الأقباط متحدون - البابا لاون : في ظل الحروب والإرهاب والاتجار بالبشر والعدوانية يحتاج الشباب إلى خبرات تربي على ثقافة الحياة والحوار والاحترام المتبادل
  • ٠٥:١٥
  • الأحد , ١ يونيو ٢٠٢٥
English version

البابا لاون : في ظل الحروب والإرهاب والاتجار بالبشر والعدوانية يحتاج الشباب إلى خبرات تربي على ثقافة الحياة والحوار والاحترام المتبادل

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٤٣: ٠٣ م +03:00 EEST

الأحد ١ يونيو ٢٠٢٥

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
كتب - محرر الاقباط متحدون 
استقبل البابا لاوُن الرابع العشر، الحركات والجمعيات التي أطلقت مبادرة لقاء مدرَّج فيرونا للسلام الذي شارك فيه البابا فرنسيس. وبدأ الأب الأقدس موجها إلى الجميع التحية التي عودنا عليها: السلام معكم، ورحب بضيوفه خاصا بالذكر أسقف فيرونا المطران دومينيكو بومبيلي والآباء الكومبونيين. ثم ذكَّر قداسته بتشديد البابا فرنسيس في تلك المناسبة على أن بناء السلام يبدأ بأن نضع أنفسنا مكان الضحايا مشاركين إياهم وجهة النظر. وأضاف البابا لاوُن الرابع عشر أن هذا المنظور أساسي من أجل نزع سلاح القلوب والنظرات والعقول وإدانة الظلم في نظام يقتل، يقوم على ثقافة الإقصاء. وخلال ترحيبه بالحضور توقف الأب الأقدس عند ما وصفه بعناق شجاع لا يمكننا أن ننساه بين الإسرائيلي ماوز إينون والفلسطيني عزيز أبو سارة، وذكَّر بأن الأول قد فقد والدَيه والثاني شقيقَه وذلك على يد حماس والجيش الإسرائيلي، لكنهما أصبحا اليوم صديقين ويتعاونان في شهادة وعلامة رجاء. وشكر البابا كليهما على مشاركتهما في لقاء اليوم.
 
وتابع البابا لاوُن الرابع عشر متحدثا عن المسيرة نحو السلام والتي تتطلب قلوبا وأذهانا مُدرَّبة ومكوَّنة على الانتباه إزاء الآخر وقادرة على التعرف على الخير العام في الإطار الحالي. وشدد قداسته من جهة أخرى على أن الطريق نحو السلام هو طريق جماعي يمر عبر الاهتمام بعلاقات عادلة بين جميع الكائنات الحية. وعاد الأب الأقدس إلى تشديد البابا القديس يوحنا بولس الثاني في الرسالة العامة "الاهتمام بالشأن الاجتماعي" على أن السلام لا يتجزأ: فإما أن يكون سلام الجميع، أو لا يكون سلام أحد. وأضاف البابا لاوُن الرابع عشر أن السلام يمكن كسبه فقط في حال تم في الضمائر تفعيل العزم الثابت والمثابر على العمل من أجل الصالح العام حسبما جاء في الوثيقة المذكورة.
 
أكد الأب الأقدس بعد ذلك على ضرورة أن نعثر مجددا، في زمننا الذي تطبعه السرعة والفورية، على تلك الأوقات الطويلة اللازمة كي تتحقق هذه المسيرات. وأضاف أن التاريخ والخبرة والممارسات الجيدة الكثيرة قد جعلتنا ندرك أن السلام الحقيقي هو ذلك الذي يتشكل انطلاقا من الواقع، أي على صعيد الجماعات والمؤسسات المحلية، وفي إصغاء لهذا الواقع، ولهذا فإننا ندرك أن السلام يكون ممكنا حين يتم الاعتراف بالاختلافات وتجاوزها لا بتجاهلها. وشدد قداسته بالتالي على كون هذا ما يجعل من الثمين بشكل كبير عمل الحركات والجمعيات الشعبية والذي تقوم به بشكل ملموس وانطلاقا من الأسفل في حوار مع الجميع ومن خلال الإبداع المنبثق من ثقافة السلام. وقال البابا لضيوفه إنهم ومن خلال قيامهم بمشاريع ونشاطات في خدمة ملموسة للخير العام يُوَلدون الرجاء.
 
هذا وتوقف البابا لاوُن الرابع عشر عند ما يشهده عالمنا وتشهده مجتمعاتنا من عنف، وتابع أنه وأمام الحروب والإرهاب والاتجار بالبشر والعدوانية المنتشرة فإن الفتية والشباب في حاجة إلى خبرات تربي على ثقافة الحياة والحوار والاحترام المتبادل. 
 
بل ويحتاجون في المقام الأول، حسبما أوضح قداسته، إلى شهود لأسلوب حياة مختلف، أساسه اللاعنف. وتابع الأب الأقدس مشيرا إلى أنه وبدءً من المستويات المحلية وصولا إلى مستوى النظام العالمي فإنه حين يقاوم مَن تعرضوا للظلم وضحايا العنف الميل إلى الرغبة في الانتقام، فهم يصبحون أبطالا لديهم مصداقية أكبر لمسيرات لا عنف من أجل بناء السلام. وشدد قداسته على أن اللاعنف كمنهج وكأسلوب يجب أن يميز قراراتنا وعلاقاتنا وأفعالنا.
 
تطرق البابا لاوُن الرابع عشر بعد ذلك إلى كون الإنجيل والعقيدة الاجتماعية غذاءً متواصلا لهذا الالتزام بالنسبة للمسيحيين، كما ويمكن لهما أن يكونا بوصلة صالحة للجميع وذلك لأننا نتحدث عن واجب يكلَّف به الجميع سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين، وعلى الجميع التعامل مع هذا الواجب والقيام به من خلال التأمل وممارسات تنطلق من كرامة البشر والخير العام. إذا أردتَ السلام فأعِّد مؤسسات سلام، واصل البابا مذكرا بأن ليس فقط المؤسسات السياسية والوطنية والدولية هي المدعوة إلى العمل في هذا المجال بل المؤسسات في مجملها، أي أيضا تلك التربوية والاقتصادية والاجتماعية. وعاد البابا لاوُن الرابع عشر هنا إلى الرسالة العامة Fratelli tutti للبابا فرنسيس والتي تتكرر فيها الدعوة إلى ضرورة أن نؤسس "نحن"، دعوة يجب الاستجابة إليها على الصعيد المؤسساتي قال البابا مشجعا ضيوفه على الالتزام بالعمل وأيضا على الحضور حسبما ذكر، وتابع مشيرا إلى الحضور داخل عجينة التاريخ كخميرة وحدة وشركة وأخوّة.
وشدد الأب الأقدس على أن الأخوّة في حاجة إلى أن تُكتشف وأن تُحب، تُختبر وتُعلَن وأن يُشهد لها بالرجاء الواثق بأنها ممكنة بفضل محبة الله التي "أُفيضَت في قُلوبِنا بِالرُّوحَ القُدُسِ" (راجع روم ٥،٥).
 
وفي ختام كلمته إلى الحركات والجمعيات التي أطلقت مبادرة لقاء مدرج فيرونا للسلام الذي شارك فيه البابا فرنسيس شكر البابا لاوُن الرابع عشر الحضور على زيارتهم وأكد صلاته من أجلهم كي يتمكنوا من العمل بعزم وصبر. ثم بارك الأب الأقدس الجميع.