
(سلام المهانة… حين ينتصر الجميع ولا ينتصر أحد)
شريف منصور
الأحد ١٢ اكتوبر ٢٠٢٥
م. شريف منصور
اتفاق ما يُسمى بالسلام بين إسرائيل والإرهابيين في غزة يجعلنا نتساءل: لماذا احتجنا كل هذه السنوات لنصل إلى نتيجة كان يمكن أن تتحقق في يومين؟ بعد أنهار من الدماء والدمار، وبعد أن أعلن كل طرفٍ النصر، نجد أنفسنا أمام ذات النقطة التي بدأنا منها.
التحليلات السياسية، من أي جانب نظرت إليها، تبدو ضبابية. كل طرف يدّعي أنه انتصر، وكل طرف يزعم أنه حقّق أفضل ما يمكن تحقيقه، لكن الحقيقة أن الكل خاسر — والإنسان هو الضحية الوحيدة.
⸻
عبثية الحرب: من البداية إلى النهاية
كيف بدأت الحرب؟ ومن المستفيد؟
إسرائيل تقتل لتبرر وجودها الأمني، وحماس تضحّي بالمدنيين لتبرر وجودها السياسي.
حربٌ بلا منطق، ودماءٌ بلا معنى، وقيادات تحكم على شعوبها بالعذاب كي تضمن لنفسها البقاء.
وحين أعلنت حماس أنها لا تستطيع حماية المختطفين، كان السؤال الأشد مرارة: إذاً لماذا اختطفتهم من البداية؟
هل كانت المسألة مقاومةً حقًا، أم صفقةً دموية بدماء الأبرياء؟
⸻
المتهمون جميعًا… في مسرح السلام
ما يثير الدهشة أن الجميع يوجّه أصبع الاتهام إلى الآخر، بينما هم جميعًا متهمون.
لو كان هناك كيانٌ قانوني دولي حقيقي مستقلّ، لاعتُقل رؤساء وقيادات من هذه الدول والمنظمات بلا استثناء.
فالجريمة واحدة، وإن اختلفت الرايات.
ما يدور خلف الكواليس أشد خطورة من ساحات الحرب؛ فهؤلاء الذين يشعلون موقد النعرة الدينية الإسلامية، يتخفّون خلف عمائمهم وأروقتهم، يحرضون باسم الله، ثم يغسلون أيديهم من الدم أمام الكاميرات باسم “السلام”.
⸻
المسرح الدولي: الكل يمثل دوره
حين اجتمعت قطر ومصر وتركيا لإنهاء هذه الحرب العبثية، لم يكن ذلك حبًا في السلام، بل حفاظًا على مصالحها السياسية والاقتصادية.
لكن الحرب لم تتوقف إلا بعد أن قال دونالد ترامب كلمته الشهيرة:
“اتفقوا… أو سأخربها عليكم جميعًا.”
هكذا يُدار العالم اليوم — لا بلغة المبادئ، بل بلغة القوة والابتزاز.
⸻
المنظمات الغائبة: أسماء بلا دور
هل للأمم المتحدة سبب للبقاء؟
هل لجامعة الدول العربية مبرر للوجود؟
هل لمشيخة الأزهر أو غيرها من المؤسسات الدينية أي تأثير سوى التصريحات الخشبية؟
كأن العالم كله يعيش على رماد مجدٍ قديم، بينما تشتعل الحرائق في كل مكان.
تحوّلت هذه المؤسسات إلى شهود زورٍ في زمنٍ يُذبح فيه الإنسان باسم الإيمان.
⸻
خاتمة: حين يصبح السلام هدنة خوف
ما جرى ليس سلامًا، بل هدنة خوفٍ مؤقتة، وتبادل مصالح على حساب الحقيقة والكرامة.
سلامٌ لا يردّ الحق لأهله، ولا يكرّم الإنسان، ليس سلامًا بل فشلًا مؤجلًا.
ربما آن الأوان أن نسأل بصراحة:
من الذي يحكم هذا العالم؟
القادة… أم التجار؟
ومن الذي يشعل الحروب؟
السياسيون… أم رجال الدين الذين يختبئون خلف قداسةٍ زائفة؟
لقد تعب العالم من الكذب باسم السلام، كما تعب الشرق من القتل باسم الله.
السلام تورته جميله الشكل والطعم لا تستطيعوا ان تأكلوها وتحتفظوا بها في نفس الوقت .