
الأب باتون: الحرب لا تقضي على الأمل في الأرض المقدسة
محرر الأقباط متحدون
الثلاثاء ١٧ يونيو ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
إزاء التصعيد الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط أجرى موقعنا الإلكتروني مقابلة مع حارس الأرض المقدسة الأب فرنشيسكو باتون لافتا إلى أن العديد من المواطنين الإسرائيليين، المسيحيين وغير المسيحيين، يرغبون في مغادرة بلادهم التي تبدو عاجزة عن ضمان الاستقرار والسلام، وقد انزلقت إلى دوامة من الحرب لا أحد يستطيع أن يسيطر عليها.
مع تبادل القصف بين إسرائيل وإيران تجد الأرض المقدسة نفسها مرة جديدة في صلب التوترات الإقليمية، التي تحمل انعكاسات على السكان المحليين، بما في ذلك المسيحيون، كما يقول الأب باتون مضيفا أن الإسرائيليين كانوا يشاهدون الدمار من حولهم وها هم اليوم يرونه في أرضهم، في قلب الأرض المقدسة. وقال إن المسيحيين، شأنهم شأن باقي مكونات المجتمع الإسرائيلي، يشعرون بالخوف، موضحا أن الأطفال يرتجفون لدى سماعهم صفارات الإنذار ودوي الانفجارات، وهي مشاعر سترافقهم طوال حياتهم. وأضاف أن ما يزيد الطين بلة الصمت السوريالي الذي يسود في الشوارع، والسبب ليس مرتبطاً بغياب السياح والحجاج وحسب إنما أيضا بغياب المؤمنين المحليين، الذين باتوا عاجزين عن الذهاب إلى الكنيسة في حالات كثيرة.
بعدها لفت حارس الأرض المقدسة إلى أن المنطقة لا تعاني من التوترات خلال الأشهر العشرين الأخيرة وحسب، أي منذ هجمات السابع من أكتوبر تشرين الأول ٢٠٢٣، موضحا أنه إذا نظرنا إلى تاريخ الأرض المقدسة نرى أنها لم تنعم قط بالسلام لفترات طويلة. مع ذلك أكد أن الكنيسة المحلية عازمة على متابعة رسالتها لأنها تستمد القوة مما كانت تسمى "الكنيسة المنتصرة"، التي تتألف من قديسين، نعيش الشركة معهم ومع الله بواسطة الصلاة. وأشار في هذا السياق إلى أن حراسة الأرض المقدسة تؤدي رسالتها في المنطقة وطالما شعرت بدعم البابوات لها على مر التاريخ، مضيفا أنه شعر شخصياً بدعم البابا فرنسيس الذي عمل على تثبيت الكنيسة المحلية في الإيمان، ووجه لها كلمات تشجيع وتقدير، ومما لا شك فيه أن البابا لاون الرابع عشر سيواصل هذا النهج.
وأضاف باتون أن حراسة الأرض المقدسة شعرت بدعم دائرة الكنائس الشرقية مذكرا بأن عميد الدائرة السابق الكاردينال ليوناردو ساندري زار المنطقة أكثر من مرة ووجه رسائل الامتنان والتقدير لاسيما خلال الاحتفال بالذكرى المئوية الثامنة لوصول القديس فرنسيس إلى الأرض المقدسة عام ٢٠١٩. ولفت إلى أن عميد الدائرة الحالي الكاردينال غوجيروتي يولي اهتماماً كبيراً بالمنطقة، وقد حاول أن يعطي دفعاً قوياً لحملة جمع التبرعات خلال يوم الجمعة العظيمة، وقد وعد بزيارة المنطقة في شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل.
لم تخل كلمات حارس الأرض المقدسة من الحديث عن الممرات الإنسانية التي سعى من أجلها نائب حارس الأرض المقدسة الأب إبراهيم فلتس، وقد سمحت بوصول عدد من أطفال غزة إلى إيطاليا لتلقي العلاج. وأضاف أن هذا الأخير روّج لمبادرات إنسانية عدة خلال السنوات العشرين الماضية موضحا أن هناك العديد من النشاطات الإنسانية والخيرية التي تُصنع دون أن تظهر للعلن. وأهم ما فعله الأب فلتس هو إعادة تأهيل مدارس الأرض المقدسة، والتزامه الدؤوب لصالح التربية على السلام والتعايش بين مختلف الأجيال.
رداً على سؤال بشأن الأديار التابعة للرهبنة الفرنسيسكانية والمعرضة للخطر أكثر من سواها، قال الأب باتون إنها الأديار المتواجدة في المدن، شأن حيفا وعكّا، كما في القدس أيضا. وقال إن القنابل الذكية لا وجود لها، ومن يقصف يسعى عادة إلى ترهيب السكان، مشيرا إلى أن لا أحد يحترم قواعد القانون الدولي، ما يعني أننا نواجه كلنا المصير نفسه، بغض النظر عن الانتماءات العرقية والدينية.
في الختام أكد باتون أن حراسة الأرض المقدسة عاشت في الماضي أوقاتاً صعبة جدا، وهذا جزء من دعوتها الإرسالية، لافتا إلى أن الرهبان ليسوا كالمرتزقة الذين يتخلون عن قطيع الخراف ليقذوا أرواحهم، وقال: هذه هي الرسالة التي أوكلتها إلينا الكنيسة، وبالتالي ستبقى حراسة الأرض المقدسة في المنطقة وهي تتوكل على المعونة التي تأتيها من السماء.