الأقباط متحدون - مؤتمر فرسافيا حول العبادة الدائمة: منبع الرجاء وتجدد الإيمان في العالم
  • ٢٣:٠٨
  • الثلاثاء , ١٠ يونيو ٢٠٢٥
English version

مؤتمر فرسافيا حول العبادة الدائمة: منبع الرجاء وتجدد الإيمان في العالم

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٠٥: ٠٣ م +03:00 EEST

الثلاثاء ١٠ يونيو ٢٠٢٥

مؤتمر فرسافيا
مؤتمر فرسافيا

محرر الأقباط متحدون
بين السادس والثامن من حزيران ٢٠٢٥، احتضنت مدينة فارسافيا البولندية المؤتمر الثالث تحت عنوان: "العبادة الدائمة: مصدر رجاء للبشرية". شكّل الحدث محطة روحية وكنسية بارزة، أعادت التأكيد على الدور المحوري للعبادة الدائمة بوصفها نبعًا لا ينضب للرجاء في عالم يتعطّش إلى المعنى والسلام الداخلي. وقد لبّى غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك، الدعوة الموجّهة من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان (APECL)، للمشاركة في هذا الحدث الروحي العميق، الذي نظمته أبرشية فرسافيا بالتعاون مع شبكة الكلمة الخالدة (EWTN)، وهي أكبر شبكة إعلامية كاثوليكية في العالم.

وصل غبطته إلى فرسافيا في الخامس من حزيران، حيث كان في استقباله عدد من الشخصيات الكنسية البارزة، من بينهم المونسنيور ماتشي ماليغا، الأسقف المساعد لأبرشية فرسافيا، والمونسنيور فلودزيميرز جوشتزاك، أسقف الكنيسة اليونانية الكاثوليكية في فرسافيا-غدانسك، والمونسنيور زبيغنييف ستانكيفيتش، رئيس أساقفة ريغا في لاتفيا. افتُتحت أعمال المؤتمر في كاتدرائية فرسافيا بصلاة وتأمل، لتتواصل بعدها الجلسات في قاعة يوحنا بولس الثاني. خلال إحدى الجلسات، ألقى البطريرك ميناسيان كلمة مؤثرة قال فيها: "العبادة الدائمة هي القلب النابض لإيماننا، حيث يتحوّل الصمت أمام الحضور الحقيقي للمسيح إلى نار حبّ تُضيء درب الرجاء". وأشار إلى أن اللقاء الشخصي مع المسيح في سرّ القربان المقدّس يجدّد الإنسان ويحوّله، مشددًا على أن الرجاء الحقيقي لا ينبع من ظروف خارجية، بل من صميم العلاقة العميقة مع الله.

استعاد غبطته خلال كلمته الحدث الإفخارستي الذي وقع في الأرجنتين عام ١٩٩٦، حيث تحوّل القربان إلى دم وأنسجة قلب بشري حيّ، في شهادة ملموسة على الحضور الفعلي للمسيح في الإفخارستيا. كما سلط الضوء على الرابط الفريد بين يسوع ومريم، واصفًا إياه بأنه "سرّ محبة يتجاوز منطق البشر"، معتبرًا أن مريم تمثّل التجلي الأسمى للحب الإلهي المتجسد في العلاقة بين الله والإنسان. وأكد أن العبادة الحقيقية ليست مجرد ممارسة طقسية، بل هي انفتاح كامل على مشيئة الله، وحوار داخلي دائم، وتجدد مستمرّ في الروح، مستشهدًا بقول السيد المسيح في إنجيل يوحنا: "أنتم تسجدون لما لستم تعلمون، أما نحن فنسجد لما نعلم، لأن الخلاص من اليهود." في دعوة إلى عبادة تستند إلى معرفة الحقّ ومحبة الله. أما في مساء اليوم الأول، ترأس غبطته القداس الإلهي في كاتدرائية فرسافيا، متأملًا في سرّ العشاء الأخير وتحول الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح. وقال: "كلما اقتربنا من هذه المائدة المقدسة، نعيش من جديد سرّ الفداء، ونجدد نعم إيماننا، فتتحول حياتنا إلى عطية حب ورحمة."

في السابع من حزيران، انتقل غبطته إلى العاصمة وارسو، حيث ترأس قداس سورب باداراك في كنيسة سيدة تشيستوخوفا، وتبادل التأملات مع المؤمنين، ثم التقى بالجالية الأرمنية، مشددًا على أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية والروحية في بلاد الاغتراب. وفي اليوم التالي، زار مدينة غليفيتسه، حيث ترأس قداسًا في رعية القديس غريغوريوس المنير، أعقبه تدشين لوحة تذكارية لضحايا الإبادة الجماعية الأرمنية، في لحظة امتزجت فيها الذكرى بالأمل والمصالحة. في مساء اليوم ذاته، زار البطريرك مؤسسة الأخ ألبرت في رادفانوفيتشي، التي أسّسها الكاهن الأرمني البولندي الراحل الأب تاديوس إيساكوفيتش-زاليسكي، حيث اطّلع على خدمات دار الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، والتي تجسّد بأعمالها رسالة المحبة المسيحية والرحمة الإنسانية.

اختتم المؤتمر برسالة روحية واضحة: أن العبادة الدائمة ليست مجرّد طقس، بل هي نمط حياة، ودعوة إلى لقاء صامت وعميق مع الله، تجدَّد فيه القلوب وتستنير به العقول. في عالم يتخبط في الاضطرابات ويضجّ بالضوضاء، أكدت فرسافيا أن الطريق إلى الرجاء يبدأ من السجود في حضرة الربّ، وأن المحبة الإلهية قادرة وحدها على تجديد الإنسان والمجتمع.