الأقباط متحدون - الكاردينال كورت كوخ: «وحدة المسيحيين ليست خيارًا بشريًا… بل إرادة الرب»
  • ٠٨:٢٧
  • الاربعاء , ١٥ اكتوبر ٢٠٢٥
English version

الكاردينال كورت كوخ: «وحدة المسيحيين ليست خيارًا بشريًا… بل إرادة الرب»

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٤٤: ١٢ م +03:00 EEST

الاربعاء ١٥ اكتوبر ٢٠٢٥

الكاردينال كورت كوخ
الكاردينال كورت كوخ

رئيس دائرة تعزيز وحدة المسيحيين في الفاتيكان يتحدث عن الإنجازات والعقبات ورؤية قداسة البابا لاون الرابع عشر

محرر الأقباط متحدون
 في حوار مطوّل أجرته الصحفية ياسمين لوبرت لموقع katholisch.de، تحدّث صاحب النيافة الكاردينال كورت كوخ، رئيس دائرة تعزيز وحدة المسيحيين في الفاتيكان، عن مسيرة الحوار المسكوني التي يقودها منذ خمسة عشر عامًا، متناولًا التقدّم الذي تحقق والعقبات التي لا تزال قائمة، ومؤكدًا أن «وحدة المسيحيين ليست خيارًا من صنع البشر، بل مشيئة إلهية لا بديل عنها».

قال الكاردينال كوخ، الذي يرأس الدائرة منذ عام 2010، إن هدف العمل المسكوني لا يُقاس بمدى واقعيته البشرية بل بعمقه الروحي، موضحًا:
«السؤال الأهم ليس ما إذا كانت الوحدة ممكنة، بل ما إذا كانت ضرورية، لأنها مشيئة الرب الذي أراد كنيسة واحدة».

واستشهد بقول السيد المسيح في صلاته الكهنوتية العليا (يوحنا 17): «ليكونوا واحدًا كما أننا نحن واحد… لكي يؤمن العالم أنك أنت أرسلتني»، مؤكدًا أن هذه الكلمات تشكّل الأساس اللاهوتي لكل حوار يسعى إلى الوحدة.

 وعن طبيعة العمل اليومي في دائرة تعزيز الوحدة، أوضح نيافته أن مهمتها تتمحور حول ما يُعرف بـ«حوار الحقيقة»، أي الحوار اللاهوتي مع الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية والإصلاحية بشأن القضايا العقائدية التي تسببت في الانقسامات عبر التاريخ.

وأضاف: «نسعى إلى اكتشاف ما يجمعنا والنظر إلى اختلافاتنا بروح مسيحية لا تجعلها مصدر انقسام. لكن لا يمكن أن يكتمل أي حوار لاهوتي بدون حوار المحبة، لأن العلاقات الإنسانية والروحية بين الكنائس شرط أساسي لأي تقدّم حقيقي».

 وحول رؤية قداسة البابا لاون الرابع عشر (Pope Leo XIV) تجاه العمل المسكوني، أكد الكاردينال كوخ أن جميع باباوات الكنيسة الكاثوليكية منذ المجمع الفاتيكاني الثاني امتلكوا قلبًا منفتحًا تجاه الوحدة.

وأشار إلى أن البابا لاون اتخذ عند سيامته الأسقفية شعار القديس أوغسطينوس: «In illo uno unum» أي «في ذاك الواحد نصبح واحدًا»، موضحًا أن هذا الشعار يعكس رؤية مسيحانية تضع المسيح في مركز الوحدة بين المؤمنين.

 واستعرض نيافته ما تحقق من تقدّم، خاصة في الحوار مع الكنائس الأرثوذكسية، مشيرًا إلى اجتماع رافينا عام 2007 الذي أقرّ التوازن بين السينودسية والأولوية البابوية في الحياة الكنسية.

وقال: «انطلاقًا من هذا الفهم أصدرنا العام الماضي وثيقتنا اللاهوتية المهمة "أسقف روما"، التي تبحث كيف يمكن أن تُمارَس خدمة بطرس بطريقة تدعم الوحدة ولا تعيقها. وقد أرسلناها إلى جميع الكنائس وننتظر ردودها الرسمية».

 وتحدث الكاردينال كوخ بصراحة عن الصعوبات، معتبرًا أن «أكبر التحدّيات تكمن في غياب رؤية موحّدة لماهية الوحدة ذاتها».

وأوضح أن الكنيسة الكاثوليكية تنظر إلى المسكونية بوصفها مسألة إيمان قبل كل شيء، ترتكز على وحدة الإيمان الرسولي والمعمودية، في حين ترى بعض الكنائس البروتستانتية أن الاعتراف المتبادل بين الكنائس المختلفة هو بحد ذاته الوحدة.

وقال: «هذه الرؤى المتباينة تحتاج إلى مزيد من الحوار العميق والثقة المتبادلة».

 وفي ما يتعلّق بالجدل الذي أثارته وثيقة Fiducia Supplicans بشأن بركة الأزواج المثليين، أوضح نيافته أن «بعض الكنائس الأرثوذكسية الشرقية رأت صعوبة في مواصلة الحوار بعد صدور الوثيقة»، مضيفًا:

«عقدنا اجتماعًا العام الماضي حول اللاهوت المريمي، لكن الإخوة الأرثوذكس طلبوا مناقشة الوثيقة أولًا. لذا قررنا أن يدرس كل طرف الموقف في نطاقه الخاص، ونحن على ثقة بأن الحوار سيُستأنف العام المقبل».

 وبمناسبة مرور 1700 عام على مجمع نيقية المسكوني الأول (325م)، دعا الكاردينال كوخ جميع الكنائس إلى إحياء الإيمان الذي أعلنه الآباء هناك، قائلاً:
«إن تذكّر إعلان الإيمان بأن يسوع المسيح هو ابن الله، المساوي للآب في الجوهر، يمكن أن يكون خطوة حقيقية نحو تقارب أكبر في الإيمان بين الكنائس».
 ورفض نيافته القول إن الحوار المسكوني لم يحقق نتائج ملموسة، مؤكّدًا أن «الكنائس لم تعد ترى بعضها كخصوم أو مهرطقين، بل كإخوة وأخوات في الإيمان».

وأشار إلى البيان المشترك حول عقيدة التبرير مع الكنيسة اللوثرية عام 1999 في أوجسبورغ بوصفه «إنجازًا تاريخيًا» مهّد للاحتفال المشترك بذكرى الإصلاح عام 2016 في لوند بحضور البابا.

كما أشار إلى الاستعداد لاحتفال كنسي كبير عام 2030 بمناسبة مرور خمسمائة عام على الاعتراف الأوجسبورغي (Augsburger Bekenntnis)، مؤكدًا أنه «لم يكن وثيقة انقسام بل نداءً للوحدة يمكن البناء عليه من جديد».

 وفي ختام حديثه، عبّر الكاردينال كوخ عن أمله في أن «يستعيد جميع المسيحيين الوعي بضرورة المسكونية كجزء جوهري من الإيمان»، مشيرًا إلى أن بلوغ الوحدة يتطلب الغيرة الروحية على الوحدة والصبر الطويل لتحقيقها.

وختم بقوله:
«من دون الغيرة على الوحدة والصبر في السعي إليها، لن نصل إلى الهدف الذي أراده الرب لكنيسته».