الثلاثاء ٢ يوليو ٢٠١٣ -
٠٦:
١٢ م +02:00 EET
بقلم:عزت بولس
كثيرة هي التكهنات عن أسباب ونتائج تحركات السفيرة الأمريكية "آن باترسون" المكثفة خلال الأسابيع الماضية قبيل ثورة 30 يونيو المصرية الخالصة ،للقاء عدد ممن يطلقون عليهم رموز سياسية وقيادات مدنية وفكرية ،إضافة للقاء المهندس خيرت الشاطر، ذلك الرجل المُحير في فهم دوره بالرئاسة التي تم إدارتها وتوجيهها من قبل مكتب إرشاد المقطم برعاية الشاطر، ومتابعة الطبيب البيطري المرشد العام للإخوان المسلمين .
لتفهم الحيرة والتخوفات والتوقعات والتكنهات وغيرها من جدل حول تحركات السفيرة الأمريكية ، علينا أن نعود للوراء سنوات قليلة قبيل بداية الموجة الأولى من ثورة المصريين 25 يناير ،لنجد أن الأقباط ولعقود طويلة اعتقدوا خاطئين أن أمريكا عونًا لهم في قضيتهم لتحقيق المواطنة الكاملة ،ووفقًا لهذا التصور تحرك الأقباط لمحاولة كسب ود السياسيين الأمريكان بطرق في مجملها لا تخرج عن حدود إنها "عاطفية" ،ولعلنا نتذكر كيف كان يستقبل الأقباط السفيرة الأمريكية السابقة " مارجريت سكوبي" بعاصفة من التصفيق الشديد - أثناء حضورها أي مناسبة دينية كانت أو اجتماعية داخل الكنيسة - كنوع من التحية والتأييد معًا للفكر الأمريكي .
ذلك الشكل العاطفي من الدعم القبطي للفكر الأمريكي تم، على الرغم من علم الجموع القبطية وتحديدًا أقباط المهجر بلقاءات الإدارة الأمريكية الداعمة، وربما المعجبة للإخوان المسلمين كنموذج للإسلام السياسي – السبب الرئيسي والداعم الأساسي للتمييز على أساس الدين ضد الأقباط – ولكن ظل الأمل داخل الجموع القبطية بأن تقدم لهم أمريكا العون لرفع التمييز الديني ضدهم ،أو حتى مجرد أن تضع قضيتهم على جدول أولوياتها،وإن كان أقباط الداخل لديهم العذر – فهم كالتائه بالصحراء الذي يظن أن السراب ماء يرويه – فإن أقباط المهجر لا يمكنني تقييم رؤيتهم تلك لأمريكا بذات معايير أقباط الداخل.
ولهذا لا أفهم كيف تصوروا أن الإدارة الأمريكية تكترث للحقوق القبطية داخل مصر؟ كيف لهم الانزلاق في تصورات وهمية تمتد لحد الإستقواء بالإدارة الأمريكية تلك لدعم قضية عادلة لأقباط مصر ؟ ألم يفهموا الدرس من مسيحيي العراق الذين قتلوا ومُثل بأجسادهم على بعد أمتار قليلة من القواعد الأمريكية ببغداد؟
أمريكا لا تنظر للضعفاء ،ولا تهتم بقضايا عادلة بالمعنى الحقيقي للعدل ،هى فقط تبحث عن القوي والمؤثر والذي من خلاله يمكن أن تحمي أمن إسرائيل أولا ،وثانيًا مصالحها المتغيرة والمرتبطة بشكل أو بأخر بالعنصر الأول السلامة لإسرائيل ،وفي حقيقة الأمر هى لم تجد أفضل من قوى الإسلام السياسي، لتدعمها وتصل معها لأهدافها – فقوي الإسلام السياسي الأكثر كراهية لأوطانها فانتماءهم الأول لما وضعوه هم من أيدلوجيا نفعية مسيئة للنص الديني الإسلامي- أي أن الأقباط لو ظلوا يأملون أو بمعنى أدق يحلمون بالدعم الأمريكي، دون أن يكون لهم إستراتيجية واضحة للضغط وليس فقط مجرد التأثير على الإدارة الأمريكية ،فأقول لهم " لن تصلوا لأي شيء".
يا أقباط مصر لقد حان الوقت في أن يكون لكم دور أكبر حقيقي ومؤثر في الحياة السياسية المصرية مع المسلم الليبرالي المؤمن بالمواطنة والمقُدر لقيمتها ،لا يمكنكم الاستمرار في محاولات جذب التعاطف ،العالم من حولنا لا يمنح أي مساحة للضعيف بل لا يحترمه أيضًا ، والغرب وتحديدًا أمريكا يعلم جيدًا أن الانفعال المصري يزول سريعًا،حتى لو تم التعبير عنه بأقسى الكلمات ويبقي فقط تأثير من هو قادر على صناعة أداة ضغط على قرارات إدارات المصالح والتوازنات والحسابات .
بيانات الشجب .....مصطلحات الغضب وكلمات العنف اللفظي ....الصياح أمام كاميرات الفضائيات ...كلها أمور لم تكن مجديه والآن أصبحت مقززة وليس أمامنا سوى تعلم قواعد اللعبة السياسية ،فهل لنا أن نبدأ بلاعب تحت التمرين لكنه مجتهد ؟