية
  • ٢١:٣٣
  • الأحد , ١٨ مايو ٢٠٢٥
English version

البابا لاوُن يلتقي أعضاء المؤسسة الحبرية السنة المائة : لدينا عنصرا أساسيا لبناء ثقافة اللقاء من خلال الحوار والصداقة الاجتماعية

الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٠٥: ٠١ م +03:00 EEST

الأحد ١٨ مايو ٢٠٢٥

البابا لاوُن الرابع عشر
البابا لاوُن الرابع عشر
كتب - محرر الاقباط متحدون 
استقبل البابا لاوُن الرابع عشر صباح امس السبت ١٧ أيار مايو أعضاء المؤسسة الحبرية السنة المائة والمشاركين في المؤتمر الدولي السنوي والجمعية العامة للمؤسسة. وعقب ترحيبه بالجميع توقف قداسة البابا عند الموضوع الذي اختير محور مؤتمر هذا العام وهو "تجاوز الاستقطاب وإعادة بناء الحوكمة العالمية: الأسس الأخلاقية"، وقال الأب الأقدس أن هذا الموضوع يمس جوهر معنى ودور العقيدة الاجتماعية للكنيسة، أداة السلام والحوار من أجل بناء جسور أخوّة عالمية. وتابع البابا لاوُن الرابع عشر أننا، وبشكل خاص في زمن الفصح هذا، نعترف بأن القائم يسبقنا أيضا حيثما يبدو أن الانتصار للظلم والموت. ودعا قداسته، مذكرا بما قال يوم انتخابه، إلى أن نساعد بعضنا البعض على بناء الجسور بالحوار، باللقاء، متحدين جميعا لكي نكون شعبا واحدا يعيش في سلام دائم. وشدد البابا هنا على أن هذا أمر لا يمكن ارتجاله بل هو تشابك ديناميكي ومتواصل من النعمة والحرية نريد الآن أيضا بلقائنا أن نعززه.
 
 
عاد قداسة البابا بعد ذلك إلى البابا لاوُن الثالث عشر والذي عاش في فترة تميزت بتحولات تاريخية، فقال إن هذا البابا أراد السلام وساهم فيه بتحفيز الحوار الاجتماعي، حوار بين رأس المال والعمل، بين التكنولوجيا والذكاء البشري، بين الثقافات السياسية المختلفة، بين الأمم. ثم ذكَّر قداسة البابا باستخدام البابا فرنسيس تعبير "الأزمة المتعددة" للإشارة إلى مأساوية المرحلة التاريخية التي نعيشها، ما بين حروب وتغيرات مناخية وتزايد اللامساواة، الهجرة القسرية والمرفوضة، تعاظم الفقر، اقتحام المستجدات التقنية، عدم ثبات العمل والحقوق. وواصل قداسته أن العقيدة الاجتماعية للكنيسة مدعوة أمام قضايا بمثل هذه الأهمية إلى أن توفر مفاتيح قراءة تضع العلم والضمير في حوار، مقدِّمة بالتالي إسهاما أساسيا للمعرفة والرجاء والسلام.
 
 
وفي حديثه عن العقيدة الاجتماعية قال البابا لاوُن الرابع عشر إنها تربي على إدراك أن أهم من المشاكل أو من الإجابة عليها هناك أسلوب مواجهتنا لها من خلال معايير تقييم ومبادئ أخلاقية وبالانفتاح على نعمة الله. وتابع قداسته قائلا لضيوفه إن لديهم فرصة إبراز أن العقيدة الاجتماعية للكنيسة بنظرتها الأنثروبولوجية الخاصة تسعى إلى ضمان تعامل فعلي مع القضايا الاجتماعية، لا القول إنها مَن يملك الحقيقة أو مَن له الفضل في تحليل المشاكل أو حلها. فمن الأكثر أهمية معرفة كيفية الاقتراب من هذه المشاكل لا تقديم إجابات متعجلة حول لماذا حدث شيء ما أو كيفية تجاوزه، قال البابا، الهدف هو تعلم مواجهة المشاكل والتي هي مختلفة دائما، وذلك لأن كل جيل هو جديد بتحديات جديدة وأحلام جديدة وأسئلة جديدة.
 
 
وتابع البابا لاوُن الرابع عشر متحدثا عن أن لدينا عنصرا أساسيا لبناء ثقافة اللقاء من خلال الحوار والصداقة الاجتماعية. وأراد قداسته لفت الأنظار إلى أن كلمتَي حوار وعقيدة تبدوان متناقضيتين من وجهة نظر كثيرين في زمننا هذا، وأضاف أن ما نفكر فيه عند سماع كلمة عقيدة قد يكون التعريف التقليدي لهذه الكلمة باعتبارها مجموعة من الأفكار التي تنتمي إلى دين ما، وأمام هذا التعريف نشعر بأن لدينا حرية قليلة للتأمل أو الشك أو البحث عن بدائل جديدة. من الملح بالتالي، حسبما تابع الأب الأقدس، الكشف من خلال العقيدة الاجتماعية للكنيسة عن وجود معنى آخر وواعد لتعبير العقيدة، معنى يصبح حتى الحوار بدونه فارغا. وواصل البابا أن مرادفات العقيدة يمكن أن تكون العلم، المنهج أو المعرفة، وبهذا المعنى تُعتبر العقيدة ثمرة بحث أي افتراض، أصوات، تقدُّم وعدم نجاح يتم السعي من خلالها إلى نقل معرفة جديرة بالثقة، منظمة، ونظامية حول موضوع ما. وأضاف قداسة البابا أن العقيدة بهذا الشكل لا تعني رأيا، بل هي مسيرة مشتركة، جماعية بل وأيضا متعددة المواضيع نحو الحقيقة.
 
 
ومن النقاط الأخرى التي أراد قداسة البابا الإشارة إليها كون التلقين غير أخلاقي باعتباره فعلا يحُول دون التقييم النقدي ويشكل اعتداءً على حرية احترام الضمير، فعلا يعني الانغلاق على التأملات الجديدة لأنه يرفض الحركة، التغير أو تطور الأفكار أمام مشاكل جديدة. العقيدة على العكس، تابع البابا لاوُن الرابع عشر، وباعتبارها تأملا جادا وهادئا وصارما تهدف إلى تعليمنا قبل كل شيء كيف نقترب من الأوضاع وقبل ذلك من الأشخاص. تساعدنا العقيدة من جهة أخرى على صياغة أحكام متعقلة، قال قداسة البابا وأضاف أن الجدية والصرامة والسكينة هي ما يجب أن نتعلم من أية عقيدة، وبالتالي أيضا من العقيدة الاجتماعية.
تطرق الأب الأقدس بعد ذلك إلى ضرورة إعادة اكتشاف واجب التربية على الحس النقدي وتوضيحه وإنمائه أمام الثورة الرقمية الحالية، وذلك في مواجهة الميول العكسية والتي قد تكون في الكنيسة أيضا. وتابع البابا مشيرا إلى أننا نرى القليل من الحوار حيث الغلبة للكلمات المصروخ بها وبشكل غير قليل حتى للأنباء الكاذبة والنظريات غير العقلانية. هناك أهمية أساسية بالتالي للتعمق والدراسة، قال قداسة البابا، وأيضا للّقاء والإصغاء إلى الفقراء الذين وصفهم قداسته بكنز الكنيسة والبشرية وحَمَلة وجهات نظر مستبعَدة لكن لا غنى عنها لرؤية العالم بعينَي الله. وقال قداسته في هذا السياق إن مَن يولد ويكبر بعيدا عن مراكز السلطة يُعتبر مواصلا للعقيدة الاجتماعية للكنيسة ومطبقا لها، وتحدث البابا هنا عن شهود الالتزام الاجتماعي، الحركات الشعبية والمنظمات الكاثوليكية المختلفة للعاملين باعتبارها تعبيرا عن الضواحي الوجودية التي لا يزال الرجاء فيها يقاوم ويزهر. ودعا البابا هنا إلى منح الكلمة للفقراء.
 
هذا وعاد البابا لاوُن الرابع عشر إلى تأكيد المجمع الفاتيكاني الثاني على واجب الكنيسة أن تتفحص في كل آن علامات الأزمنة وتفسرها على ضوء الإنجيل، فتستطيع أن تجيب بصورة ملائمة لكل جيل على أسئلة الناس الدائمة حول معنى الحياة الحاضرة والمستقبلية، وحول العلاقات القائمة بينهما (راجع الدستور الرعوي "فرح ورجاء" ٤). وهكذا دعا الأب الأقدس الحضور في ختام كلمته إلى المشاركة بفاعلية وإبداع في اختبار التمييز هذا مساهمين في تطوير العقيدة الاجتماعية للكنيسة مع شعب الله في إصغاء وحوار مع الجميع. وأشار قداسته إلى الحاجة المنتشرة اليوم إلى العدالة والاحتياج إلى أبوة وأمومة والرغبة العميقة في الروحانية وخاصة بين الشباب والمهمشين الذين لا يجدون دائما القنوات الفعالة للتعبير عن الذات. هناك طلب متنامٍ للعقيدة الاجتماعية للكنيسة، طلب علينا الرد عليه.