
المهرجان السنوي لكنيسة العذراء بشيكاغو: ترسيخ التراث القبطي والوطني في قلب أمريكا
ماهر الجاولي
الأحد ٢٠ يوليو ٢٠٢٥
ماهر الجاولي – الأقباط متحدون – شيكاغو
برهن أقباط مصر على أن الانتماء لا تحدّه المسافات، وأن الهوية لا تنطفئ ما دامت تُحمل في القلوب. فأينما ارتحل المصريون، حملوا تراثهم الوطني والديني معهم، ونقلوه للأجيال الجديدة التي وُلدت في أرض المهجر.
وقد تجسّد هذا المعنى في أبهي صوره في مهرجان Egypt Fest السنوي، الذي تنظّمه سنوياً كنيسة العذراء في شيكاغو، والذي تحوّل إلى أيقونة ثقافية تعبّر عن روعة التراث المصري القبطي أمام المجتمع الأمريكي.
لم يكن المهرجان مجرد احتفال، بل لوحة متكاملة من الانتماء والتطوّع والعطاء الجماعي.
من داخل أروقة الكنيسة، قاد شبابها جولات تعريفية لزوار المهرجان من العرب والأمريكيين، عارضين تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بلغة المجتمع الجديد.
كما عرضت مكتبة الكنيسة كتبًا ومراجع باللغة الإنجليزية، إلى جانب أوراق بردي تحمل رموزًا قبطية وفرعونية، تُجسد حضارة عريقة ضاربة في الجذور.
وفي فناء الكنيسة، امتزجت روائح الطعام المصري بألوان الفرح. امتدت طاولات الكفتة والمحشي والمكرونة بالبشاميل، تليها أطباق البسبوسة والكنافة وأم علي. كان الطعم مصريًا خالصًا، والدفء إنسانيًا شاملًا.
في مشهد من التداخل الثقافي المبهج، اصطفّت السيدات الأمريكيات لنقش الحناء، بينما انطلق الأطفال في ألعابهم، من الجمل الميكانيكي إلى تسلق الجدران والرسم على الوجوه، لترتسم الفرحة على وجوه الجميع، صغارًا وكبارًا.
وقد أشرف على المهرجان ملاك الكنيسة: أبونا القمص يوحنا نصيف وأبونا دافيد حنا، بينما تولّى جون شلبي التنسيق الإداري والفني، في حين تطوّع جميع شباب الكنيسة بتفانٍ والتزامٍ يكشفان عن ارتباطهم الوثيق بكنيستهم.
ولم يغب عن المهرجان تمثيل الوطن الأم مصر، حيث شاركت الفرحة سعادة السفيرة السيدة ندى دراز، قنصل مصر العام في شيكاغو، وجالت في أنحاء المكان تشجع المتطوعين من شباب الكنيسة، وتصافح الحضور في ابتسامة عريضة وبشاشة فريدة لاقت استحسان الجميع.
وفي تصريح خاص لـ”الأقباط متحدون”، عبّرت سعادة السفيرة عن إعجابها بالتنظيم وروح الانتماء، وأثنت على الشباب الذين جسّدوا صورة حضارية مشرفة لمصر في قلب الغرب.
كما حضرت السيدة لورا سانوكيا، عمدة مدينة Rolling Meadows, IL، حيث تقع الكنيسة إداريًا وجغرافيًا، وأشادت بالكنيسة وشعبها، واعتبرتها من أبرز معالم المدينة، خصوصًا لما تتمتع به من عمارة فنية فريدة، تتجلى في صورة السيدة العذراء على واجهة الكنيسة، التي يسترشد بها المارة على الطريق السريع للمدينة.
وهكذا سطّرت كنيسة العذراء بشيكاغو، شعبًا ورعيةً، درسًا في الاحتفاء بالهوية المصرية والقبطية، وأثبت احتفالها السنوي أن مصر لا تُغادرهم، وأن تراثهم ليس مجرد ذكرى، بل رسالة حيّة يحملونها إلى أبنائهم من الجيل الثاني والثالث، وإلى مجتمعاتهم الجديدة.






