
مكالمة تحوّلت إلى صلاة: تأملات باولو روفيني في لفتات البابا لاوُن
محرر الأقباط متحدون
الثلاثاء ٢٢ يوليو ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
تأمُّل في كلمات ولفتات البابا في الأيام الأخيرة، هذا هو محور مقال لعميد دائرة الاتصالات الفاتيكانية باولو روفيني. وهذا ما كتب:
باولو روفيني
المكالمة الهاتفية مع باز ألدرين، ثاني شخص يضع قدميه على القمر ٥٦ سنة ويرى بعينيه الأرض من هناك.
الكمات التي نطق بها البابا لاوُن الرابع عشر حول سر الخليقة وعظمتها وهشاشتها وذلك بعد أن تأمل هو أيضا في السماء من خلال التلسكوب.
نداء البابا الصادق، عقب هجوم الجيش الإسرائيلي على رعية العائلة المقدسة في غزة، من أجل إنهاء همجية الحرب والسعي إلى حل سلمي للنزاع، احترام القانون الإنساني وواجب حماية المدنيين، منع المعاقبة الجماعية والاستخدام العشوائي للقوة والتهجير القسري للسكان. اختيار النطق بأسماء ضحايا الهجوم الثلاث على الكنيسة واحدا واحدا، لا لأنهم مسيحيون بل للتأكيد على أن كل حياة هي مقدسة وأيضا كل مكان عبادة، من أجل منح اسم لجميع الضحايا الأبرياء لمجزرة بلا معنى تتواصل. ضحايا لكل منهم اسم ولقب وتاريخ حيثما تسجَّل فقط الأرقام يوما بعد يوم.
إنها لحظات تختلف فيما بينها، وكأنها لوحات، قريبة في الزمن لكنها مختلفة. لحظات تقول لنا الشيء ذاته حول معنى السلام ولا معنى الحرب. لحظات تصف بشكل دقيق كيف يمكن للاتصالات، التي تتألف من لفتات وصور وكلمات، أن تكون في الوقت ذاته منزوعة السلاح ونازعة له.
لقد تحولت المكالمة الهاتفية مع باز ألدرين في لحظة إلى صلاة من خلال كلمات المزمور ٨ التي تُحدثنا عن الرب وعظمة أعماله، عن السماء والقمر والنجوم وعن الإنسان بصغره وكبره. نقطة صغيرة حتى أنها لا تُرى من القمر ولكن "على صُنع يديك وليتَه، وكل شيء تحت قدميه جعلتَه".
من أجل ماذا؟
تكفي كلمات قليلة، وصور قليلة، لوضع كل واحد أمام مسؤوليته، عما قيل وما لم يتم قوله، عما تم فعله وما لم يُفعل. لإفهام أنه يكفي القليل للتوقف والبدء من جديد. لإدراك أنه لا يمكن لأحد أن يعتقد أن الحقيقة التي يؤمن بها أو المعاناة التي تعرض لها هي مطلقة لدرجة أنها تمنح شرعية لتدمير حياة بشرية بريئة. فانتهاك كرامة الكائن البشري هو في النهاية إهانة لله والذي الإنسان هو على صورته، هو إنكار التاريخ الذي الجميع هم أبناؤه، تخريب روعة الخليقة التي هي بيتنا المشترك.
في فيلم Gravity الحاصل على جائزة الأوسكار سنة ٢٠١٣ ينظر رائدا الفضاء، بطلا الفيلم، بإعجاب إلى الأرض من السماء ويسأل أحدهما الآخر أين يسكن. إنه تعبير قوي، فقد كُتب في مقدمة إنجيل يوحنا أن الكلمة صار بشر فسكن بيننا. إن كوكبنا الصغير هذا الذي تمزقه الحروب غني بوعد، وعد هو في فعل الخليقة ذاته، أن الله ذاته قد قرر أن يسكنه فيفديه. ولهذا فإن الحروب التي تمزقه لن تكون لها الغلبة في النهاية.