CET 00:00:00 - 10/12/2009

مساحة رأي

بقلم: مجدى نجيب وهبة
حذرت مصر كثيراً طوال السنوات الماضية من الإرهاب باعتباره قضية دولية ، وأدارت الدول الكبرى ظهرها لتحذيراتنا وزعمت أن الإرهاب مشكلة داخلية ، وفتحت ذراعيها وأحضانها لإستقبال تلك الفلول الهاربة .. فظهرت خلايا إرهابية فى عاصمة الضباب يتزعمها الإرهابى أبو حمزة المصرى والذى ألقى القبض عليه ومازال محبوسا فى لندن بتهمة الحض على الكراهية لغير المسلمين رغم أنه مواطن يتمتع بالجنسية البريطانية وتصريحات عمر بكير صاحب أكبر مركز تجارى إسلامى فى لندن والذى أعلن أن البريطانيين العاملين فى الجيش والشرطة فى بريطانيا ينقلبون على دولتهم من أجل إعلان الخلافة الإسلامية كما وجه البعض على صفحات بعض الصحف الدعوة إلى ملكة بريطانيا للدخول فى الإسلام – كما إكتوت أمريكا بناره وإكتشفت أن الإرهاب لا يعرف الحدود ولا يفرق بين الدول بل أن شبكاته وهياكله ممتدة عبر عشرات الدول من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ، ويستخدم كل الأسلحة والأدوات من التكنولوجيا إلى الوسائل البدائية من تفجير الطائرات فى الأبراج كأحداث 11 سبتمبر إلى تجارة العسل والفتوى على أشرطة كاسيت .... تجارة العسل للتمويل ... والفتوى على أشرطة كاسيت للتحريض .

إنه الإرهاب الذى هو فكره قبل أن يكون قنبلة .. تحريض قبل أن يكون لغماً ينفجر فى الأجساد فلا فرق بين أحداث فرشوط .. وصيحات الغضب ضد " منع بناء المأذن" وأخطر أنواع التحريض هو ذلك الذى يرفع شعار " الجهاد " ويستخدم صيحات الغضب لإستثارة النفوس .
إن من حق كل إنسان أو تيار سياسى أن يعبر عن رأيه وينقل أفكاره للناس فى ظل الشرعية والقانون للدولة التى يعيش فى كنفها ويحمل جنسيتها ويتم ذلك من خلال الإلتزام بالأسس الديمقراطية وبقواعد وأخلاقيات المجتمع الذى يعيش فيه ... لقد حاول المتطرفون فى سويسرا نشر أفكارهم وأرائهم الهدامة فى محاولة لغزو المجتمع والسيطرة عليه ، والقصة مثلها مثل غيرها من القصص التى تكررت عبر التاريخ ، سيناريوهات متشابهة بشكل لافت للنظر نلاحظها فى رحلة صعود حماس فى فلسطين ، والإخوان المسلمين فى مصر وحزب الله فى لبنان وميليشيات السنة والشيعة فى العراق وطالبان فى أفغانستان والمحاكم الشرعية المقاتلة فى الصومال والسودان فكل هذه السيناريوهات الهدف هو السعى إلى السلطة والثروة عن طريق الوضع القائم بالعنف والقتال أو بالسياسة ، لقد تناسى الجميع أن سويسرا دولة علمانية بمعنى الكلمة فلم يكن نتيجة الإستفتاء على خطر بناء المأزن أى دخل لا للحكومة السويسرية ولا للبرلمان السويسرى ولا أى جهة رسمية سويسرية كانت هى الداعية للإستفتاء . بل لقد أدان القرار الأساقفة السويسريين والفاتيكان نفسه وإعتبره دليلاً على تراجع التسامح فى سويسرا .

لذلك كان يجب على دعاة لطم الخدود وشق الجيوب والصراخ والولولة وإصدار بيانات الشجب والرفض والإدانة ، التحلى بالموضوعية وبالصراحة والقدرة على مكاشفة الذات ، وأن يدرك البعض إلى أن بعض المسلمين يسيئون للإسلام فى أوربا وغيرها أكثر مما يسئ أعتى المتطرفين اليمنيين وأن هؤلاء اليمنيين غالبا ما يستخدمون تصريحات لمتطرفين مسلمين فى الغرب لإقناع الشعوب بوجهة نظرهم فى المسلمين الذين يعيشون فى أروبا وكونهم خطر على قيم التسامح والحضارة والتعددية .. ومثال على ذلك إستخدام السياسى السويسرى اليمينى أوسكار فرايسنجر لتصريح منسوب لرئيس الوزراء التركى رجب أردوغان يقول فيه إن "المئذنة هى حربيتنا" مما دعا السياسى اليمينى مخاطبا شعبه " لا أريد لحرابة أن تنصب هنا فى سويسرا "، كما خرجت الفتاوى الإسلامية من سويسرا تطالب بوقف أنشطة الرياضة مثل السباحة بحجة أنها تتعارض مع تعاليم الدين الإسلامى الحنيف ، ومن منطلق ذلك أقيمت عدة دعاوى أقامها المسلمون هناك لإعفاء أبنائهم من دروس السباحة وهذا ضد فكر الدولة . خرجت فتاوى من قلب سويسرا تطالب بحظر الإحتفال بالكريسماس .. ومصادرة بابا نويل حيث أن بابا نويل يمثل رمز دينيا مسيحيا كما خرجت مطالب بتخصيص مقابر خاصة للمسلمين فى أماكن يحدونها بعيدا عن مقابر المسيحيين .... فتاوى أخرى تطالب المسلمون بتخصيص مذابح وسلخانات للذبح على الطريقة الإسلامية ... فتوى تصدر من الجوامع تطالب بمنع المرأة من العمل والبعض يطالب بضرب المرأة لتأديبها وهو ما ترفضه السلطات تماما ... فتاوى تدعو المسلمين إلى التوقف عن دفع الضرائب .. على إعتبار أنها تذهب إلى دولة الكفار والحكومة السويسرية ترى أن عدم دفع الضريبة جريمة كبرى هناك .. الخلاصة التى يجب أن ننتبه إليها أن بعض المسلمين فى أوربا يريدون أن يأسلموا كل شئ فى ظل مجتمع متسامح لا يعرف الكراهية أو أساليب الخديعة التى يجيد لعبها المتطرفين فى ظل مجتمع يؤمن بالديمقراطية وحرية الفكر وحرية الرأى وحرية العقيدة ... حتى عندما يكتسب المسلمين بعض القضايا والمكاسب يعتبرون أن هذه المكاسب دليل على حصانة وقوة الإسلام فى سويسرا ... وليست دليل على تمتع تلك الدولة بالديمقراطية .

خلاصة القول أن المتطرفين المسلمين فى أوربا هم الذين يصرون على الإساءة للإسلام ... وعلى الكتاب المتأسلمون الأشاوس فى مصر أن يلتزموا الموضوعية فى الكتابة لا الإثارة والتهييج ... فلم نسمع كلمة واحدة من هذه الحملة الغوغائية التى إنطلقت ضد سويسرا لإدانة قرار حظر بناء المأذن ورغم ما تم من أحداث إرهابية والإعتداء على أقباط فرشوط وحرق ممتلكاتهم وسرقتها وتدمير الكنيسة كذلك ما يحدث فى صعيد مصر من أحداث متكررة فهل الأقباط غير مصريين وهل الأقباط فى مصر أقلية ويعاملوا معاملة المهمشين مثل ما تدعو بعض المنظمات المتصهينة ، وهل الأقباط وافدين على المجتمع المصرى ومن أجناس عديدة ونحمل الجنسية المصرية بجانب جنسيتنا الأخرى وهل الأقباط فى مصر مواطنين درجة ثالثة ، وبالتبعية ليست لهم أى حقوق للمواطنة ... هذه دعوة للتساؤل للدولة ربما نجد إجابة عليها فكم إحترمنا تحذيرك للعالم الغربى من خطورة الإرهاب عليهم فلماذا تتركون الإرهاب فى مصر يعتدون على ممتلكات الأقباط ويذهقون أرواحهم بدعاوى سخيفة وأسباب واهية من ضمنها الإدعاء ببناء الكنائس أو رسم الصلبان أو إقامة سور فى بعض الأديرة أو ترميم دورة مياه أو إقامة صلاة فى حين يتم الموافقة على بناء الزوايا فى أى مكان فى أرجاء المحروسة كما يتم بناء الجوامع دون محاسبة .. نرجو إحترام العقائد وإحترام مواطنة الأقباط داخل مصر لأنهم هم أبناء البلد حتى لا تنقلب دولتنا إلى دارفور أخرى .. حماك الله ياأرض مصر من كل ما هو سئ ومن فلول التطرف والإرهاب ومن دعاة الفتاوى التى تحض على كراهية الأخر حتى تظل البلد أمنة .

رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
elnahr_elkhaled2009@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٣ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق