الأقباط متحدون - البابا لاوُن : لتعضدنا العذراء مريم كي نصبح جميعًا معاونين في ملكوت المسيح
  • ١٠:٠٤
  • الأحد , ٥ اكتوبر ٢٠٢٥
English version

البابا لاوُن : لتعضدنا العذراء مريم كي نصبح جميعًا معاونين في ملكوت المسيح

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٥٨: ٠٢ م +03:00 EEST

الأحد ٥ اكتوبر ٢٠٢٥

البابا لاوُن
البابا لاوُن
محرر الأقباط متحدون
"اليوم تنفتح في تاريخ الكنيسة مرحلة إرسالية جديدة. فإذا كنا في الماضي نربط الرسالة بـ"الانطلاق"، أي بالذهاب إلى أراضٍ بعيدة لم تعرف الإنجيل أو تعيش في فقر مدقع، فإن حدود الرسالة اليوم لم تعد جغرافية، لأن الفقر والألم والرغبة في رجاء أكبر هي التي تأتي نحونا" هذا ما قاله قداسة البابا لاوُن الرابع عشر في عظته مترئسًا القداس الإلهي بمناسبة الاحتفال بيوبيل العالم الإرسالي ويوبيل المهاجرين
 
بمناسبة الاحتفال بيوبيل العالم الإرسالي ويوبيل المهاجرين ترأس قداسة البابا لاوُن الرابع عشر صباح الأحد القداس الإلهي في ساحة القديس القديس بطرس وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة قال فيها. أفكر بشكل خاص في الإخوة المهاجرين الذين اضطروا إلى ترك أرضهم، وغالبًا ما يتركون أحبّاءهم، ويعبرون ليالي الخوف والوحدة، ويختبرون التمييز والعنف.
 
تابع الأب الأقدس يقول نحن هنا لأنّه يجب على كل واحد منا، عند قبر الرسول بطرس، أن يتمكن من أن يقول بفرح: “إن الكنيسة بأسرها هي إرسالية”، ومن الملحّ – كما قال البابا فرنسيس – أن "تخرج لكي تعلن الإنجيل للجميع، في كل مكان، وفي كل مناسبة، بدون تردّد، وبدون نفور، وبدون خوف". إن الروح يرسلنا لكي نواصل عمل المسيح في ضواحي العالم، تلك التي يطبعها أحيانًا الحرب والظلم والألم. وأمام هذه المشاهد المظلمة، ترتفع مجدّدًا الصرخة التي ارتفعت كثيرًا في التاريخ نحو الله: لماذا، يا ربّ، لا تتدخّل؟ لماذا تبدو غائبًا؟ إن صرخة الألم هذه هي شكل من أشكال الصلاة التي تملأ الكتاب المقدّس كله، وقد سمعناها هذا الصباح من النبي حبقوق: "إلى متى يا رب أستغيثُ ولا تسمع؟ … لماذا تريني الإثم وتجعلني أنظر إلى الخطيئة؟".
 
أضاف الحبر الأعظم يقول إنّ البابا بندكتس السادس عشر، الذي واجه هذه التساؤلات خلال زيارته التاريخية إلى أوشفيتز، عاد إلى هذا الموضوع في تعليم له قائلاً: "إنّ الله يصمت، وهذا الصمت يمزّق نفس المصلّي الذي لا يكفّ عن الدعاء بدون أن يجد جوابًا… إنّ الله يبدو بعيدًا جدًا، ومنسيًّا جدًّا، وغائبًا جدًّا". لكن جواب الربّ يفتحنا على الرجاء. فبينما يدين النبي قوّة الشرّ التي تبدو غالبة، يعلن الربّ له أن لهذا الشرّ نهاية، وأن الخلاص سيأتي ولن يتأخّر: "ها إِنَّ نَفسَهُ فيهِ مُنتَفِخَة، غَيرُ مُستَقيمَة. أَمّا ٱلبّارّ، فَبِإيمانِهِ يَحيا".
 
تابع الأب الأقدس يقول إذًا هناك حياة جديدة وفرصة خلاص تنبع من الإيمان، لأنه لا يساعدنا فقط على مقاومة الشرّ بالثبات على الخير، بل يبدّل حياتنا لتصبح أداة للخلاص الذي يريد الله أن يتمّه اليوم أيضًا في العالم. وكما يقول يسوع في الإنجيل، إنها قوّة وديعة:
 
أضاف الحبر الأعظم يقول إنه خلاص يتحقّق عندما نلتزم شخصيًا ونعتني، بشفقة الإنجيل، بألم القريب؛ إنه خلاص يشقّ طريقه، بصمت وبأسلوب يبدو في الظاهر غير فعّال، في كلمات وأفعال يومية تصبح مثل الحبّة الصغيرة التي يتحدث عنها يسوع؛ إنه خلاص ينمو ببطء عندما نصبح "خدامًا لا نفع لهم"، أي حين نضع أنفسنا في خدمة الإنجيل والإخوة بدون أن نبحث عن مصالحنا، وإنما فقط لكي نحمل إلى العالم محبّة الربّ.
 
تابع الأب الأقدس يقول بهذه الثقة، نحن مدعوّون لكي نجدد نار الدعوة الإرسالية فينا. كما قال القديس بولس السادس: "علينا أن نعلن الإنجيل في هذه المرحلة الفريدة من تاريخ البشرية، زمن لم يسبق له مثيل، إذ تُرافق إنجازاته المذهلة في التقدّم هاويات من الحيرة واليأس لا مثيل لها أيضًا". أيها الإخوة والأخوات، اليوم تنفتح في تاريخ الكنيسة مرحلة إرسالية جديدة. فإذا كنا في الماضي نربط الرسالة بـ"الانطلاق"، أي بالذهاب إلى أراضٍ بعيدة لم تعرف الإنجيل أو تعيش في فقر مدقع، فإن حدود الرسالة اليوم لم تعد جغرافية، لأن الفقر والألم والرغبة في رجاء أكبر هي التي تأتي نحونا. ويشهد على ذلك العديد من إخوتنا المهاجرين، ومأساة هروبهم من العنف، والألم الذي يرافقها والخوف من الفشل، وخطر الرحلات البحرية المميتة، وصراخهم المملوء ألمًا ويأسًا: أيها الإخوة والأخوات، تلك القوارب التي تبحث عن ميناء آمن ترسو فيه، وتلك العيون المليئة بالقلق والرجاء التي تبحث عن أرض صلبة تصل إليها، لا يمكنها ولا يجب عليها أن تُواجه ببرود اللامبالاة أو بوصمة التمييز!
 
أضاف الحبر الأعظم يقول فلا يتعلّق الأمر إذًا بالانطلاق والذهاب، وإنما بأن “نبقى” لكي نعلن المسيح من خلال الاستقبال، والشفقة، والتضامن: أن نبقى بدون أن نهرب إلى راحة فرديّتنا، أن نبقى لكي ننظر في وجوه القادمين من أراضٍ بعيدة ومعذّبة، أن نبقى لكي نفتح لهم الأذرع والقلوب، ونستقبلهم كإخوة، ونكون لهم حضورًا يحمل التعزية والرجاء. كثيرون هم المرسلات والمرسلون وإنما أيضًا المؤمنون وأصحاب النوايا الحسنة، الذين يعملون في خدمة المهاجرين، ويسعون إلى تعزيز ثقافة جديدة للأخوّة في قضايا الهجرة، تتجاوز الصور النمطية والأحكام المسبقة. لكن هذه الخدمة الثمينة تُسائل كل واحد منا شخصيًا في حدود إمكاناته: لقد حان الوقت – كما قال البابا فرنسيس – لكي نصبح جميعًا في "حالة دائمة من الرسالة". وهذا كلّه يتطلّب التزامين إرساليين كبيرين على الأقل: التعاون الإرسالي والدعوة الإرسالية.
 
تابع الأب الأقدس يقول أولاً، أطلب منكم أن تعززوا تعاونًا إرساليًا متجدّدًا بين الكنائس. ففي الجماعات ذات التقليد المسيحي العريق، كالغربية منها، يجب أن يُعتبر حضور إخوتنا وأخواتنا القادمين من الجنوب فرصة للتبادل الذي يجدّد وجه الكنيسة ويُنعش فيها مسيحية أكثر انفتاحًا وحيوية وديناميكية. وفي الوقت عينه، كل مرسل ينطلق نحو أرض أخرى هو مدعوّ لأن يسكن ثقافات الشعوب التي يلتقيها باحترام مقدّس، فيوجّه نحو الخير كل ما يجده فيها من نبيل وصالح، ويزرع فيها نبوءة الإنجيل.
 
أضاف الحبر الأعظم يقول وأودّ أيضًا أن أذكّر بجمال وأهمية الدعوات الإرسالية. أتوجّه بخاصة إلى الكنيسة في أوروبا: نحن بحاجة اليوم إلى دفع إرسالي جديد، إلى علمانيين ورهبان وكهنة يقدّمون خدمتهم في أراضي الرسالات، إلى مبادرات وخبرات جديدة في مجال الدعوات قادرة على إيقاظ هذا التوق، خاصة لدى الشباب.
 
تابع الأب الأقدس يقول أيها الأعزاء، أبعث بمودة بركتي إلى الإكليروس المحلي في الكنائس الخاصة، وإلى المرسلين والمرسلات، وإلى جميع الذين من هم في مسيرة تمييز للدعوة. وأقول للمهاجرين: أنتم مرحَّب بكم على الدوام! إن البحار والصحاري التي عبرتموها هي في الكتاب المقدّس "أماكن الخلاص" التي حضر فيها الله لكي يخلِّص شعبه. أتمنى أن تجدوا وجه الله هذا في المرسلات والمرسلين الذين ستلتقون بهم.
وختم البابا لاوُن الرابع عشر عظته بالقول أوكل الجميع إلى شفاعة العذراء مريم، أول مرسلة لابنها، التي سارعت نحو جبال اليهودية حاملة يسوع في حشاها، ووضعت نفسها في خدمة أليصابات. لتعضدنا، لكي نصبح جميعًا معاونين في ملكوت المسيح، ملكوت المحبّة والعدالة والسلام.