الأقباط متحدون - في مرحلة كنسية دقيقة.. البابا لاون يعيّن رونالد هيكس رئيسًا لأساقفة نيويورك
  • ٠٦:٢٥
  • السبت , ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٥
English version

في مرحلة كنسية دقيقة.. البابا لاون يعيّن رونالد هيكس رئيسًا لأساقفة نيويورك

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٣٦: ٠٢ م +02:00 EET

السبت ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٥

البابا لاون يعيّن رونالد هيكس رئيسًا لأساقفة نيويورك
البابا لاون يعيّن رونالد هيكس رئيسًا لأساقفة نيويورك

محرر الأقباط متحدون
في خطوة كنسية بارزة تحمل أبعادًا رعوية ووطنية عميقة، أعلن قداسة البابا لاون الرابع عشر تعيين سيادة المطران رونالد أ. هيكس، أسقف جولييت في ولاية إلينوي، رئيسًا لأساقفة نيويورك المتروبوليت، خلفًا للكاردينال تيموثي م. دولان، وذلك بعد قبول استقالته الرسمية لبلوغه سن الخامسة والسبعين، وفق ما أفادت به دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي في نشرتها اليومية.

ويأتي هذا التعيين في توقيت بالغ الحساسية، إذ تمرّ أبرشية نيويورك بإحدى أكثر مراحلها تعقيدًا على المستويين الرعوي والإداري، في ظل سعيها لمعالجة ملفات قديمة تتعلّق باعتداءات جنسية تعود إلى عقود مضت. 

وكانت الأبرشية قد أعلنت إطلاق مسار وساطة واسع النطاق، تَضمّن إنشاء صندوق تعويضات بقيمة 300 مليون دولار لصالح نحو 1300 شخص يؤكدون تعرّضهم لانتهاكات على يد كهنة أو موظفين علمانيين تابعين لها.

 وكان الكاردينال دولان قد كشف عن بدء هذا المسار عقب سلسلة لقاءات مكثفة جرت خلال الأسابيع الماضية بين مسؤولي الأبرشية ومحامي الضحايا، بهدف التوصّل إلى تسوية شاملة. 

 وفي رسالة وُجّهت إلى مئات الآلاف من كاثوليك نيويورك، أقرّ دولان بأن هذه الجرائم «ألقت عارًا على الكنيسة»، مجددًا طلب الصفح عن الإخفاق في حماية القاصرين وصون كرامتهم الإنسانية.

ويمثّل عددًا كبيرًا من الضحايا المحامي جيف أندرسون، الذي وصف الخطوات المتخذة بأنها «بداية في الاتجاه الصحيح»، مع تأكيده أن طريق العدالة والشفاء لا يزال طويلًا. ولتأمين قيمة التعويضات، شرعت الأبرشية في تقليص نفقاتها وبيع عدد من ممتلكاتها العقارية، من بينها مقرّها السابق في شارع فيرست أفينيو في نيويورك.

ويتزامن هذا التطور مع إعلان أبرشية نيو أورلينز التوصّل إلى تسوية مالية مماثلة، تقضي بدفع ما لا يقل عن 230 مليون دولار لمئات من الناجين من الاعتداءات، ضمن اتفاق أقرّه القضاء الفيدرالي في ولاية لويزيانا، في مؤشر إلى اتساع نطاق المواجهة القانونية والكنسية لهذه الملفات على مستوى الولايات المتحدة.

وفي بُعدٍ آخر لا يقل أهمية، يُعرف المطران رونالد هيكس بمواقفه الصريحة والمؤيدة لقضايا الهجرة وحقوق المهاجرين. وبحسب شبكة CNN، يُعدّ من أكثر الأساقفة الكاثوليك وضوحًا في هذا الملف، ويأتي تعيينه في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة تشديدًا صارمًا في سياسات الهجرة، ما يُقرأ كإشارة كنسية واضحة إلى التمسّك بالدفاع عن كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.

وكان المطران هيكس قد رحّب، في الشهر الماضي، بانتقاد مؤتمر الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة (USCCB) لسياسات البيت الأبيض تجاه المهاجرين، مؤكدًا أن تلك الرسالة «تعبّر بوضوح وقناعة عن مخاوف الكنيسة واعتراضاتها وآمالها، وتجدّد تضامنها مع جميع الإخوة والأخوات دون استثناء»، داعيًا إلى إصلاح حقيقي وفاعل لسياسات الهجرة.

وتُعدّ رئاسة أبرشية نيويورك موقعًا كنسيًا وطنيًا بالغ الأهمية، إذ جرى العرف على ترقية رؤساء أساقفتها إلى رتبة الكاردينالية، نظرًا للدور البارز الذي يضطلعون به داخل الكنيسة الكاثوليكية وعلى مستوى الحياة العامة في الولايات المتحدة.

وفي ظل هذه المعطيات المتشابكة، يُنتظر من رئيس الأساقفة الجديد أن يقود أبرشية نيويورك بروح رعوية متواضعة وشجاعة، تجمع بين الصدق في مواجهة جراح الماضي، والالتزام بالعدالة والشفافية، والدفاع عن كرامة الإنسان، ولا سيما الفئات الأضعف. وهي مهمة دقيقة، لكنّها تحمل في طياتها رجاءً بأن تبقى الكنيسة، رغم آلامها، مساحةً للحق، وبيتًا للشفاء، وشاهدةً للرجاء في قلب العالم.