السبت ٦ يوليو ٢٠١٣ -
٤٠:
٠٨ م +02:00 EET
بقلم : رءوف إدوارد
في المسيحية وفي المسيح لم يعُد الله يتعامل مع الإنسان من خلال حُجُب وظلال ورموز وأحلام . ولا من خلال شعب غبيّ غليظ الرقبة.
ولا بكلمة أو وصيَّة منقولة عن آخر يصيغها نبيّ أو فم بشر هو بحد ذاته أعجز من أن يحققها.
إنما في المسيحية وفي المسيح نسمع الله مباشرة ، ونقبل نعمته مجاناً بلا حدود. لا بسمع الأذن ، ولا بفهم الكلمة حيث يحتاج الأمر إلي ذكاء وتعلم. ولكن بفعل الروح، بسر القوة الإلهية العاملة في الإنسان في الداخل. بإقناع يفوق العقل ويفتح البصيرة . و المسيح عندما يسمِّي نفسه " ابن الإنسان" ، فهو ينبه ذهننا أن الله قد اختار أن يُستعلَن لنا بعيداً عن الإحتكارات الإنسانية أو الزمانية لجيل ما أو لأمة أو لشعب أو لأسرة ، أو حتي لنبي، بل في " ابن الإنسان ". في تجسد المسيح سكب الله نفسه بلا أي مانع، وبكل سخاء نعمته ، كاشفاً عن كل لطفه وحبه الفادي لكل بني البشر، معلناً عن حياة جديدة للإنسان. فمن وراء اللقب المتواضع " ابن الإنسان " يحتضن المسيح البشرية كلها بين ذراعيه ، جامعاً إياها في جسده بكل مافيها وكل ما عليها علي وجه الإطلاق، ليكون الله في المسيح لكل البشر . ف " ابن الإنسان" هو المسيح " ابن الله " حاملاً البشرية في كيانه كرأس لها وهي جسده . " ابن الإنسان" هو " ابن الله ونحن". ف" ابن الإنسان" هوهو المسيح مستعلناً لاهوته في بشريته. فالمجد والسلطان والقوة لا تُفارق بشريته، وإنما أضافت بشريته إليه إمكانية نظرنا إليه ورؤيته الكاملة والتعُّرف عليه والاقتراب من لاهوته بل والشركة معه. ففي المسيح " ابن الله " أَعلَن الله عن ذاته مباشرةً للإنسان وبدون وسيط . وفي المسيح " ابن الإنسان" تقابلت البشرية مع الله مباشرة كالأغصان في الكرمة.
فلماذا المسيحية؟ لأن "ابن الله" في صورته الأزلية نزل من السماء ، " كإبن الإنسان" ، ليجمع في شخصه البشرية المختارة ، ويصعد بها إلي السماء . والجسد الذي أخذه من بشريتنا لايفارقه ، وهو قائم دائم في أوَج مجده وسلطانه.
قال السيد المسيح " النور معكم زماناً قليلاً بعد، فسيروا في النور لئلا يدركم الظلام " يو12: 35 فهو النور الحقيقي لمن يسيرفي النور، أما لمن يسير في الظلام، فالمسيح حتماً يبقي إلهاً مُحتَجباً. ف"ابن الإنسان" هو الحجاب الذي كان يختفي وراءه المسيح حتي لا يُدركه الذين يُبغضون النور الحقيقي. والسبح لله.
إعداد د. .( مع الإستعانة بعبارات كثيرة من كتابات الأب متي المسكين
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع