
دعوات لإدراج دير سانت كاترين ضمن المواقع المهددة بالخطر.. منظمة مراقبة التراث تطالب بتدخل اليونسكو ومشروع قانون يوناني لحماية الدير
محرر الأقباط متحدون
السبت ١٢ يوليو ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
أثارت منظمة "مراقبة التراث العالمي" (World Heritage Watch) قلقًا دوليًا واسعًا بشأن ما وصفته بالخطر الداهم الذي يهدّد دير القديسة كاترين في جبل سيناء، أحد أقدس وأعرق المواقع الدينية والثقافية في العالم.
ففي رسالة مفتوحة وجّهتها المنظمة إلى لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو، طالبت بإدراج موقع الدير ضمن قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر، محذّرة من تأثير مشروعات التنمية السياحية الضخمة الجارية في المنطقة، والتي وصفتها بأنها "تحوّل المشهد المقدّس إلى مركز تجاري سياحي"، في ظلّ استمرار تقاعس الحكومة المصرية عن الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية التراث العالمي.
وأكدت المنظمة، في تقارير موسعة مدعّمة بوثائق فوتوغرافية، أن مصر لم تلتزم بأيّ من المطالب السابقة الصادرة عن اليونسكو، خاصة تلك التي نصّت على وقف جميع الأنشطة في الموقع لحين تقييم آثارها رسميًا، مشدّدة على أنّ "الأضرار الجسيمة التي لحقت بالقيم العالمية الاستثنائية للموقع لم تعد تحتمل التجاهل، ويستدعي الأمر تحركًا عاجلًا وحاسمًا".
وفي تصريح لافت، قال رئيس منظمة "مراقبة التراث العالمي"، شتيفان دومبكه، الذي أعدّ الرسالة بمشاركة خبراء ميدانيين لديهم خبرة طويلة في الموقع:
> "واصلت مصر تقديم معلومات مضلّلة أو متناقضة أو غير مكتملة لليونسكو. وحان الوقت لتكون اليونسكو واضحة وصريحة بأنها على وشك أن تفقد صبرها. إن عزلة المنطقة وسكينتها – وهما من القيم الأساسية للموقع – يجب الحفاظ عليهما تحت كل الظروف، من أجل صون قداسة المكان وتمكين الرهبان من العيش في خلوة روحية حقيقية".
انتقادات حادة لترشيح وزير مصري سابق لرئاسة اليونسكو
وفي سياق متصل، عبّرت المنظمة عن دهشتها الشديدة إزاء ترشيح الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري الأسبق، لمنصب المدير العام لليونسكو، واعتبرت هذا الترشيح "مفارقة صارخة"، إذ قالت إن من "المقلق أن تُشرف اليونسكو على اتفاقية التراث العالمي من خلال شخصية تمثل دولة أخلّت مرارًا بتلك الاتفاقية – وليس فقط في سانت كاترين"، مضيفة أن ذلك "يمثل تضاربًا خطيرًا في المصالح".
مطالب واضحة في قرارات لجنة التراث العالمي المرتقبة
وطالبت منظمة "مراقبة التراث العالمي" بأن تتضمّن القرارات المرتقبة للجنة التراث العالمي في دورتها السنوية هذا الأسبوع البنود التالية:
1. تأكيد اعتراف اليونسكو بحقوق ملكية الأرثوذكسية اليونانية'> الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية على دير سانت كاترين وجميع ممتلكاته.
2. الإقرار بالمعلومات الواردة من مصادر مستقلة بشأن المخاطر المؤثرة على القيم العالمية للموقع، بما في ذلك مشروعات التنمية، والنقل، والعوامل الاجتماعية والقانونية والمؤسسية.
3. إيفاد بعثة رصد تفاعلي مشتركة بين اليونسكو والمجلس الدولي للمعالم والمواقع (ICOMOS) إلى الموقع خلال ثلاثة أشهر من انتهاء الاجتماع.
4. النظر في إدراج الموقع ضمن قائمة المواقع المعرضة للخطر في حال عدم تنفيذ البعثة خلال المهلة المحددة.
مشروع قانون يوناني يعيد الاعتبار لدير سيناء داخل الجمهورية اليونانية
وفي تطوّر قانوني لافت، تمّ مؤخرًا تقديم مشروع قانون جديد من قبل وزارة التربية والتعليم والشؤون الدينية والرياضة في الجمهورية اليونانية، يتضمّن أحكامًا جوهرية تمسّ صميم التقاليد الأرثوذكسية، وحرية الدين، وضمان أمن المؤسسات الأكاديمية.
ومن أبرز بنوده، استحداث كيان قانوني عام يُدعى: "الدير الملكي المقدس الأرثوذكسي اليوناني المستقل في جبل سيناء المقدّس، الموطئ لقدمي الله، داخل اليونان"، وهو ما اعتبرته الأوساط الكنسية خطوة فاصلة لمعالجة إشكالية قانونية قديمة، تعزّز حضور الأرثوذكسية في الشرق، وتحمي تراثها التاريخي والديني.
كما يشمل مشروع القانون تنظيمًا واسعًا للتشريعات الدينية، ودعمًا للأكاديميات الكنسية العليا، وحماية لأماكن العبادة، وتعزيزًا للسلامة والأمن داخل مؤسسات التعليم العالي، بما يضمن الحرية الأكاديمية والتصدّي للعنف، وبناء بيئة تعليمية قائمة على الجدارة والنزاهة المؤسسية.
وصرّحت وزارة التربية والتعليم بأن هذا الإطار التشريعي الجديد:
> "يجمع بين احترام التقاليد الدينية، وتعزيز التعليم الكنسي، وصون الحقوق الفردية لكافة الجماعات الدينية، ومعالجة المشكلات البنيوية في مؤسسات التعليم العالي – من أجل بناء إطار يعزز التعايش والنظام والحرية".
زيارة تضامن رفيعة المستوى من رئيس الوزراء اليوناني الأسبق لدير سيناء:
وفي مشهد يعكس التضامن والدعم المتواصل للدير من قبل الدولة اليونانية، عقد رئيس الوزراء اليوناني الأسبق، السيد جورج أ. باباندريو، لقاءً رسميًا مع رئيس أساقفة سيناء، نيافة المطران داميانوس، يوم الثلاثاء 8 يوليو 2025.
جرى اللقاء في أجواء من الاحترام العميق والتقدير المتبادل، حيث نوقشت القضايا المرتبطة بالأهمية الروحية والتاريخية والثقافية لدير القديسة كاترين في جبل سيناء، وأُعطي اهتمام خاص للدور الذي يؤديه الدير كأحد رموز الأرثوذكسية العالمية، وكجسر حوار بين الأديان والثقافات.
وقد عبّر السيد باباندريو عن تقديره العميق لرسالة الدير، مشدّدًا على ضرورة الحفاظ على ملكية الدير لمبانيه وممتلكاته ذات الطابع الروحي والحيوي لبقائه، وعلى حماية الإرث الثقافي والديني في ظلّ ما يشهده العالم من اضطرابات.
واختُتم اللقاء بتأكيد الطرفين على أهمية استمرار قنوات التواصل والدعم على المستويين الوطني والدولي، لحماية هذه القيمة الروحية الفريدة وإبراز مكانتها العالمية.
وفي حين تتزايد الأصوات الدولية المطالِبة باتخاذ موقف حاسم تجاه ما يجري في منطقة دير القديسة كاترين، في الوقت الذي تتقاطع فيه الاعتبارات الدينية والثقافية والبيئية والسياسية.
ومع اقتراب انعقاد اجتماع لجنة التراث العالمي، يبقى العالم مترقّبًا لموقف اليونسكو من نداءات الكنيسة، والمجتمع المدني، والمؤسسات الثقافية الدولية، دفاعًا عن هذا الصرح الروحي الفريد في قلب سيناء.