
البابا لاوُن الرابع عشر: نصلّي لنميّز ونعرف كيف نختار دروب الحياة
محرر الأقباط متحدون
الخميس ٣ يوليو ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
في نيته للصلاة لشهر تموز يوليو ٢٠٢٥ البابا لاوُن الرابع عشر يصلّي لكي نتعلّم، أكثر فأكثر، أن نميّز، وأن نعرف كيف نختار دروب الحياة، وأن نرفض كلّ ما يُبعِدنا عن المسيح والإنجيل
صدرت عصر الخميس رسالة الفيديو للبابا لاوُن الرابع عشر لنيته للصلاة لشهر تموز يوليو ٢٠٢٥ التي يتم بثها شهرياً من خلال شبكة الصلاة العالمية للبابا والتي يدعو قداسة البابا فيها هذا الشهر للصلاة لكي نتعلّم، أكثر فأكثر، أن نميّز، وأن نعرف كيف نختار دروب الحياة، وأن نرفض كلّ ما يُبعِدنا عن المسيح والإنجيل. قال البابا لاوُن الرابع عشر: أيها الروح القدس، يا نور عقلنا، أيها النَفَس والعذوبة في قراراتنا، امنحني النعمة لأن أصغي بانتباه إلى صوتك، لكي أميّز الممرّات الخفيّة في قلبي، وأتمكن من أن أفهم ما هو مهم حقًا لك، وأحرّر قلبي من عذاباته. أطلب منك نعمة أن أتعلم كيف أتوقّف، لكي أتنبّه لأسلوبي في التصرف، والمشاعر التي تسكنني، والأفكار التي تجتاحني والتي غالبًا ما لا أتنبه لها. أرغب أن تقودني اختياراتي إلى فرح الإنجيل. حتى وإن اضطُررت لأن أعبر لحظات من الشكّ والتعب، حتى وإن اضطررت للنضال، والتفكير، والبحث، والبدء من جديد… لأن تعزيتك، في نهاية الطريق، هي ثمرة القرار الصائب. امنحني أن أعرف بشكل أعمق ما هو الشيء الذي يُحرّكني، لكي أرفض ما يُبعدني عن المسيح، ولكي أحبه وأخدمه أكثر كل يوم. آمين.
يتردّد في رسالة الفيديو للبابا لاوُن الرابع عشر لنيته للصلاة لشهر تموز يوليو ٢٠٢٥، صدى الصلاة الشهيرة للقديس أوغسطينوس في الاعترافات: "يا إلهي، إجعلني أعرف نفسي، وأعرفك". يُمكننا أن نقول باختصار إن المعرفة الحقيقية للذات، بحسب القديس أوغسطينوس، تقود إلى معرفة الله: فالتمييز يتطلّب الوقوف في الحقيقة أمام الله، والدخول إلى أعماق الذات، والاعتراف بالضعف، وطلب الشفاء من الرب. ومن هذا الانفتاح الداخلي، تنبع العلاقة الأصيلة مع الله. إنَّ التمييز كان حاضرًا منذ بدايات تاريخ الكنيسة. ويكتب القديس بولس عن هذا الموضوع في رسائله عدة مرات، كما في رسالته إلى أهل روما: "تحوَّلوا بتجدد عقولكم لتتبينوا ما هي مشيئة الله، أي ما هو صالح وما هو مرضي وما هو كامل".
غير أنّ فنّ التمييز القديم، في يومنا هذا، قد أضحى ربما أشدّ ضرورةً من أيّ وقت مضى. فسرعة التحوّلات التي تتعاقب في حياتنا، وغزارة المعلومات المتوفّرة – والتي لا تكون دائمًا صحيحة – فضلًا عن الواقع الزائف الذي تخلقه تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتعقيد التحديات العالمية، وسائر العوامل الأخرى، تجعل من التمييز قدرةً جوهرية لا غنى عنها لاتخاذ قرارات حكيمة، تمكّننا من عيش حياة صالحة، وتقرّبنا من الله. وفي هذا السياق، يوضح الأب كريستوبال فونيس اليسوعي، المدير الدولي لشبكة الصلاة العالمية للبابا، أنّ "التنشئة على التمييز هي أمر أساسي للإبحار في عالم معقّد. وهي تمرّ عبر الصلاة، والتأمّل الشخصي، ودرس الكتاب المقدس، والمرافقة الروحية. لكن ما هو أهم من ذلك كلّه هو تنمية علاقة عميقة مع يسوع، لأنّنا بهذه الطريقة فقط يمكننا أن نتعرّف على صوته وسط ضوضاء هذا العالم، وأن نكسب الوعي الضروري لاتخاذ قرارات تنبع من غاية أسمى وأفق أكثر إنسانيّة".
ويضيف الأب فونيس أنّ للتمييز بُعدًا جماعيًّا أيضًا: "أن نتعلّم التمييز سويًا، من خلال الإصغاء إلى خبرات الآخرين وآرائهم، يغني مسيرتنا في التمييز، ويساعدنا على اكتشاف عمل الروح القدس في حياة الجماعة". والتمييز ضروريّ كذلك من أجل سعادتنا، يتابع الأب فونيس: "فالثقافة المعاصرة تقدّم السعادة على أنّها غاية، وتميل إلى مساواتها بالراحة أو الرفاه. أمّا بالنسبة للقديس إغناطيوس دي لويولا – الذي يحتل التمييز الروحي مكانة محوريّة في روحانيّته – فالسعادة ليست هدفًا، بل ثمرة لمسيرة: لقد خُلقنا لكي نخرج من ذواتنا، ونتعلّم أن نحب، ونعطي ذواتنا، ونخدم الآخرين، ونتّحد بالله. ومن خلال هذه المسيرة – مسيرة يسوع، مسيرة القلب، والتي تتعارض بلا شكّ مع ثقافة الأنانيّة والمنفعة المسيطرة – نبلغ السعادة". ويقدّم لنا القديس إغناطيوس قواعد للتمييز تساعدنا على الشعور بما يجري في أعماقنا، وفهم الحركات الداخلية ومشاعر النفس، لكي نختار ما يُساعدنا لكي نُحِبَّ ونُحَب، ونرفض كل ما يُعيق ذلك. إنَّ التمييز الروحي يعلّمنا كيف نمارس حريتنا بوجه أفضل.