
البابا لاون في لقاء "كهنة سعداء": الكاهن صديق المسيح وابن الكنيسة
محرر الأقباط متحدون
الجمعة ٢٧ يونيو ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
شارك البابا لاون الرابع عشر عصر أمس الخميس في لقاء دولي بعنوان "كهنة سعداء"، نظمته دائرة الإكليروس الفاتيكانية، ووجه للحاضرين كلمة شدد فيها على توفير تنشئة للكهنة تكون عبارة عن "مسيرة من العلاقة"، وتوقف عند أزمة الدعوات، مؤكدا أن الله ما يزال يدعو الأشخاص إلى اتّباعه، كما لفت البابا إلى ضرورة خلق بيئات مطبوعة بالإنجيل، وقال للكهنة إنهم يمكنهم أن يعتمدوا على قربه منهم.
استهل الحبر الأعظم كلمته متوقفا عند شخصية الكاهن الذي هو صديق، وأخ، وابن، وراع وشهيد في بعض الحالات، مشيرا إلى وجود كهنة لم يترددوا في ذرف دمائهم، وهناك كهنة يجد فيهم الشبان دفعاً إرسالياً كبيراً، خصوصا أولئك البعيدين عن الإيمان، لكنهم يبحثون عن الله وعن الخلاص. وقال الحبر الأعظم إنه أمر جميل أن يكون المرء كاهناً، مشيرا إلى الرسالة العامة الأخيرة للبابا فرنسيس Dilexit nos حول قلب يسوع الأقدس التي توجه مسيرة الكهنة.
اللقاء الذي شارك فيه البابا عصر أمس عُقد في قاعة الاحتفالات الكائنة في شارع المصالحة بروما على بعد مئات الأمتار من دولة حاضرة الفاتيكان، وجرى تحت عنوان "كهنة سعداء: لقد دعوتكم أصدقائي"، وهو عبارة عن حدث دولي نظمته دائرة الإكليروس، لمناسبة يوبيل الكهنة والإكليريكيين، ويشكل مناسبة للحوار والتأمل والمقاسمة بين حوالي ألف وسبعمائة كاهن وإكليريكي قدموا من مختلف أنحاء العالم ملتزمون في مجال رعوية الدعوات وتنشئة الإكليريكيين. وقد افتُتح اللقاء بتسليط الضوء على خبرات الكهنة في مجال رعوية الدعوات في كل من المكسيك وإيطاليا والأرجنتين، وإيرلندا وإسبانيا.
البابا لاون الرابع عشر وصف الكهنة بأصدقاء الرب، وعبر عن فرحته الكبيرة للقائهم في خضم السنة المقدسة، قائلا إن اللقاء يشكل فرصة للشهادة لإمكانية أن يكون الكاهن شخصاً سعيداً، وفي الوقت نفسه لتقييم إرث الخبرات التي نضجت على هذا الصعيد، وهكذا تُصبح البذور التي زُرعت نورا وحافزاً للجميع. هذا ثم شكر الحبر الأعظم الدائرة الفاتيكانية على خدمتها السخية والثمينة والتي غالباً ما تقوم بها بصمت وتكتم، مذكرا بالكلمات التي قالها الرب لتلاميذه "لقد دعوتكم أصدقائي"، وقال البابا إن هذه العبارات تساعدنا على فهم الخدمة الكهنوتية.
بعدها جدد البابا التأكيد على أن الكاهن هو صديق للرب، وهو مدعو ليعيش معه علاقة شخصية ترتكز إلى الثقة، وتتغذى من الكلمة ومن الاحتفال بالأسرار المقدسة والصلاة اليومية. وأكد لاون الرابع عشر أن هذه الصداقة مع المسيح هي الركيزة الروحية للخدمة الكهنوتية، وهي معنى البتولية وطاقة الخدمة الكنسية التي نكرس لها حياتنا. إنها تعضدنا في أوقات المحن، وتسمح لنا بأن نجدد كل يوم كلمة "نعم" التي تفوهنا بها في بداية دعوتنا.
هذا ثم شدد البابا على ضرورة أن تعاش التنشئة الكهنوتية كمسيرة علاقة، مسيرة تشمل الشخص بكليته، تشمل قلبه وذكاءه وحريته، وهذا ما يتطلب الإصغاء والتأمل وحياة داخلية منتظمة. وتوقف بعدها عند الأخوّة، كنمط جوهري لحياة الكاهن. وقال إن كوننا أصدقاء للمسيح يحتّم علينا أن نعيش كأخوة مع الكهنة والأساقفة، بعيدا عن التنافسية والفردانية. لذا لا بد أن تساهم التنشئة في بناء روابط متينة بين الكهنة كتعبير عن كنيسة سينودسية، ننمو فيها معاً، متقاسمين متاعب الخدمة وأفراحها أيضا.
لم تخل كلمة الحبر الأعظم من الحديث عن الاهتمام بإعداد المنشّئين، لأن فعالية نشاطهم تعتمد قبل كل شيء على مثال حياتهم وعلى الشركة فيما بينهم. وأشار البابا بعدها إلى أزمة تراجع الدعوات، لاسيما في الغرب، في وقت تشهد فيه هذه الدعوات ازدهاراً في أفريقيا وآسيا. وأكد في هذا السياق أن الله ما يزال يدعو الأشخاص وهو يبقى أميناً لوعوده، ولا بد أن تكون هناك فسحات ملائمة للإصغاء إلى صوته. وتوجه البابا بريفوست إلى الحاضرين مشجعاً إياهم على إيلاء اهتمام خاص بالشبان الذين يقولون كلمة "نعم" للرب، كما لا بد أن نشعر جميعا بضرورة تجديد هذه العبارة، وأن نعيد اكتشاف جمال أن نكون تلامذة مرسلين، نسير على خطى المسيح، الراعي الصالح.
وذكّر الحبر الأعظم الحاضرين بأنه من خلال عملنا الرعوي، يعتني الرب نفسه بقطيع الخراف، يستعيد تلك الضالة، وينحني على تلك الجريحة، ويعضد تلك التي تشعر بالإحباط. وقال إنه من خلال الاقتداء بالمسيح ننمو في الإيمان، ونصبح بالتالي شهوداً صادقين للدعوة التي نلناها.
هذا ثم جدد البابا امتنانه للكهنة الحاضرين، خاصا بالذكر من قدموا من بلدان بعيدة، ومن يعملون في أوضاع صعبة لا تخلو أحيانا كثيرة من المخاطر. وقال: إذ نتذكر الكهنة الذين ضحوا بحياتهم وصولا إلى حد الاستشهاد، دعونا نجدد اليوم استعدادنا لعيش رسالة الرأفة والفرح بدون تحفظات. وذكّر الحبر الأعظم بأن دعوة الرب إلى الحياة المكرسة هي دعوة إلى الفرح قبل كل شيء آخر. وقال: لسنا كاملين، ولكننا أصدقاء للمسيح، وأخوة مع بعضنا البعض، وأبناء لوالدته الحنونة مريم، وهذا ما يكفينا.
في ختام كلمته شجع لاون الرابع عشر الحاضرين على الاعتماد دوماً على نعمة الله، وعلى قرب البابا منهم، قائلا إنه بهذه الطريقة يمكننا جميعاً أن نكون حقاً الصوت الذي نريده في هذا العالم.