الاثنين ١ يوليو ٢٠١٣ -
٠٩:
٠٨ ص +02:00 EET
بقلم: القمص أثناسيوس فهمي جورج
فى محفل لاهوتى كبير قامت الكنيسة بتكريم عالميْن من علماء اللاهوت الارثوذكسي المعاصر. وذلك فى السيمنار اللاهوتي بمعهد الأنافورة يوم الاربعاء ٢٦ مارس ٢٠١٣. عندما كرم قداسة البابا تواضروس الثاني ومعه نيافة الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس؛ العالميْن الجليليْن؛ الدكتور موريس تواضروس عبد مريم والدكتور نصحى عبد الشهيد؛ على دورهما الريادي الجليل فى مجال التعليم والبحث اللاهوتى.
وقد كان التكريم في قاعة مدرسية لاهوتية فى الأنافورة بحضور طغمات الكنيسة وعلمائها وباحثيها. فجاء تكريمهما مجمعيًا و آبائيًا؛ مؤكدًا أن الكنيسة أمنا هي أم الأولاد الفرحة التي تذكر أصحاب الفضل وتفتخر بالجهاد الروحي والنسكي والتعليمي؛ وهو ما انطبق بكل معاييره على المكرميْن الجليليْن الذيْن أوقفا حياتهما وكرساها لخدمة الكنيسة؛ وتعلّما تحت أرجل الآباء القديسين؛ حامليْن الدنيا كلها بتواضعهما، فأظهرا وأثمرا وأنتجا وتكاثرا ورأيا غروسهما وأغصان شجرتهما ومركبهما قد أوسقت خيرات بستان فردوس الآباء .
إنهما مثالان في القداسة والتقوى التي لا يمكن فصلها عن العقيدة أو النظام التعليمي الكنسي.. وهما أيضًا وجهان من نور؛ قدما إنتاجًا من نمط الحياة الرسولية والقدوة الشخصية الممدوحة؛ بشهادة الذهن ويقين الرجاء؛ الذي به تغلبا على صعاب الطريق متسلقين المرتفعات بغيْرة منقطعة النظير، بعيدًا عن ضيق الفكر والجهل المطبِق، فصارا عالميْن للاهوت؛ مكرميْن بكل ما تحمل الكلمة من معنىً .
إن هذا التكريم فخر لكنيسة المسيح المعاصرة؛ التى تُعلّي قيمة الدراسة والاجتهاد البحثي لكل من يصعد مصاعد الحكمة والمعرفة وثمارها اللاهوتية.. ولكل كارز بصلاح الله؛ متتلمذًا لفكر الآباء معايشًا لخبرة القديسين بلهيب الغيرة الإلهية . ولا يمكن أبدًا إغفال دور العالميْن كليهما فى إثراء وإحياء حركة الدراسات الآبائية المعاصرة بمصر فى هذا الجيل، ودورهما فى نمو علم الباترولوجيا؛ ومسيرة اللاهوت الآبائي، ومساهمتهما فى تطور الاهتمام بدراسة الآبائيات وازدياد الوعي به، محكومين باشتياقاتهما الصادقة، عامليْن بأقوالهما، متكلميْن بأعمالهما .
لقد أعطا المثل الحسن في الأقوال والافعال، متحلّين بوداعة العلماء القديسين المحبين لمجد الله بمخافة؛ متأسسين على أساس البيعة المقدسة والأمانة الأرثوذكسية. عقولهم ساجدة وأذهانهم مقدسة وألسنتهم متكلمة اللاهوت، وخبرتهم ومثابرتهم هي عنوان وقدوة لكل من يريد أن يمتثل بمعالم السبيل .
إنها مناسبة تستحق الاحتفاء والفرح؛ وهى مفعمة بالدلالات الرمزية التى تواصل التيار الآبائي المتدفق فى الكنيسة؛ ليكون تيارًا ساريًا وجاريًا ولا ينقطع؛ وهو موجب الاستمرار فى كنيسة الآباء مهما كانت فواصِلُ الزمن؛ بحسب منطق الأشياء؛ التي لم تتوقف فى مسعاها، والتي حملها فى هذا القرن : القس منسّى يوحنا والقمص مرقس داود والقمص صليب سوريال والقمص بيشوى كامل والاب متى المسكين والقمص تادرس يعقوب والأنبا غريغوريوس والأنبا باسيليوس والأنبا صموئيل والأنبا يؤانس والأنبا بيمن والأرشيدياكون حبيب جرجس ومؤسسة دير القديس العظيم الأنبا مقار ومؤسسة بيت التكريس ومجموعة إكثوس الآبائية؛ مع باقة من المعاصرين يسعون نحو الغاية المطلوبة، (تكوين ثم امتداد فى الحاضر ثم استمرار كالرواسي من جيل إلى جيل).
وبالجملة فقد جسّم التكريم قمية الالتزام بالتقليد الآبائي (الحُجة الآبائية)، بمسيرة البحث العلمي المؤسس على معرفة الخبرة وخبرة المعرفة التي صارت خبرًا .. وقد خرجت قوة عظيمة من هاتيْن اليديْن اللتين للمكرمين؛ والتي هي عطية إلهنا؛ الثالوث القدوس الممجد؛ الآب والابن والروح القدس.