
اليسار الليبرالي والإسلام السياسي: تحالف خفي لزعزعة المجتمعات
شريف منصور
السبت ١٨ اكتوبر ٢٠٢٥
بقلم - م. شريف منصور
من يدّعون الدفاع عن العدل والمساواة والديمقراطية، هم في الواقع أعداء المساواة والحرية الحقيقية.
فمن خلال الشعارات البراقة والادعاءات الإنسانية، يعمل هؤلاء على فرض اعتقاداتهم بالقوة على كل من يختلف معهم، مستخدمين أساليب الضغط، والاتهام بالكراهية، والعنصرية، لإسكات أي صوت معارض.
ولم يعد خافيًا على أحد أن هناك تنظيمًا عالميًا متكاملًا يدير المشهد السياسي والفكري والإعلامي في الغرب تحت لافتة “حقوق الإنسان” و“المساواة”.
لكن ما يحدث فعليًا هو تفريغ هذه القيم من مضمونها وتحويلها إلى أدوات لتدمير الأسرة، وإسقاط القيم الدينية، وتحطيم الثوابت الأخلاقية التي قامت عليها الحضارة الغربية.
التظاهرات “شبه السلمية”.. أدوات لهدم الدولة
في السنوات الأخيرة، شهد العالم موجات متتالية من التظاهرات “شبه السلمية” و“الاحتجاجات الغاضبة” ضد مؤسسات الدولة والشرطة والقانون في أمريكا وأوروبا.
الغريب أن هذه التظاهرات تتكرر بنفس الشعارات ونفس الأساليب ونفس التمويل في دول متباعدة جغرافيًا، وكأن هناك غرفة عمليات مركزية تُديرها من خلف الستار.
النتيجة كانت واحدة دائمًا:
إضعاف هيبة الدولة، تشويه صورة رجال الأمن، وخلق انقسام داخلي عميق بين المواطنين، مما يفتح الباب لتسلل التيارات المتطرفة إلى قلب المجتمعات الحرة.
التمويل الخفي: جورج سوروس واليسار الليبرالي
وراء هذه الفوضى يقف جورج سوروس، الملياردير الأمريكي المجري الأصل، الذي تموّل مؤسساته – وعلى رأسها Open Society Foundations – حركات ومبادرات تدّعي الدفاع عن الحريات، لكنها عمليًا تغذي خطاب الكراهية والانقسام داخل المجتمع الغربي.
تُظهر تقارير بحثية أمريكية وأوروبية أن أموال سوروس تُنفق على دعم منظمات الضغط السياسي (Lobby Groups) والمراكز الفكرية، والمشروعات الإعلامية التي تستهدف تفكيك القيم المحافظة، وإضعاف المؤسسات التقليدية مثل الأسرة، الكنيسة، القضاء، والشرطة.
ولأن أجندته تتقاطع مع مصالح التيارات الإسلاموية، فإن هذا التمويل بات يتناغم – بشكل غير معلن – مع التمويل الإسلامي القادم من دول مثل قطر وتركيا.
التمويل الإسلامي.. الوجه الآخر للفوضى
في المقابل، تلعب دول مثل قطر وتركيا دورًا محوريًا في دعم التيارات الإسلامية السياسية التي تتغلغل بذكاء في مؤسسات الغرب، تحت مسميات العمل الخيري والحقوقي.
فمن خلال تمويل المساجد، والمراكز الإسلامية، والمنظمات الحقوقية ذات الطابع السياسي، يتم نشر الفكر الإخواني المتطرف داخل الجامعات، والإعلام، وحتى بعض الأحزاب اليسارية الغربية.
الهدف من كل ذلك واضح:
تطبيع وجود الإسلام السياسي داخل المجتمعات الغربية، وتقديمه كبديل أخلاقي أو ثقافي للمنظومة الغربية نفسها.
وهكذا يلتقي المال الليبرالي المتطرف (سوروس) مع المال الإسلاموي (قطر وتركيا) في مشروع واحد عنوانه: تفكيك المجتمعات المتماسكة، وضرب القيم الدينية والإنسانية الأصيلة.
التحالف الخفي: اليسار الليبرالي والإسلام السياسي
قد يبدو في الظاهر أن اليسار الليبرالي والإسلاميين على طرفي نقيض، لكن في العمق، كلاهما يسعى إلى إلغاء الآخر المختلف.
اليسار يريد هدم الهوية الدينية، والإسلاميون يريدون فرض هوية واحدة.
وفي النهاية، كلاهما يلتقي في العداء للحرية الحقيقية، والكرامة الإنسانية القائمة على الإيمان والاختيار.
الخاتمة: من يدير المشهد؟
عندما تتكرر التظاهرات في العواصم الغربية بنفس الأسلوب ونفس الرسائل، وتجد الدعم الإعلامي والمالي من نفس الجهات، لا يمكن أن تكون “مصادفة”.
إنها حركة عالمية منظّمة تهدف إلى هدم القيم التي قامت عليها الحضارة الإنسانية، لتُنشئ إنسانًا جديدًا بلا هوية، بلا دين، وبلا وطن.
لقد آن الأوان أن يُفتح هذا الملف بجدية، وأن تُطرح الأسئلة بصراحة:
من يمول؟ من يخطط؟ ومن يستفيد؟
فالحرب اليوم ليست بالأسلحة، بل بحرب الأفكار والتمويل والتسلل إلى العقول.
ومن لا يدرك هذا الواقع، سيستيقظ يومًا ليجد أن دولته ومجتمعه قد تغيّرا جذريًا دون إطلاق رصاصة واحدة.