CET 00:00:00 - 26/05/2010

حوارات وتحقيقات

تحقيق: ميرفت عياد- خاص الأقباط متحدون
إن حرية الرأي والتعبير مكفولة للجميع طبقًا للدستور المصري والمواثيق الدولية، وهذه الحرية هي أحد الأدلة القاطعة على ممارسة الديمقراطية، ولعَلَّ هذا يُعدُّ -بشكلِ كبيرِ- مقياسًا لدرجة التقدُم والتطور لأي دولة.
ولكن عادةً ما تُوَاجَهُ تلكَ الحُريَّة بفكرة المُصَادَرة والوصَاية التي يفرضُها البعضُ على الكلِ، وبهذا تُعدُّ عملية المصادرة هي الوجهُ الأخرُ لعمليةِ التعصُّبِ وعدم قبول الأخر ورفض أفكاره المخالفة، وطَلَبِ مُحاكمته في ساحاتِ المحاكم من أجلِ تلكَ الأفكار.

والحقيقةُ التي يَجبُ على الجَميعِ أن يعترفَ بها، هي أن "الإنترنت" سَاعدَ على الحَدِ من مشكلةِ المنعِ والمُصادَرةِ إلى أبعدِ حدٍ، لأنَ هُناكَ كُتُبٌ كثيرةٌ تمَّ مَنعها ولكنها مُتَدَاوَلةٌ على الإنترنت بحريةٍ مطلقة، دونَ مَحاذير أو مُراقبة أو مُصادرة.

التعبير عن الأفكار المُخالفة لما هو سائد
ولأن فكرة منع وحظر النشر والمصادرة، هي قيود موضوعة فى مِعْصَمِ حرية الرأي والتعبير والإبداع، تَحدَّثنا إلى "عماد مبارك" المدير التنفيذي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير،  الذي أعلن عن رفضه لفكرة المُصادرة واللجوء إلى ساحات المحاكم لمحاكمة المُفكرين والمُبدعيعماد مبارك" المدير التنفيذي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير،  ين، معتبراً السلطة السياسية بجميع تشريعاتها وقرارتها، هي المَظهرُ الأول من مظاهر الحد من حرية الرأي والتعبير، هذا إلى جانب المؤسسات الدينية المُتمثِلَة في الأزهر والكنيسة، التي أصبحت تَفرِضُ رقابةً على المُبدعين والمفكرين، حيث أصدر الأزهرُ قرارًا بمصادرة كتاب للكاتب "محمد عمارة"، كما طالبَ "الأنبا بيشوي" بمنعِ عَرض الفيلم الأسباني "أجورا" في ختام بانوراما الأفلام الأوروبية، هذا بالإضافةِ إلى وجودِ العديدِ من فئاتِ المُجتمع (كالمُحَامين وأَسَاتذة الجَامعَات) الذين خَلقوا لأنفسهم دورًا رقابيًا غير مَنُوطٍ بهم على حِسَابِ الُمبدعين.
مشيرًا إلى أن التَنوُّع في تلكَ الرقَابة خلقَ نَوْعًا من الرقابةِ الذاتية لدى المُبدعين والمُفكرين، وذَلِكَ لكي يَتجنَّبوا الوقوعَ في المشاكلِ أوالمثول أمام القضاء في ساحاتِ المحَاكم أو الحبس.

 كل هذا من شأنه أن يُؤدي على المدى القريب إلى قتلِ روح الإبدَاع لدى المُبدعين، مؤكدًا على أن حماية حرية الفكر والإبداع والتعبير الواردة بالدستور، لا تُخص فقط الدفاع عن الأفكارِ السائدة والمقبولة لدى غالبية الناس، ولكن حماية التعبير عن الأفكارِ المُخالِفَة لما هو سائد في المجتمع.

القوانين المُقيِّدَة لحرية الرأي والتعبير
ويوافقه الرأي الأستاذ. "كريم عبد الراضى" باحث حقوق الإنسان بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، مُوضِحًا أن الدستور المصري يَحتوي على العديد من المواد التي تؤكد على: حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة، والبحث العلمي، والإبداع الأدبي والفني والثقافي، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق هذا.

 ذلك إلى جانب الموَاثيِق الدولية التي تَنصُ على أن: "لكل شخص الحق في حرية الفكر والتعبير"، ولكن هناك العديد من القوانين التي تُقيِّد تلك الحُريَّة مثل: "قانون سلطة الصحافة" الذي يجعل للمجلس الأعلى للصحافة الحق في إصدار تراخيص للصُحف، والإشراف عليها وتقييمها، وقانون الطوارئ الذي يُعطي الحقَ في مراقبة كافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها، وضبطها ومصادرتها وإغلاقها.

إشاحلمي النمنم" نائب رئيس الهيئة العامة للكتابعات عن مصادرة بعض الأعمال لترويجها
إن قضيةَ المصادرة للأعمالِ الإبداعية لها العديدُ من الجوانب، هذا ما أوْضَحه الكاتب الكبير "حلمي النمنم" نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب، مشيرًا إلى أن الحُريَّات -سواء الخاصة أو العامة- في المُجتَمعِ، تتراجعُ بصورةٍ كبيرةٍ جدًا، كمَا يَجبُ أن تتجنب المؤسساتُ العامة "مؤقتًا" نشر الأعمال الإبداعية التي يُمكنُ أن تثير هذا اللغط؛ لأن الذين يُطالِبونَ بالمُصادرة يَتعلَلونَ بأن هذه الأعمال تُنْشَرُ بـ "المال العام"، وأن المَالَ العام يُسْتْغلُ في غير ما خُصِّصَ لأجله، وبالطبع هذا كلامٌ منافيٌ للحقيقة؛ لأن المال العام لا يجب أن يُنفَقَ وفق "أجندة سَلَفيَّة"، هذا بالإضافة إلى أن بعض الناشرين يُروِّجوُنَ إشاعاتَ عن مُصادرة بَعض الأعمال لتروِّيجِهَا، أو لتلقي الدعم من المؤسسات الدولية.

وللأسف.. بعضُ الحالات تَنجَحُ في هذا، لكنها تُشيعُ مناخًا من الخوفِ، وتعطي المشروعية لمبدأ المصادرة، ومن هذهِ الحالات ما حدثَ في معرض القاهرة الدولي الأخير عن إشاعةِ خبر مُصادرة رواية "على إدريس" (الزعيم يحلق شعره)، أو إشاعة مصادرة أعمال "إدوار الخرَّاط" التي أصدَرتها دارُ الآداب في بيروت.

تكاتف جمي"ماجد أديب" مُديرُ المركز الوطني لحقوقِ الإنسان ع الجهات لإعلاء قيمة الحرية
ومن جانبه أضاف "ماجد أديب" مُديرُ المركز الوطني لحقوقِ الإنسان قائلاً: إن الفترة الأخيرة بدأت تزدادُ فيها جدًا دعاوى وبلاغات "الحسبة"، حيثُ قامت مجموعة من المحامين بتقديم بلاغ للنائب العام، بسبب قيام "الهيئة العامة لقصور الثقافة" بإعادةِ طبع كتاب "ألف ليلة وليلة"، بدعوى خَدشه للحياء العام، كما قامت مجموعه أخرى من المحامين بتقديم بلاغ للنائب العام ضد الكاتب "يوسف زيدان" مؤلف رواية "عزازيل" بادعاء ارتكابه جريمة ازدراء الدين المسيحى، معربًا عن أملهِ في أن يُطبَّقَ المَدلوُل الدستوري المُطلَق لحرية الفكر والإبداع ، وهذا الأملُ لن يتحقق إلا بتكاتف جميع الجهات المَعنيَّة بهذا الملف، وعلى رأسهم المُفكرين والمُبدعين واتحاد الكتاب والمنظمات الحقوقية، للتصدي لهذه الهجمة التي تنتقصُ من قيمة الحرية بمعناها العام.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق