CET 00:00:00 - 30/06/2010

مساحة رأي

بقلم: ق/ أيمن لويس 
استفزاز وعدم لياقة وكلام تاني كتير ملوش لازمة، هذا ما نسمعه نحن المسيحيين من إخوتنا غير المسيحيين شركائنا في الوطن..إنه حالة من النرجسية المستفحلة، والعجيب إننا نسمع هذا من بعض المثقفين ورجال الدين والقضاء. فمرة نسمع حكم يقول عندما يغير أحد الأبوين ديانته للإسلام فإن الأطفال يتبعون أفضل الابوين دينًا! وطبعًَا يكون الإسلام، ومرة يخرج علينا فضيلة المفتي يقول: إن من يدخل المسيحية يعلو درجة، ومن يدخل الإسلام يعلو درجتين! ومؤخرًا قال لي البعض بما تكلمت به  "د. سعاد صالح"- أستاذ الفكر المقارن، والداعية- في حوارها مع الأستاذ "جابر القرموطي"  في برنامج "مانشيت" 20/ 6 علي قناة "أون تي في".

 وللتأكد رجعت لبعض الروابط المُسجل عليها اللقاء، فسمعت وشاهدتها وهى تقول المسيحى طبعًا، عندنا أية قرأنية: " لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاًَ "، ولا تكون الرياسة للأقل دينًا!! لأن الرياسة قوامة.
 مش عارف أقول إيه؟ قمة الإستعلاء، والتعالي، والإهانة،  وعدم مراعاة المشاعر، عمومًا قالوا في الأمثال "مادح نفسه كذاب" إن لم يكن هذا إزدراء بالدين فما هو؟!

فعند سماعنا هذا الكلام للمرة الأولي قلنا: ربما ذلة لسان، وعندما تكررت للمرة الثانية اعتبرنا أن المتحدث يعبّرعن نفسه بمشاعرالإنتماء يغلفها روح التعصب، ولكن عندما يكون الأمر متكررًا، إذًا فالأمر بالفعل جاد، ويعبّرعن قناعة ومنهج عقائدي، ومن المؤكد أن هذا الإتجاه ينتج عنه تأثيرات ضارة بنسيج الوحدة الوطنية فى منتهى الخطورة.

 وإذا كان هذا حوار أهل العلم والثقافة، ومن يصفونهم بالوسطية والإعتدال، فكم يكون قول المتشددون، والسلفيون، وعامة الناس البسطاء الذين يتلقون منهم العلم والمعرفة؟!
 وإذا كان هذا ما نراه بعيوننا، ونسمعه بأذاننا، فما مقدار ما لم نسمعه؟!!
وإن كان هذا ما يُقال في العلن فكم يكون ما يقال في السر؟!! ..
 فأنا لا أقبل أن يقول زميل ابني الذي يجالسه في الفصل فى المدرسة إن ديني أفضل من دينك، وإنك أقل منى في الدين، وقس على ذلك الجهلة والبسطاء الذين يجاورون مسيحيين، وهم يشعرون بهذا الشعور بالتعالي وبالنرجسية، فمن خلفية هذا التعليم نعيش محنة اليوم وأزمة الواقع المرير.

 وإننى أوافق الكاتب الكبير الدكتور "خالد منتصر" فيما ذكره بجريدة "المصرى اليوم" بتاريخ  الأربعاء 23- 6-2010( هو حديث في منتهي الخطورة لأنه سيرسخ مفاهيم الولاء والبراء التى أفرخت طيور الظلام وجماعات الإرهاب، وعشنا نكتوى بنارها سنوات طويلة، ودفعنا ثمنها جثثًا ونزيفًا إقتصاديًا، وشبابًا فى غياهب السجون، وأحراش كابول، وصفوف طالبان والقاعدة، مفهوم إقصاء الأخر ونفى المختلف، وتكفير أصحاب العقائد المغايرة، هذا المفهوم الذي لم يقتصر فقط علي الرئاسة، ولكنه امتد إلي رفض المدير المسيحي، أو المحافظ المسيحي، أو رئيس الجامعة المسيحي...الخ).

 الدكتور الفاضل: إن الأمر لم يقف عند حد رئيس الجامعة، وموضوع المناصب. إن المشكلة الأكبر في العلاقة في الشارع بين الناس البسطاء في مجتمع به نسبة كبيرة من الأمية، إننى أتذكر منذ عدة سنوات مضت، كان هناك لاعبًا مصرياَ فى كرة القدم مسيحيًا نابهًا اسمه "هانى رمزى"، كان يلعب بالمنتخب قبل أن يعلو ليكون منتخب الساجدين، وكان مدربًا لمنتخب أجنبى أراد أن يجعله كابتن للفريق، وأتذكر كيف هاج وماج وثار عدد من النقاد الرياضيين بالصحف الرسمية على هذا الإختيار، وبالطبع لم يتم!

ومرة اختارت إحدى المدرسات طالبًا مسيحيًا متميزًا فى مدرسة أبتدائى ليكون الالفى على الفصل، فأعترض أستاذ العربى لأنه لا يجوز شرعًا أن يكون قائدًا على آخرين من غير المسيحيين.

 وعامل بناء من العاملين بالخرسانة المسلحة، رفض أن يكون مع فريق العمل؛ لأن قائد الطبلية بحسب لغتهم مسيحى، وقصص أخرى كثيرة.
 مما لاشك فيه، أن السلوك العدواني، ومظاهر العنف التى نعانى منها، محركها الأول هو منطق التعالي والسيادة الشائع، والذى يسيطرعلي الكثيرين من الأغلبية في حق الأقلية.

 وعودة للداعية، فالحديث عبارة عن مجموعة متناقضات لأفكار مهلهلة، مما يجعله بعيد عن المنطق. فعلى سبيل المثال نجدها في معرض حديثها تتحدث عن احترام الآخر...ولكنها فى ذات الوقت تقدم له الإهانة والتقليل!،  وتنتمي لحزب سياسي علماني، لكنها تؤمن بالدولة الدينية، وعدم المواطنة. وفي صراحة مطلقة تُعلن إنها تهدف لإستخدام حزب الوفد لتفريغ طاقاتها الدعوية، أى اختراق دينى للآحزاب السياسية لتديين السياسة!، ثم  تتحدث عن الحقوق، لكنها تؤمن بالتمييز بين فئة وأخرى علي أساس طائفي، وفى مداخلة الأستاذ "صلاح سليمان" من حزب الوفد، تطالبه بأداب الحوار بأسلوب لا يخلو من التطاول، ولكنها أبعد ما يكون عن تطبيقه!، ثم نراها تتبنى أفكارالتفسير المتحرر لتبدوا منفتحة في قضية المرأة بما يخدم طموحاتها، لكنها متشددة مع الآخر متبنية الفكر السلفي والإخوانى!. ثم أخذت تقدّم تبريرًا لما تقوله، عبارة عن كلام فارغ وفاضى وغير مقنع لا يسمن ولا يغنى.

صحيحٌ هناك قلة من الإخوة المسلمين لم يعجبهم هذا الكلام، وأعلنوا الإعتراض على تفسيرها للنصوص القرأنية، لهم منا كل الشكر والتقدير. ولكن يبقى هذا الإتجاه (الإحساس بالتعالى) هو الأكثر شيوعًا. ومعه يبقى الجرح والتأذى.

 إن نظرية التعالى الدينى ليست حديثة، فمنشأها الديانة اليهودية، لأنهم أول من أستلم رسالة التوحيد، كما يؤمنون بأنهم شعب الله المختار، وملكيتهم ليهوه (الله)، وهم خير أمه  "لأنه أى شعبٍ هو عظيمٌ  له آلهة قريبة منه كالرب إلهنا فى كل أدعيتنا إليه؟ و أى شعب هو عظيم له فرائض وأحكام عادلة مثل كل هذه الشريعة " (تثنية 4: 7 - 8 ).

وفى الأخير..وأنا أكتب هذا المقال أجد كثيرًا من آيات الكتاب المقدس تزاحم أفكارى؛ لأن منها كان كلامنا وأفعالنا نحن معشر المسيحيين،  فالإيمان المسيحي  ليس عبادات وفرائض ومظاهر للشو، بقدر ما هو معاملات وسلوك واحترام الآخر، وأى عبادة دون سلوك فهى باطلة. (مت 5: 23- 24).
 أشكر إلهي من أجل نعمة الإيمان المسيحي الذي علمنى أن من لا يحب أخاه الذي يراه لا يعرف أن يحب الله ( 1يو20  )، وأن المحبة لا تحتد، ولا تقبح، ولا تتفاخر، ولا تنتفخ (1كو4:13).

ويعلمنا السيد المسيح له المجد "سمعتم أنه قيل لا تقتل، وأما أنا فأقول لكم: من قال لأخيه رقا (أى فارغ أو تافه) يكون مستوجب المجمع (المجلس الأعلى للقضاء)، ومن قال: ياأحمق، يكون مستوجب نارجهنم! ( مت 5: 22 )، كما يعلمنا أيضًا إنه لا تمييز بين بنى البشر "لأنه هكذا أحب الله العالم" ( يو 3: 16 )، مسيحيين وغير مسيحيين، والناس في الأرض متساوون، وأما أجرة الإيمان والمجازاة ففي الأبدية.. يسلام على الكلام!  لهذا أفتخر إنى مسيحي، وأرى أنه الأفضل، ويؤيدنى فى هذا أكثر من (2) مليار ونصف من سكان المعمورة.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ١٥ تعليق