الأقباط متحدون - ليسوا نظاماً ولم تكن دولة
أخر تحديث ١٩:٢٤ | الخميس ٤ يوليو ٢٠١٣ | ٢٧ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٧٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ليسوا نظاماً ولم تكن دولة

أكتب هذه الأسطر فى لحظة حاسمة من تاريخ مصر، وقد تبقت عدة ساعات على مهلة الجيش، وأصوات المتظاهرين تأتى إلىّ من الشارع لا يطغى عليها سوى أصوات الألعاب النارية لشعب قرر أن يحتفل قبل حتى أن يعلن حامل الراية عن النهاية.
 
من المؤكد أن ما سيحدث خلال الساعات القليلة القادمة مهم جدا، لكن من المهم جدا أيضا أن نستوعب حقيقة ما جرى، التى يكشف عنها الصراع الدائر الآن فى مصر، وأهم ما يتضح لنا من صورة الحاضر هو حقيقة هذا الماضى القريب، الذى عشناه عاما كاملا وحقيقة من حكم المشهد طوال هذا العام، ولا أقول حكمنا، لأنه فى حقيقة الأمر لم يحكمنا، بل تحكم بالمشهد، ولم يتحكم لا بالشعب ولا بالدولة فى يوم من الأيام، ولهذا كان سقوطه سريعا ومدويا، ولهذا لا يمكننا حتى أن نتحدث عن لحظة سقوط نظام، كما حدث فى سقوط نظام مبارك، لأننا فى الواقع لسنا فى مواجهة مشهد يؤرخ لسقوط نظام، لأنه لم يكن نظاما فى أى لحظة من اللحظات، التى عاشها على مدى عام كامل ببساطة، لأن النظام يتحكم بالدولة، وتدين له الدولة بالولاء، أما جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسى فلم يكونوا سوى جماعة استطاعت أن تصل إلى السلطة فى لحظة فارقة باستخدام آلتها الانتخابية ذات الخبرة مدعومة بتدين العديد من المصريين، وعداء الآخرين من الثوار، وغيرهم لنظام مبارك، مما لم يكن ممكنا معه القبول النفسى بفوز أحمد شفيق.
 
 كل هذا لم يوفر لمرسى سوى فارق ضئيل جدا من الأصوات أكد فى كل لحظة منذ ذلك الوقت أن شرعية هذا الرئيس على المحك، ثم بدأ يتضح لنا تدريجيا، وبشكل محسوس وإن كان غير معلن أن الدولة بمؤسساتها تستعصى على الرئيس وجماعته. من هنا لم يتحول مرسى والإخوان فى أى يوم من الأيام إلى نظام سياسى بالمعنى المفهوم، وظل مجرد جماعة استولت على السلطة، لذا سعت هذه الجماعة للاستيلاء على المؤسسات، التى يمكن أخونتها لتدين لهم بالولاء، وقد حدث هذا فى الوزارات والمحافظين، ورؤساء العديد من الهيئات، إلى جانب الاستيلاء على الإعلام الرسمى من إذاعة وتليفزيون وصحف قومية، ثم نائب عام خصوصى. سار التمكين بأقصى سرعة، لكن ظل مرسى يحكم بالكرسى، ولا يدير الدولة لأن المؤسسات التى تجسد سلطات الدولة ظلت مستعصية عليه، لذا يمكننا أن نسأل السؤال الآن بهذه الطريقة بمن كان يحكم مرسى، وبمن كان يدير، بل يصبح السؤال الآن هو إذا ما كانوا حتى هذه اللحظة يكابرون ويكذبون، بل يدعون أن كل هذه الملايين ليست سوى لقطات أرشيفية لثورة يناير وإذا كانوا يدعون إلى النفير العام، ويدعون إلى الاستشهاد من أجل بقاء مرسى، فأنا أسألهم بمن يمكن لمرسى أن يحكم إذا لم يكن يملك لا ولاء المخابرات ولا الجيش ولا الشرطة ولا القضاء. بمن يحكم إذا لم تكن كل مؤسسات الدولة فى صفه؟ لقد جرى القفز على الدولة واستعداء المصريين جميعا بلحظات لا يمكن أن تنسى. لحظة تصدر قتلة السادات احتفالات أكتوبر.
 
 لحظة الدعاء على المصريين من أهله وعشيرته. لحظة مقتل جنودنا فى رمضان..الموقف من خطف جنودنا فى سيناء وإدارة الأزمة.. خبايا قصة خطف ضباط الشرطة.. تداعيات كشف دور حماس فى ثورة يناير، ثم تهديد قيادات الإخوان للمصريين بأنهم سوف يأتون بهم للتصدى لنا إن رحل مرسى.. كل ذلك وغيره كثير جسد حالة وجود جماعة فى الحكم تحكم بعيدا عن الدولة، بل هى فى الحقيقة تستهدف الدولة المصرية من هنا بدأت الصورة تتضح شيئا فشيئا لتكون فى أقصى درجة وضوحها الآن فى هذه اللحظة نحن لسنا أمام نظام ينهار بل أمام عصابة يتم تضييق الخناق عليها.

نقلا عن المصري اليوم
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع